اقتصاد غزة يحتضر- هل تقود البالونات الى حرب مدمرة؟

2018-07-18 11:27:04

راية: سامح أبو دية

أيام ساخنة كان يتوقعها وينتظرها الغزيون، على اثر مزاعم الاحتلال سقوط صواريخ وبالونات حارقة من قطاع غزة على المستوطنات المحاذية، الا أن سلطات الاحتلال كانت تخبئ ما هو أقسى وأبعد من ذلك، بعدما فاجأت السكان بتشديد الحصار.

إسرائيل وفي خطوة لم يتوقعها أشد المتشائمين، أعلنت عن إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري أمام حركة البضائع باستثناء المواد التموينية والأدوية، كما قلصت مساحة الصيد من 6 أميال إلى 3، هذا بالتزامن مع إغلاق مصر لمعبر رفح أمام المسافرين في كلا الاتجاهين بسبب ما وصفته بـ "خلل فني” قبل ان يعاد فتحه مجددا.

الأصوات من داخل قطاع غزة باتت تعلو وتطالب بجرأة ووضوح لوقف ظاهرة البالونات الحارقة وتجنيب القطاع المنهك اقتصاديا ويلات الحرب والحصار.

الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان، اعتبر أن إجراءات إسرائيل مختلفة بالكامل عما يحدث في معبر رفح البري، مشيرا الى أن سلطات الاحتلال تستخدم الورقة الاقتصادية كـ "ابتزاز" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فيما يتعلق بمسيرات العودة.

محتجون ضد استمار الحصار - ارشيف

وأضاف أبو رمضان لـ "راية"، أن إسرائيل تريد أن تفرض معادلة "الإذعان والهدوء" ولا تريد أن يقوم الشعب الفلسطيني بهذه المسيرات الشعبية التي حرّكت العالم وأقلقت إسرائيل.

وأشار الى أنها تريد ان تفرض معادلة جديدة للعودة الى ما قبل هذه المسيرات بمعنى "الهدوء مقابل الهدوء" دون أن يكون هناك أي ردود فعل فلسطينية ذات بعد مبني على المقاومة الشعبية والسلمية.

وعن فرص تدحرج الأوضاع نحو الحرب، قال أبو رمضان "إن هناك تصعيد واضح في إسرائيل عن طريق اغلاق المعابر وتهيئة الجبهة الداخلية في لديها لعدوان قادم".

وتابع: "إسرائيل أرسلت رسائل للأمم المتحدة ومبعوثها ملادينوف بأنه اذا لم يتم وقف الطائرات الورقية الحارقة فإنها مستعدة للعدوان، كما استدعت جنود الاحتياط ونصبوا القبة الحديدية، وهيؤوا الرأي العام بهذا الاتجاه".

أبو رمضان الذي استبعد التدحرج نحو الحرب؛ يرى أن على الفلسطينيين أن يدركوا بضرورة سحب الذرائع وعدم ممارسة أشكال قد تفسرها إسرائيل بأنها عنيفة، وتحشد الموقف الدولي لصالحها في هذا المجال، وتحافظ على الطابع الشعبي والسلمي للمسيرة".

كما أشار الى أن إسرائيل لديها أولوياتها وهي جبهة الشمال وليس قطاع غزة، "ولكن هذا لا يلغي احتمال نشوب حرب".

المحلل السياسي المختص في الشأن الاسرائيلي عدنان ابو عامر، يرى أن المقاومة وإسرائيل في طريقهما الى مواجهة عسكرية ضارية "ان لم يتم استدراك الموقف في هذه اللحظات".

وقال أبو عامر لـ "راية"، إن هناك وساطات محلية ومصرية وعربية قطرية وأممية ودولية، في محاولة للحيلولة دون وصول الجانبين الى مواجهة عسكرية "غير مرغوبة".

قصف غزة العنيف قبل أيام

وعن مدى خطورة البالونات الحارقة، أوضح "لا يمكن لبالون أو طائرة ورقية كلفتها عدة شواقل، أن تُذهب الى حرب مدمرة، ولكن الإسرائيليون يرون وإن كانت الخسائر منخفضة، أن الحرائق التي تندلع في غلاف غزة تحرق معها الردع الذي تحقق عام 2014".

من جهته، قال الكاتب المقرب من حركة حماس، إبراهيم المدهون، إن "البالونات الهوائية ان كانت ستسبب بحرب ومواجهة فأنصح بإعادة النظر فيها".

وأضاف المدهون "نحن لا نريد الحرب وعلينا تجنب العدوان بكل ما نملك من قوة، ولكن ان فرضت علينا فالله معنا ولن ينالوا من عزمنا، وعسى ان نكره شيئا ويكون لنا فيه خيرا".

أما من الناحية الاقتصادية بعد اغلاق المعابر، فقد أوضح رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، أن أكثر من  ٨٠٪ من مصانع غزة والورش والمحال التجارية أغلقت أبوابها بشكل جزئي أو كلي.

وأشار الخضري إلى أن "الوضع الاقتصادي في غزة أصلاً في غرفة الانعاش، ويعاني معاناة شديدة في ظل كل الضغوط التي تُمارس على غزة، والحصار الخانق الممتد لأكثر من أحد عشر عاما".

وبين أن الاحتلال الإسرائيلي شرع عملياً بتنفيذ خطة خنق قطاع غزة وصولاً لانهيار اقتصادي تام.

80% من مصانع غزة توقفت

وأوضح الخضري أن الاحتلال يمنع بنسبة ١٠٠٪ المواد الخام اللازمة للصناعة، ما سينعكس على جميع العمال الذين يعملون الآن، ولو بشكل جزئي، وسينتج عن هذا انهيار القدرة الشرائية حتى في حال توفر بعض مستلزمات الحياة الاساسية.

الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، في حديث لـ "راية"، اعتبر ان قرار اسرائيل يعيد قطاع غزة الى المربع الأول للحصار عام 2007، عندما كانت تسمح اسرائيل بإدخال السلع الأساسية وكان عدد الشاحنات حينها لا يتجاوز 100 شاحنة يوميا.

وأشار الطباع الى أخطر نقطة تواجه الاقتصاد بغزة، وهي "عدم وجود بدائل لإدخال البضائع والمواد"، مذكرا بأن الأنفاق التجارية مع مصر قبل 10 سنوات كانت البديل السريع في فترات إغلاق المعابر مع الاحتلال.

كما اعتبر إسرائيل بقرارها اغلاق معبر كرم أبو سالم أمام حركة التجارة؛ قد أطلقت رصاصة الرحمة على قطاع غزة.

صحيفة هآرتس الاسرائيلية نقلت عن مصادر مصرية وفلسطينية شاركت في تفاصيل محادثات مع المخابرات المصرية قولها "ان مقابل وقف إطلاق البالونات الحارقة، تميل حماس إلى قبول صفقة تتضمن إيماءات إضافية تجاهها، إلى جانب إلغاء إغلاق معبر كرم أبو سالم وفتح معبر رفح بشكل منتظم".