صفقة القرن والوجه الجديد للتسوية

2018-06-22 09:08:59


في الوقت الذي تدق فيه اسرائيل طبول الحرب على غزة، ويتسابق قادتها في اطلاق تسميات للحرب ووقتها المناسب، يجري في المنطقة حراك متسارع، وهو ليس بالجديد لكن صفحاته تتكشف هذه الايام بشكل أوضح.

الوفد الاميركي المكلف بملف السلام الفلسطيني الإسرائيلي جال المنطقة واجتمع مع قادة كل من الأردن والسعودية ومصر وإسرائيل لتسويق "صفقة القرن" او وضع اللمسات الأخيرة عليها، فيما القيادة الفلسطينية في رام الله فكانت غائبة عن لقاءات الوفد الاميركي لمقاطعتها كما نعلم إدارة ترامب، ولكن هل يمكن اعتبار ذلك ان فلسطين وهي صاحبة الحق في القول الأخير غائبة؟ 

بالاعتماد على ما هو مقسم في الوضع الفلسطيني فان الصفقة تبدو مبنية على قطاع غزة كي يكون لب الدولة الفلسطينية إن لم يكن هو الدولة، وتمزيق الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق تفصلها المستوطنات وتتواصل بشبكة أنفاق وجسور تمنح حكما ذاتيا واسعا والعاصمة أبو ديس.

وطالما ان الحديث يجري عن دولة غزة فان الحاكم اليوم هناك هي حركة حماس، لذلك بدأت واشنطن عبر وسطاء لترويض الحركة التي بادرت الى مغازلة الإدارة الاميركية واعلانها الاستعداد للتفاوض مع واشنطن قبل ان تبلغ القاهرة استعدادها للدخول في صفقة شاملة بما في ذلك تبادل ما لديها من جنود او رفاة جنود إسرائيليين بأسرى فلسطينيين.

التفاوض مع حماس حول مستقبل قطاع غزة الذي سيكون الدولة يجري من بوابة الوضع الإنساني، فإسرائيل وأميركا يظهران اليوم انهما احن على غزة من أهلها، فجمع أموال الاغاثة التي حددت بشكل مبدئي ووصلت الى مليار دولار ستنفق على دفعات لاقامة مشاريع بنى تحتية من محطات طاقة كهربائية وتحلية مياه وغيرها من المشاريع.  

وبما ان حماس تعيش قطيعة مع رام الله ولم يعد لها حاضنة إقليمية قوية تستند اليها فان مصالحها تبدو انها تلتقي مع مصالح إدارة ترامب التي تبحث عن قيادة فلسطينية بديلة لتسويق "صفقة القرن" بما ترسمه من خارطة جديدة للمنطقة تلبي الرغبات الاسرائيلية.

الجميع هنا يعي شكل تلك الخارطة ويعلم أيضا انتهاء فكرة حل الدولتين، وان القيادة في رام الله، وان كانت لا تريد هي ان تعترف بذلك، تعيش عزلة سياسية وان بقيت لغة المجاملة قائمة مع ذوي القربى ممن اختاروا السفر في القطار الاميركي، بعد عربدة ترامب التي شهدناها عندما تم التصويت في مجلس الامن والامم المتحدة على بطلان قراره باعلان القدس عاصمة لإسرائيل.