حكايا الخليل.. الحاج بدر سيوري صانع برادع الخيل

2018-02-15 13:16:07

الخليل- رايــة: طه أبو حسين-

يكاد الحاج بدر سيوري (أبو العبد)، بكوفيته الحمراء ذات النقش الأبيض "الشماغ"، والعقال الأسود، والضحكة المشرّعة في الحواري المغلقة بالخليل العتيقة؛ لا يقول جملة واحدة إلا وختمها بعبارته الشهيرة ( يا معلم).

(إغلي يا معلم)؛ بهذه الجملة الخليلية الأصيلة، التي تنفّسها الحاج بدر السيوري (67 عاما) ضاحكاً، بدأت معالم قصته ترسمُ نفسها على الخريطة التوثيقية لحواري وشخصيات الخليل العتيقة التي تتعرض لجملة شرسة من التهويد والاستيطان.

"ولدت في حارة الحوشية بالبلدة القديمة، واشتغلت في عدة مهن، بدأت كعتال، ثم صانع برادع الخيل والدواب وفيها اشتهرت وعرفت، والان فتحت دكانة في شارع الشلالة لأتسلى فيها بعد هذا العمر" قال سيوري.

قش القمح، أكياس، الكاوشوك، قماش، حبال، خيط؛ مكونات البرادع التي كان يصنعها الحاج بدر سيوري في دكانته الخاصة بالبلدة القديمة، ويومياً كان ينتج ما معدله بردعتين الى ثلاث، فكل واحدة تستغرق قرابة ثلاث ساعات الى أربعة لتكون جاهزة.

يستذكر سيوري الطلب المزراعين على البرادع قبل عقود "كانت الناس تبحث عن الاراضي، تحرث وتزرع باستمرار، فالمحال الخاصة بالدواب في شارع الشهداء حوالي 7 دكاكين تبيع برادع، يوميا كنت أبيع ثلاثين بردعة تقريبا، أما اليوم لا نبيع بردعة باليوم". ثم استأنف ضاحكاً "اليوم يريدوا برادع للسيارات يا معلم".

كان سيوري يجد متعة كبيرة في صناعة البرادع، غير أنه ترك المهنة بعدما كبر سنّه، وفي ذلك يقول "أحن لتلك الايام، فكانت الناس طيبة، أما اليوم كلها أفلام، وكله يضحك على كله".

أكثر ما يزعج الحاج بدر عدم امتثال الصغار لتوجيهات الكبار، فيعود بذاكرته للوراء "كان الحاج موسى أبو اسنينه والشيخ محمد علي الجعبري يمونوا على كل البلد، اما اليوم الأب على اولاده لا يمون".

يقف سيوري أمام الواقع متذمراً من الحالة المجتمعية التي وصل إليها أهل الخليل وفلسطين "كل الدنيا تغيرت، والتلفونات، ابعت صورتك وابعتي صورتك، كلمني وما بكلمك".

أما حكايته مع الفيسبوك "انا ما عندي فيبسبوك ولا بفسبك، انا أقول للناس ترجع وتلتزم بالصحيح، فالفيس بوك، اذا بجيب الخير للناس صحتين، وليس غلط، فالعلم في تطور، لكن لا تكون للفساد".

لم ينفك الحاج بدر من سرد الحكايات ومقارنته الواقع بالماضي، مبدياً مدى حنينه لما كان والسنين التي خلت، لا سيّما ذكرياته في شارع الشهداء المغلق منذ عام مجزرة الحرم 1994.