لم تدرك والدته فقدان نجلها والعائلة تعيش ظروفاً صعبة

2018-07-31 06:54:09

خاص- راية:

شادي زماعره-

عائلة الشهيد أسامة، المكونة من والده الذي يعمل في أرضه ليحضر قوت يومه، ووالدته المكلومة التي ما زالت تبحث عن ذكريات ابنها وسط زحام الكلام وركام بيتها، والابن الأكبر محمد الذي يعاني منذ عامين من ضعف عضلة القلب وفشل في الجهة اليسرى منه، ولا يقوى على العمل والابن الاصغر منصور وشقيقتهم الوحيدة نور، تعيش وضعاً حياتياً صعباً، ولم تتلقّ أي دعم من الحكومة أو أي جهة أخرى.

"أسامة قطعة من قلبي.. وكل طبخة بوزعها عن روحه"؛ تقول والدة الشهيد اسامة عطا (18 عاماً) من قرية دير أبو مشعل قضاء رام الله وتضيف أنها لم تعد قادرة على ادراك فقدان نجلها منذ عام، ولم تنعم بالاستقرار منذ تلقيها خبر استشهاده في محاولة عملية اطلاق نار وطعن في القدس المحتلة مع أصدقائه (عادل عنكوش وبراء صالح) يوم 16/6/2017 حيث بدأت رحلة المعاناة ومضايقات الاحتلال للعائلة.

والدة الشهيد اسامة الحاجة "أم محمد" ما زالت تنتظر جثمان ابنها المحتجز لدى سلطات الاحتلال الذي يهدد بدفنه في "مقابر الارقام"، وهي تصرّ على أن يحتضنه تراب قريته، ويكون قريباً منها لتزوره كل يوم. 

بعد مرور شهرين ونصف على استشهاد أسامة واثنين من رفاقه، هدم الاحتلال منزل العائلة المكون من طابقين بمساحة تبلغ 230 متراً، كما وفرض الاحتلال اجراءات عقابية على العائلة تمنعها من الدخول إلى مناطق الخط الأخضر، وزيارة نجلها الطفل والأسير المحرر منصور شقيق الشهيد، الذي كان يبلغ عمره في ذلك الحين (13 عاماً).

العائلة لم تتلق دعما رسميا

والد الشهيد أبو محمد، أكد على أن الاحتلال يفرض حتى الآن كافة إجراءاته العقابية ضد العائلة، وبين الفينة والاخرى يتفاجأون باستدعاءات الاحتلال وباستجوابهم.

يقول أبو محمد ان العائلة أعادت بناء بيت لها على أنقاض طابقين فتكتها متفجرات الاحتلال، وذلك على نفقة العائلة وأهل الخير من قريتهم، "الحمد لله رب العالمين مستورة، أعمل في فلاحة الأرض، وابني محمد عاطل عن العمل منذ سنتين ونصف، كان يعمل مع شركة في الزراعة، ومرض فجأة وترك العمل".

بعد أسبوعين يعود أسامة للحياة 

شقيق الشهيد محمد يقول: "انك تفقد أخ امر صعب، تغيّرت معالم الحياة، بيتي جنب بيت والدي، وكنّا مع بعض طول اليوم، والأمل من عند ربنا، لا نطلب مساعدة إلّا من رب العالمين".

تنتظر العائلة بعد أسبوعين ولادة زوجة الابن الأكبر محمد، وهي حامل بتوأم ذكور، حيث يقرر الجميع تسمية أحد الطفلين باسم الشهيد أسامة، ويقول محمد أن الطفل الآخر يطلق عليه اسم أحمد وهو على اسم والده، وعن رسالة العائلة في هذا الوقت يضيف "أن يعود جثمان أسامة لأهله، ولأصدقائه وأحبائه".

واوضح محمد أن بداية الشهر القادم موعد عقد جلسة أخرى بشأن جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، فيما يهدد أحد القضاة بدفن الجثامين ومن ضمنهم اسامة في مقابر الأرقام، بعد أن ياتي الأهل لالقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، "نحن نريد جثمان أخوي، طالما لم نستلم جثته بيقى شيء مؤلم جداً، بعد دفنه في قريتة نار وبتطفي".

أم الشهيد ودعته في الأقصى وعادت وحيدة

قبل يوم على استشهاده، تقول أمه انه أخبرها نيته بالذهاب للمسجد الأقصى مساء الخميس استعداداً لصلاة الجمعة، ردّت عليه ان الاحتلال فرض إجراءات مشددة على الدخول، لكنّه عزم على الذهاب، وحين وصل إلى القدس ليلة الجمعة اتصل بها ليطمئن قلبها، أنه وصل بسلام.

وتفاجأ الشهيد أسامة بلقاء أمه في الأقصى، حيث ذهبت منذ الفجر، وعند صلاة العصر ودّعته بعد أن برر لها رغبته بالبقاء لصلاة التروايح، ودخوله للقدس فرصة لن تتكرر كثيراً بسبب اجراءات الاحتلال، وعادت وحيدة إلى قريتها.

تقول أم محمد إنه قبل موعد الإفطار، تجمّع أهالي قرية دير أبو مشعل قرب منزل العائلة، يحملون خبر اصابته برصاص الاحتلال، "انا شعرت أنه استشهد، وقلت للجميع ما كتبه الله راضية فيه، الله يرحمه، ربنا اختاره في رمضان وصايم وقبل الفطرة ويوم الجمعة..".

والد الشهيد يطالب جميع الجهات المختصة بالضغط على الاحتلال من أجل تسليم جثمان ابنه اسامة للعائلة، لدفنه في مقبرة دير ابو مشعل، وليرتاح من نار احتجازه، وهو يتمنّى الرحمه له ولكافة شهداء فلسطين.

عرف أسامة بين أهله وأبناء قريته بالإنسان الملتزم بدينه ومبادئه وقيمه، وحب أهالي القرية له دفعهم إلى تسمية مواليدهم باسمه، هو الأبن الأقرب إلى أمّه، فقبل 3 شهور على استشهاده رافقها في رحلة العمرة إلى مكّة المكرمة، وفي رحلة استشهاده رافقته إلى الأقصى المبارك. 

لم يرحم الاحتلال قلب أمه المكلومة، يستجوبها بقسوه، تقول أم محمد: الاحتلال وصفوني بعدم إحسان تربيته، وأرد عليهم أنه تربّى على تعاليم دينه، وعلى الصلاة والصوم والالتزام.

تتابع: "فقدت إنسان غالي، وقطعة من قلبي.. الطبخة بوزّعها عن روحه، بعدما هدموا البيت انتقلت عند ابني محمد، ولحتى الآن أعيش دون استقرار ودون ادراك بفقدان أسامة، أتمنّى أن لا أرى أحد، وأن أجلس وحدي لأستطيع التفكير بما يجري حولي".

تحاول العائلة حضور جلسة محاكمة جثامين الشهداء المحتجزة بداية الشهر المقبل، ولكن الاحتلال يمنع من إصدار التصاريح لأي فرد من أفراد العائلة، حيث يتواصلون مع محامي اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة. 

عائلة الشهيد اسامة عطا، الذي ارتقى في أحضان المسجد الأقصى قبل عام، تعيش الظروف الصعبة وفي هذه الأيام تذكر شهيدها أسامة، وعلى الرغم من انها لم تتلق أيّة مساعدات لدعمها على البقاء ومقاومة اجراءات الاحتلال، إلّا ان احتجاز جثمانه تبقى جمرة تتوسط القلوب.