الرواتب لم تصرف.. هل بدأت اجراءات السلطة في غزة؟

2018-04-16 16:20:17

خاص – راية: سامح أبو دية

عام كامل على بدء خصومات رواتب موظفي السلطة الوطنية بغزة، ضمن اجراءات الرئيس لإنهاء الانقسام واستعادة قطاع غزة، والتي أدت الى تدهور ملموس في حياة الغزيين الاقتصادية عامة والموظفين خاصة.

مر اسبوعين على تأخر صرف رواتب الموظفين العموميين منذ ان صرفت لنظرائهم في الضفة، لتبدأ آثراها السلبية تلقي بظلالها على بيوت هؤلاء الموظفين وعائلاتهم.

جزء منهم ينتظر انتهاء الخلل الفني الذي أعلنت عنه وزارة المالية، وآخر بات لا يظن ذلك معتقدا ان اجراءات الرئيس محمود عباس العقابية بدأت بالفعل.

\

أيمن الدريوي أحد موظفي السلطة بغزة منذ 24 عاما، يعيل أسرة من 7 أشخاص، ويعتمد على راتبه الحكومي بشكل أساسي، والآن لا يجد قوت أبنائه بعد تأخر صرف الراتب، وفق تعبيره.

الدريوي (45 عاما) يوضح ان ما آلت اليه الظروف وكيف تغيرت حياته، يقول: "قبل عام كنت اتقاضى 4200 شيقل، تقلص تدريجيا الى 1000شيقل ، ثم الآن لا شيء"، مشيرا الى أنه اضطر الى ايقاف ابنائه عن الدراسة الجامعية فورا.

وبنبرة صوت يائسة، يقول: "الحياة توقفت بالكامل"، يضيف "اتخذ عدة اجراءات في حياتنا، منها ايقاف جميع الفواتير (الهاتف والجوال والانترنت)، بالإضافة الى التوقف عن الإيفاء بالتزاماته اليومية للدائنين".

وتعقيبا على اجراءات الرئيس عباس، اعتبر الدريوي أنه كان يجب أن تتخذ منذ اول يوم في الانقسام وليس بعد 11 عاما، يضيف: "تلك الاجراءات لا تمس حماس، انما تمس الموظفين، وهم الذين تحملوا تبعات الانقسام وفشل المصالحة".

ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للشاب أحمد بركات (33 عاما)، فانقطاع الراتب أثر بشكل كبير على حياة اسرته التي تعيش على راتبه، يقول: "هذا الراتب هو ما يجعلنا نصمد في ظل هذا الوضع المأساوي".

بالأمس كان بركات يلجأ الى محلات البقالة لاستدانة الأغراض المعيشية اليومية التي تحتاجها أسرته، "أما الآن فلم يعد صاحب البقالة يسمح لموظفي السلطة بالاستدانة".

من جانبه بدأ الموظف أبو حازم (38 عاما) حديثه مباشرة بالقول: "اتحدث معك الآن ولا أملك شيقلا واحدا في جيبي أو في منزلي"، فقد وصل الى حد الفقر المدقع، في ظل مرض أحد ابنائه، الذي يحتاج الى مصروفات غير عادية، وفق قوله.

وقف صرف راتب هذا الموظف تسبب في شلل تام لحياة اسرته المكونة من 6 أفراد، مشيرا الى أن تلك الخطوة "تعاقب الموظفين والشعب ولا تعاقب حركة حماس”.

هؤلاء الموظفين أعربوا في أحاديثهم لمراسلنا، عن وقوفهم الى جانب الرئيس عباس في خطواته لإنهاء الانقسام وانهاء تلك الحالة البائسة التي يعيشها أكثر من 2 مليون مواطن، ولكن بعيدا عن رواتبهم التي اعتبروها حقا شرعيا لأطفالهم، ويجب صرفها فورا.

نقيب موظفي السلطة بغزة عارف أبو جراد، أشار الى أنه لم يصدر قرار رسمي بوقف صرف الرواتب، في انتظار رد من وزارة المالية حول تأخر صرفها حتى الآن.

وأوضح أبو جراد لـ "راية"، ان تأخر صرف الرواتب يزيد تفاقم الأوضاع الاقتصادية "المتدهورة أصلا" ويسبب خللا في الاقتصاد الغزي، محذرا من انهيار اقتصادي واجتماعي كامل في قطاع غزة.

وطالب بعدم وضع الموظفين في المناكفات السياسية، وألا يكونوا "ضحايا انقلاب ومصالحة في ذات الوقت"، معتبرا أن راتب الموظف حق مقدس يجب صرفه دون تأخير، من أجل استمرار "عجلة الاقتصاد".

من جهته، قال القيادي في حماس احمد يوسف، إن اجراءات الرئيس عباس ضد قطاع غزة ومنها عدم صرف رواتب الموظفين، لاقت رفضا كبيرا لدى المواطن الفلسطيني بشكل عام "لانها تمس الوطن والمواطن وصمود غزة وتعاظم حجم معاناتها".

وأضاف يوسف لـ "راية"، "يفترض ان يكون الدعم كافٍ لتقديم المساعدات لكل ما يجري الان في غزة، من مسيرات العودة وحجم الاصابات الكبيرة"، معتبرا أن كل الاجراءات التي اتخذت لم تكن موفقة وغير صحيحة لتوفير أجواء ايجابية لإنجاز المصالحة.

كما اعتبر أن تلك الاجراءات التي وصفها بـ "العقابية"؛ تكرّس الانقسام وتدفع بغزة نحو الانفصال، واضاف: "اتخاذ المزيد من الاجراءات ضد الموظفين هي انهاك واضعاف للحالة المعيشية الفلسطينية بطريقة تدعوها للخنوع والاستسلام".

وتابع يوسف: "هذه الاجراءات اساءت للحالة الوطنية ووسعت حجم الاصطفافات، ولا تريد لهذا الاصطفاف أن يشكل حالة انقسام أخرى تتعمق معها الحالة الموجودة".

وتمنى القيادي في حماس على الرئيس أبو مازن؛ اعادة النظر في اجراءاته ضد غزة والوصول الى قناعات أفضل في كيفية بناء علاقة تعزز من قدراتنا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الاحمد ، قال إن عدم صرف رواتب موظفي السلطة بغزة، هو نتيجة خلل فني أعلنته وزارة المالية، وانه لم يصدر قرار حتى الآن بإيقافها.

وشدد الأحمد في حديث للإذاعة الرسمية، على أن أي إجراءات يتم اتخاذها من قبل الرئيس والحكومة هي بحق حماس لإضعاف "سلطة الانقلاب وسلطة الأمر الواقع المتمردة في غزة"، مجددا التأكيد على أن "القيادة لن تتخلى عن أهلنا في قطاع غزة".