"أمير ولؤي" صديقا الدرب ورفيقا الشهادة

2018-07-17 08:43:20

راية: سامح أبو دية

بعد أن أنهيا تمرينا في كرة القدم، انطلق الفَتيان الصديقان أمير ولؤي من منزليهما في حي الصبرة بمدينة غزة، لقضاء رحلة ترفيهية اعتادا عليها يوميا في متنزه "الكتيبة" غرب المدينة، حتى قاطعت آلة الحرب والقتل الإسرائيلية تلك اللحظات السعيدة، وارتقيا شهيدان في آخر رحلة.

طائرة حربية إسرائيلية، أطلقت صواريخها نحو متنزه الكتيبة؛ خلال وجود لؤي كحيل وأمير النمرة (15 عاما لكليهما) لالتقاط صور تذكارية فوق المبنى؛ وهما مستمتعان بمشهد المدينة المطلة على شاطئ البحر، دون أن يتخيل أحد أن تتحول تلك الحديقة العامة الى "ساحة حرب" بشكل مفاجئ.

أمير، الفتى النشيط كصديق عمره لؤي، كان في كل صباح، يرافق والده لمساعدته في عمله الخاص حيث يمتلك مدرسة لتعليم قيادة السيارات، فيبدأ بترتيب المدرسة وتجهيزها منذ الصباح الباكر، في ذلك اليوم طلب من والده مبلغا بسيطا من المال للخروج في نزهة قريبة.

صديقا الطفولة ورفيقا الدرب والدراسة والهواية، تركا ذكرى لذويهما لن يستطيعوا نسيانها أبدا، يقول محمد النمرة والد الشهيد: "بعد عودتنا الى المنزل طلب مني أمير الذهاب برفقة صديقه لؤي الى متنزه الكتيبة وتناول وجبة من الشاورما، فوافقت، وما هي الا دقائق وجرى القصف وشاهدنا صورته ملقى على الأرض شهيدا.

وقفة للاطفال بغزة في مكان استشهاد لؤي وامير

يضيف النمرة (42 عاما) بصوت يكاد يخرج من حنجرته: "أمير شخص مختلف ومميز، غالي على قلبي، خلوق ومطيع لأسرته، وهو الذراع الأيمن لنا"، متسائلا: "ما ذنب طفل يبلغ 15 عاما فقط، كان في رحلة ترفيهية، لماذا يتم قصفه بصاروخ؟".

أما والد لؤي الذي اعتبر استهداف الطفلين جريمة بشعة بحق الطفولة والإنسانية، يقول: "ابني لؤي طلب الذهاب الى مكان يلعب فيه، ذهب الى المتنزه يلعب ويروّح عن نفسه، وعاد اليّ جثة هامدة".

وطالب كحيل (39 عاما) بمحاكمة فورية لمرتكبي هذه الجريمة الإسرائيلية البشعة، يضيف: "ما ذنب هؤلاء الأطفال أن تنتهي حياتهم وهم يلعبون، لم يكن يحمل صاروخا أو يركب دبابة"، معتبرا أن الاحتلال يتعمد "حرق قلوبنا على أطفالنا".

وعن شخصية الشهيد الطفل لؤي، فقد وصف ابنه "البكر" بالصديق وليس ابنا فقط، وفي آخر لقاء جمعهما كان قد قال الشهيد كحيل لوالده: "سوف أتركك يا أبي لبعض الوقت من أجل لعب كرة القدم" الى أن عاد شهيدا بعدها بقليل.

كان الطفلان لؤي وأمير يحلمان ويخططان ليصبحا لاعبي كرة قدم محترفين وقد التحقا بنادي غزة الرياضي، تقول أم لؤي: "كانا مثل التوأم يشتركان في كل شيء حتى في الأحلام والمستقبل، يحبان كرة القدم بشكل كبير جدا، ودائما كان أمير يتدرب ويخوض مباريات، ودائما ما كانت كراته تملأ المنزل".

أخر صورة للشهيدين لؤي وامير

تضيف كحيل: "حاولنا في أكثر من مرة أن نبعدهما عن بعض، نظرا لشدة تعلقهما ببعضهما وانشغالهم عن الكثير من الأمور، حتى أن لؤي كثيرا ما كان يتركني ويذهب لمرافقة صديقه أمير، الا أنني فشلت في ابعادهما".

في اليوم الأخير قبيل القصف، كان لؤي يردد لأمه باللهجة العامية عبارة "أنا روحي مفرفطة" والتي تعنى "أشعر بالملل الشديد وعدم الراحة"، وتؤكد والدة أمير أن نجلها كان يردد ذات العبارة في نفس الوقت، ويشعران بنفس الشعور، دون أن يعرفا ذلك.

السيدة أم لؤي طالبت العالم بالوقوف في وجه "مجرمي الحرب" الإسرائيليين، لمحاكمتهم ومعاقبتهم على جرائمهم البشعة بحق الانسانية والطفولة، تقول: "أطفال يلعبون كرة القدم في حديقة، كل أمنيتهم الخروج من أجواء الحرب والقصف والدمار الى مكان يشعروا فيه بالأمان.

صديقهم عبد الله، يقول والحزن يكاد يخنقه: "نخرج في مجموعة يوميا مع لؤي وأمير إلى الكتيبة ونلعب كرة القدم في الساحة المزروعة بالإنجيل الأخضر، بعيدا عن انقطاع التيار الكهربائي وحرارة الجو، حتى تركونا وابتعدوا عنا الى الابد، في لحظة من أشد اللحظات قسوة في حياتي".

صديقا الطفولة، استشهدا مع بعضهما وخرجت لهما جنازة واحدة، ودُفنا سويا، ليتركا قصة جميلة من قصص الإخلاص والوفاء في الحي الذي يسكنان فيه، سيخلدها رفاقهما من بعدهما الى الأبد، وسيُحكى عنها للأجيال القادمة في أزقة الحي.

الشهيدان لؤي وامير