من سيملأ الفراغ؟

2018-08-31 08:04:46

قد لا يكون تصريح المبعوث الاميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات غريبا او جديدا في ان الإدارة الاميركية ترغب في إيجاد قيادة بديلة للفلسطينيين وهو يحذر الرئيس محمود عبّاس من استمرار مقاطعته للتسوية الأميركية للقضية الفلسطينيّة، بالقول "إن هناك من سيملأ الفراغ"، لكن الجديد في الامر ان غريبنلات يتحدث وكأنه يملأ يده كما يقولون من مرشح هذه الإدارة كي يملأ الفراغ بديلا عن السلطة والقيادة، فهل تكون حركة حماس هي المقصود؟

مما لا شك فيه ان حركة حماس التي أعلنت استعدادها للتفاوض مع الإدارة الاميركية، لا تخفي سعيها لتثبيت حكمها في قطاع غزة بعيدا عن السلطة، فاتصالات التهدئة مع إسرائيل عبر مصر وميلادينوف تصب في هذا الاتجاه رغم ان الحركة تعلم علم اليقين ان موقف إسرائيل ربما يتبدل حتى قبل انقضاء مدة التهدئة، فهي فَرَطَتْ عِقدَ اتفاق أوسلو الموقع في ساحة البيت الابيض، فكيف اذا كان اتفاقا شفهيا، بالتأكيد المصيبة اكبر.

ما يهم حماس في هذه الاتصالات وقبولها التفاوض مع واشنطن ليس حبس الدم الذي يمكن ان ينزف من أي عدوان إسرائيلي او فكفكة الحصار وإيجاد حل للازمة الانسانية في القطاع بقدر ما تبحث عنه من هدف اكبر وهو شرعنة نفسها على المستوى الدولي والخروج من دائرة وصمها بالإرهاب وهذا ليس عيبا.

لكن العيب بالتأكيد ان تطرح نفسها للعدو المشترك كبديل عن القيادة، وهنا وكي لا افهم خطأ فانه لا احد فلسطينيا يستطيع ان يشطب حماس او أي فصيل من الحالة السياسية الفلسطينية، غير ان محاولاتها الدخول في المنظموة الدولية بعيدا عن الاجماع الداخلي والوحدة الفلسطينية لا اعتقد انه سيكون بهذه السهولة.

فواشنطن ومعها إسرائيل التي لا تقدر ان توقع اتفاقا مكتوبا مع حماس لانها ستدين نفسها باعتبار ذلك اعترافا بحركة تتهمها بالارهاب، تسعيان لاستخدام الحركة الحاكمة في غزة كي تكون جسرا تعبر من فوقه صفقة القرن الى حيز التنفيذ، وفي ذلك ربما يكون غرينبلات يقصد حماس كبديل للقيادة الفلسطينية دون ان تعطيها ادارته الشرعية الدولية التي تبحث عنها الحركة.

ان شرعية أي فصيل لا يمكن ان تتأتى من الخارج، خاصة اذا ما كان ثمن هذه الشرعية القضية الفلسطينية، والجميع يذكر كيف دخلت حماس في المنظومة السياسية الفلسطينية، فهي مرت من صندوق الاقتراع عام الفين وستة، لذلك عليها اليوم ان تعزز شرعيتها أولا على المستوى الداخلي بالوحدة وإنجاز المصالحة ثم الدخول في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية قبل ان تبحث عن أوهام جُربت مع إسرائيل وما زلنا نعاني منها.