"أبو محمد" حلّاق من زمن النكسة

2018-07-29 10:51:48

خاص راية: محمد  مرار

على بعد أمتار قليلة من دوار "الشهيد ياسر عرفات" وسط مدينة رام الله، يجلس المواطن عبد الله عبد الوهاب "أبو محمد" في صالون الحلاقة الخاص به والذي يزيد عمره عن 56 عاماً، منتظراً زبائنه الذين يواظبون على زيارة هذا الصالون منذ عقود.

حكاية "أبو محمد" (76 عاماً) ابن قرية بيت صفافا القريبة من القدس، بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي حين تعلم مهنة الحلاقة من والده  وجده، وبدأت تجاربه الأولى فيها بالحلاقة لزملائه في المدرسة بمقابل زهيد.

يقول أبو محمد  لـ “راية” :"عمل والدي عدة سنوات في صالونات للحلاقة ولكن في عام 1962 فتح هذا المحل (صالون هاي لايف)، وحينها كنت في الكويت منذ عامين، حيث عملت حلاقاً مع عمي لمدة خمس سنوات".

وقبل نكسة عام 67  بعامين عاد أبو محمد إلى فلسطين، وبدأ بالعمل إلى جانب والده، حتى عام 1984، حيث لم يعد الأب حينها يقدر على العمل لتقدمه في العمر، ومنذ ذلك الوقت يعمل أبو محمد بمفرده في هذا الصالون.

يتحدث الحلاق السبعيني ذو الوجه البشوش-الذي بات علماً من أعلام رام الله- بلهفة المشتاق إلى أيام الماضي التي يقول إنها" كانت غاية في المتعة مع زبائنه من شتى الفئات والأعمار، وكان الحلاق يدعى "نصف مهندس" لما يتمتع به من مهارةٍ في قص الشعر وترتيبه وإظهاره بالشكل الأجمل".

"الحلاقة" بين الماضي والحاضر

وعن التغيرات التي طرأت على مهنة "الحلاقة" بين الماضي والحاضر، يقول أبو محمد وصوت "الراديو" يصدح في أرجاء الصالون ذو الأثاث القديم، إن الراغب في تعلم هذه المهنة كان يمضي قرابة عامين، وهو يتدرب عليها.

ويضيف بلهجة الفلاح المقدسي:" الحلاق كان يقعد سنتين أو ثلاث يتعلم من معلمه ، أما حلاقين اليوم فنكدوا على الحلاقين اللي مثلنا، صار الواحد يروح دوره شهر ويصبر معلم وهو ما يعرف يمسك مقص ولا موس،  اللهم على الماكنة والسشوار".

الفروق ما بين الماضي والحاضر لا تقتصر على طريقة تعلم هذه المهنة فحسب، وإنما في أدواتها، فرغم تمسك "أبو محمد" بالمقص" في غالبية عمله، إلا أنه يرى أن إدخال الماكنات الكهربائية للعمل، جعلها أسهل، ويضيف لراية:" ، كان الحلاق يقضي وقتاً طويلاً في سن الموس، أما اليوم يتم تغيير الشفرة ويمشي الحال، هذه المسألة ريحتنا".

صفات الحلاق الجيد

وبعد تجربة طويلة في هذه المهنة، يرى أبو محمد أن من يريد أن يصبح حلاقاً جيداً، فعليه التحلي بعدة صفات، غير المهارة في قص الشعر، موضحاً أن أهم تلك الصفات هي النظافة سواء كانت الشخصية أم نظافة المحل والأدوات، مضيفاً أن الحلاق يجب أن يكون ضحوكاً ويحسن معاملة الناس باحترام، كي يواظبوا على القدوم إلى محله، ولعل امتلاك أبو محمد لتلك الصفات جعل لديه زبائن دائمين منذ 40 عاماً وأكثر.