المجدلاوي لـ "راية": مشروع الدولة الواحدة الديمقراطية مطلب كفاحي فلسطيني

2018-10-02 22:03:58

خاص- راية: حاوره عامر أبو شباب-

قال النائب جميل المجدلاوي والقيادي البارز في الجبهة الشعبية إن خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية للأمم المتحدة لم يحمل تطورا دراماتيكيا كما توقع البعض، وأعاد تكرار الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الاسرائيلية وأظهر جرائم الاحتلال لكنه لم يعلن حدود صبر الشعب الفلسطيني ولم يعبر عن ارادة تغيير المسار السياسي الحالي الى بدائل أخرى في حال استمر عقم طريق المفاوضات.

وأوضح المجدلاوي أن الخطاب قدم الرواية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على شعبنا بطريقة جيدة، وعرض الحقوق الفلسطينية في اطار البرنامج المرحلي رغم تعدد الاجتهاد حوله وترجماته، وعكس الخطاب رؤية منظمة التحرير المتفق عليها.

واعتبر أن أهم سلبية اعترت خطاب الرئيس أبو مازن في الامم المتحدة هي الطريقة التي أشار فيها الى غزة، معتبرا أن منبر الأمم المتحدة ليس مكان معالجة هذه الموضوعات، رغم الادانة الشديدة لسلوك حركة حماس قبل واثناء وبعد خطاب أبو مازن، حيث لا يجوز اعلان ان رئيس منظمة التحرير لا يمثل فلسطين أمام العالم، متسائلا من يمثل شعبنا خاصة انه لا يقبل أحد ان تمثل حماس فلسطين أمام العالم.

وأضاف المجدلاوي كنت أتوقع من الرئيس استذكار روح خطاب الرئيس الشهيد ياسر عرفات في الامم المتحدة عام 1974 عندما أعلن انه جاء بغصن الزيتون بيد والبندقية في اليد الاخرى، واستحضار المنهج خاصة بعد 25 عاما من المفاوضات العقيمة، وضرورة البحث عن طريق آخر غير طريق المفاوضات المغلق، والتأكيد أنه رئيس يمثل شعبا مقاوما له كبرياء وعنفوان رغم الاعتداءات الاسرائيلية.

الدولة الواحدة

رأى المجدلاوي أن مشروع الدولة الواحدة الديمقراطية هو مطلب كفاحي فلسطيني، رغم تحذير البعض من فكرة الدولة الواحدة العنصرية وفق الرؤية الاسرائيلية التي هي أقل خطر من الانقسام الذي يهدد الكيانية الفلسطينية، مع أن اسرائيل لن تقبل بدولة تضم 6 مليون فلسطيني.

وشدد على أن موضوع الدولة الواحدة حسب موقف اسرائيل والقوى الدولية القائمة وهم وترويج لأوهام تشكل ملهاة وتعبر عن جهل وعدم فهم عميق للمشروع الصهيوني الإحلالي، بعيدا عن المخاطر المباشرة للمتربعين على عرش الانقسام في غزة والضفة.

وأكد أن الظروف الموضوعية الفلسطينية والعربية والدولية لا تجعل أي خيار حاليا ممكننا أو مقبولا ويُغيب أي فرص للحل، لذلك المطلوب هو الصمود وتوسيع مساحة الاشتباك الكامل على كل الجبهات مع الاحتلال ليس في فلسطين فحسب، وانما على امتداد العالم في ظل تفهم أقسام واسعة من العالم للنضال الفلسطيني والطبيعة الاستعمارية للاحتلال وعدوانيته، بانتظار أن يفتح التاريخ أبوابه لخيارات أفضل لشعبنا وهي لحظة قادمة ستستجيب للحقوق الوطنية.

قيادة من الماضي

واستبعد المجدلاوي أن تنهض القيادة الفلسطينية الراهنة ليس فقط القيادة المتنفذة في منظمة التحرير بل على مستوى كافة القيادات الفلسطينية الحالية، لان المظهر الرئيسي في الصف القيادي الأول وأقسام واسعة من الصف الثاني استنفذت مهامها القيادية، وهذا لا يعني اخراجهم من الصف الوطني، ولكن عليهم التراجع الى الوراء من أجل فتح الباب امام أجيال جديدة وشابة تتجاوز التجربة الحالية وأشكال العمل التي تسري منذ عقود طويلة وباعتباري  من الجيل الثاني أوضح نحن نعمل منذ 40 سنة، لذلك المركز القيادي الحالي غير قادر – حتى لو أراد- على إخراج الساحة الفلسطينية من الازمة العميقة التي قادنا اليها دون أي مجاملة.

المصالحة أسيرة

واعتبر المجدلاوي أن المصالحة تترنح وتتعطل بين حدي الانقسام بمعادلة صاغها كل طرف حسب مصالحه، الأول ممثل في رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية عندما أعلن رؤية حماس للمصالحة بالقول ان حماس خرجت من الحكومة ولكنها لم تغادر الحكم، وهذا معناه أن أي حكومة تعمل في غزة عليها العمل في ظل حكم حماس وتنفذ ما تقرره، وقد مارست الاخيرة ذلك عندما احتجزت وزراء الحكومة وقررت من الموظفين الذين سيعملون مع الوزراء، وهي معادلة سلبية وضارة لأنها لا تنهي الانقسام وتبقي الوضع الشاذ وتلبسه طربوش السلطة فقط.

وأوضح أن الفهم السلبي الضار لدى الطرف الاخر هو ما أعلنه الرئيس عباس مرارا وكرره في الامم المتحدة بالقول: "يا بتشيلو يا بنشيل"، واعطاء فرصة أخيرة للمصالحة وبعد ذلك لا علاقة لنا بغزة في ظل حكم حماس.

ورأى أن الشراكة الحقيقية تقوم على الديمقراطية واجراء انتخابات قيادية وتمثيلية ومنع الانتماء الحزبي للعاملين في السلك الدبلوماسي والأهلي والأمني والقضاء بشكل سري ولا علني لأنها مهام عمل لا يجوز العمل بها لأفراد ملتزمين بمواقعهم الحزبية.

وأوضح أن الشراكة الديمقراطية لا تعني ان يكون من أصل 120 سفيرا يوجد سفير للشعبية وآخر للديمقراطية والباقي أعضاء في حركة فتح هذا أمر لا يجوز في كل المؤسسات.

وقال المجدلاوي ان الشراكة التي تريدها حركة حماس هي ان تكون فتح شريك ثانوي في غزة، وان تكون حماس شريك ثانوي لفتح في الضفة، معتبرا أن هذين الفهمين لفتح وحماس يمسكان بعنق المصالحة ويحولان دون التقدم للأمام بغية إنهاء الانقسام.

ورأى أن حركتا فتح وحماس سيحصلان على ثلثي الشعب الفلسطيني في أي انتخابات قادمة، ثلث لفتح في غزة مقموع من سلطة حماس ورأينا ذلك أثناء وقبل وخطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، وثلث حماس في الضفة مقموع من السلطة، والثلث الأخير موزع وهو مسؤولية قوى اليسار لان وحدة التيار الديمقراطي التقدمي مسؤولية قوى اليسار للضغط على فتح وحماس.

وشدد المجدلاوي على اهمية انهاء الانقسام كخيار رئيسي، وفي حال تعذر ذلك نحن أمام خيارين، الاول توحيد المؤسسات والذهاب للانتخابات وبناء ديمقراطية من المرحلة الأولى، والخيار الثاني ايجاد ضمانات ورقابة دولية وعربية لإجراء انتخابات نزيهة لإعادة بناء المؤسسات الوطنية وتوقيع ميثاق شرف للجميع بالالتزام بنتائج الانتخابات. 

واعتبر المجدلاوي أن انتخابات منظمة التحرير أولا أفضل باعتبارها مرجعية مقررة في حال الاختلاف، ولان الامتيازات فيها أقل وأسهل لانتظام المؤسسات الوطنية، وإلا سيكون البديل استمرار الانقسام وتبديد الكيانية الفلسطينية الجامعة كما رأى الجميع خلال خطاب ابو مازن الأخير واعتباره لا يمثل الشعب الفلسطيني ومخاطبة الامم المتحدة بذلك من قبل 60 مؤسسة موالية لحركة حماس.

وبعد الضوء الأحمر السابق، دعا المجدلاوي الرئيس عباس باعتباره قائد الشعب الفلسطيني أن ينحني قليلا بما يمكنه من اعادة ترتيب البيت الفلسطيني وجمع صفوف الشعب الفلسطيني "قبل ان تقع الفأس في الرأس" في ضوء تصرف حركة حماس على قاعدة إما شراكة مقررة على طريق التفرد اللاحق بالقرار أو هدم الهيكل.

التهدئة قائمة

وبين المجدلاوي أن التهدئة قائمة بعد عدوان عام 2014، لكن بعدما أوضح الرئيس أنه ضد تهدئة جديدة بعيدة عن القيادة الرسمية، صار المخرج لمجموع الأطراف هو اعادة تثبيت تهدئة 2014، حتى لا يوقع عليها لا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد ولا حماس وهو شكل صار أهم من المضمون في انحدار لدرك خطير للخلاف.

وأشار إلى أن الاتفاق على التهدئة تم دون اعلان عن استمرار اتفاقية حرب 2014 ، والخروج عن هذا النص هو مسيرات العودة وكسر الحصار التي توسعت وتصاعدت مؤخرا، مما يزيد من فرص  قيام اسرائيل بضربة مؤلمة ومحسوبة فيها رسالة ردع صريحة ولكن ضمن امكانية السيطرة على نتائجها وهو أمر ممكن وكذلك يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

واعتبر أن مسيرات العودة وقعت على مذبح الانقسام، لأنه لا يمكن منع شعب تحت الاحتلال من المقاومة والنضال، ولكن يمكن تنظيم وعقلنة وترشيد أكثر لها وتخفيف الخسائر وزيادة النتائج بشكل ايجابي، رغم ان الانقسام يمنع حصاد الثمار المرجوة.

الدور المصري

ورأى المجدلاوي أن مصر حتى الان لم تملك الأدوات الكافية للضغط على الطرفين لإنهاء الانقسام، اما عن الاسباب وراء ذلك فيعتبر مجال بحث آخر.

المستقبل إلى اين؟

عند سؤال المجدلاوي عن المخاطر القادمة وغياب الفرص، أوضح أن المناضل لا يستطيع الا ان يكون متفائلا رغم اللحظة السوداوية إلا أنه توجد عدة بقع ضوء، أولها استعداد الشعب الفلسطيني للنضال والكفاح ولا أحد يستطيع المجادلة في ذلك، وثانيا رغم حالة الانحدار في النظام العربي الرسمي لكنه لم يستطع المجاهرة بتجاوز منظمة التحرير والقيادة الرسمية للشعب الفلسطيني حتى من ترشحهم الادارة الامريكية ليكونوا في حلفها بالمنطقة اضطروا ان يعلنوا أنهم يقبلون بما يقبله الفلسطينيون ويرفضون ما يرفضه، معتبرا أن الجماهير العربية تدرك أن نضال الشعب الفلسطيني يكثف الحق القومي العربي، ووعي العرب بأن الاحتلال هو مشروع استعماري يتهدد كل المنطقة.

وأضاف أن بقعة الضوء الثالثة هي أن فلسطين في الاشهر الماضية بعد قرار ترامب بحق القدس كانت القضية الفلسطينية الفاصلة بين الحق والباطل، والخط الفارق بين العالم من جهة، وامريكا واسرائيل من جهة ثانية، وأصبحت فلسطين عنوان الضمير الكوني وهو أمر مهم وليس أوهام خاصة بعد تصويت 8 دول صغيرة مع امريكا واسرائيل مقابل تصويت العالم لصالح فلسطين، وهو أمر لا يستهان به.

وشدد على أن كل عوامل القوة السابقة غير مستثمرة بسبب العامل الذاتي الفلسطيني المتمثل في القيادة وغياب القيادة الموحدة على الارض لكن بقع الضوء حتما ستتحول الى كشافات ساطعة لصالح الحق الفلسطيني.