الدويك: نتلقى قرابة ثلاثة آلاف شكوى وننفذ 1300 زيارة سنويا

2018-12-31 17:56:36

رام الله - حاتم أبوزيد - استعرض مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الدكتور عمار الدويك جوانب متعددة من عمل الهيئة باعتبارها إحدى مخرجات تأسيس السلطة الوطنية التي تمثل المؤسسة الوطنية الدستورية، والتي تشكلت بموجب مرسوم من الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 1993، من أجل ضمان توافر متطلبات صيانة حقوق الإنسان في مختلف القوانين والتشريعات والأنظمة الفلسطينية.

وأشار الدويك الى أن الهيئة المستقلة لعبت ولا زالت تلعب دوراً بارزاً في متابعة إصدار وتعديل التشريعات الفلسطينية، ومراقبة عمل اداء مؤسسات السلطة الوطنية بشقيها الأمني والمدني ومؤسسات منظمة التحرير.

وتختص الهيئة برصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني، وتقديم المشورة للجهات الرسمية وحثها على موائمة التشريعات الفلسطينية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، كما تلعب دوراً كبيراً في مراقبة مدى امتثال السلطة الفلسطينية ومؤسساتها للقانون الأساسي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وبمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة الذي يتزامن مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حاورنا مديرها العام الدكتور عمار الدويك لإلقاء الضوء على الأدوار التي تقوم بها، وأبرز البصمات التي تركتها على الصعد المحلية، والاقليمية، والدولية، بادئين بالسؤال التالي:

س1: ما هو الدور الذي تلعبه الهيئة المستقلة في الواقع الفلسطيني الرسمي والاهلي ؟

ج - يتمثل دورنا بتقديم النصح والمشورة للحكومة، وايصال صوت الفئات الضعيفة والمهمشة، الانسان البسيط الذي لا يوجد لديه القدرة على اللجوء لمحامي لحل قضيته بأسعار مرتفعة، هذه الفئة نحن حريصين على ايصال صوتها بطريقة حقوقية قانونية لصاحب القرار. في كثير من الحالات نتيجة تبني قضايا محددة نحصل على نتائج ايجابية ومرضية لهذا الشخص.

نحن مدركين لمحددات عملنا، ولا نريد أن نتفاخر بأمور لا نستطيع القيام بها كما أننا مدركين للوضع السياسي، ومدى قدرتنا على التأثير، لكنني أستطيع أن اقول بثقة اننا اذا لم نستطع تحقيق الكثير الا اننا نجحنا بأن نمنع الكثير من الانتهاكات التي كان من الممكن أن تحصل.

س2: ما هي الرؤية التي تعمل عليها الهيئة المستقلة في ظل حالة اللادولة الحاصلة في فلسطين؟

ج - رؤيتنا هي رؤية عامة تنطلق من تطلعات شعبنا في الانعتاق من الاحتلال، وبناء نظام سياسي تصان فيه الكرامة والحقوق والحريات. يجب علينا كفلسطينيين أن تكون معاييرنا عالية جداً في التعامل مع بعضنا البعض داخلياً، لأن أحد مقومات صمود المواطنين على الأرض الفلسطينية هو كيفية تعامل السلطات الرسمية معهم، ووجود الانتهاكات يشكل بمثابة الاضرار بعناصر صمود المواطنين الفلسطينيين.

س3: هل نجحت الهيئة في تحقيق رؤيتها بعد مرور 25 عاماً على التأسيس ؟

ج - لم نحقق رؤيتنا بشكل عام كفلسطينيين في الانعتاق من الاحتلال، وتأسيس نظام سياسي ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات، هذه الرؤية لا زالت بعيدة المنال حتى الأن، لكننا نستطيع أن نفتخر بكثير من الإنجازات في موضوع التحسين وايجاد فروقات لو بسيطة في حياة المواطنين وقضاياهم.

س4: ما هي ابرز البصمات التي تركتها الهيئة المستقلة على الصعيدين المحلي والدولي ؟

ج - على الصعيد المحلي تعتبر الهيئة لاعباً مهماً في الساحة الفلسطينية من حيث متابعة حقوق الانسان والتحقيق في الانتهاكات والشكاوى، كما أن وجودها مهم للوقاية من بعض أنواع الانتهاكات مثل التعذيب عبر زيارة السجون ومراكز الاحتجاز.

كما كان للهيئة دور مهم جداً في مراجعة التشريعات الفلسطينية، ومواءمتها وفقاً للاتفاقيات الدولية، بالإضافة الى رفع مستوى الوعي بحالة حقوق الانسان، وإقناع القيادة السياسية بالانضمام الى العديد من الاتفاقيات الدولية المهمة من ضمنها: اتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والان نعكف مع وزارة الداخلية على إنشاء الالية الوطنية للوقاية من التعذيب.

 كما استطاعت الهيئة تخفيف حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني فترة الانقسام من خلال تغطية الانتهاكات، وتقديم الدعم لضحايا الانتهاكات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوثيق هذه الانتهاكات وكشفها.

على الصعيد الدولي، تتمتع الهيئة بشبكة علاقات قوية جداً مع جميع المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في العالم العربي ومنطقة أسيا والعالم، وتعتبر من أفضل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في المنطقة العربية.

استخدمنا هذه الشبكة من العلاقات لدعم كثير من قضايا حقوق الانسان في فلسطين خاصة قضايا الأسرى والاستيطان، ومواجهة القرارات الأمريكية الأخيرة بشأن نقل السفارة الأمريكية الى القدس المحتلة، بالإضافة الى رفع مستوى الوعي بالقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الخاصة بالقضية الفلسطينية.

س5:  ما الدور الذي لعبته الهيئة خلال فترة انعقاد المجلس التشريعي ؟

ج - بذلت الهيئة جهداً مميزاً مع المجلس التشريعي الفلسطيني طوال فترة انعقاده من خلال اقتراح أو متابعة القوانين التي يصدرها المجلس والتأثير فيها، ومن القوانين التي كان للهيئة المستقلة دوراً كبيراً في إصدارها: قانون السلطة القضائية، وقانون الجمعيات الخيرية، كما لعبت دوراً في إقناع المجلس بتبني قانون الاجتماعات العامة الذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم، وبالتالي كان هناك نشاطاً مميزاً للهيئة فترة وجود المجلس التشريعي.

س6: ما الدور الذي لعبته الهيئة المستقلة أثناء الانقسام ؟

ج - أصبح دور الهيئة رقابياً بالدرجة الاولى على التشريعات التي تصدر عن الرئيس أو حركة حماس في قطاع غزة خصوصا أثناء وبعد الانقسام وتعطل المجلس التشريعي، كما استطاعت الهيئة في الكثير من الحالات أن توقف تشريعات سيئة او تعدل تشريعات موجودة، كما يتم إشراكها أيضا في صياغة التشريعات، بحيث تضمن أن تكون هذه التشريعات متواءمة مع حقوق الانسان.

س7: كيف أثر غياب المجلس التشريعي على عمل السلطات الثلاث ؟

ج - غياب المجلس التشريعي أدى الى تداخل  السلطات الثلاث، بحيث أصبح الرئيس يجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية في ذات الوقت، وهذا أدى الى تركيز سلطات كبيرة بيد الرئيس ما أوجد خللا كبيراً استمر لفترة طويلة نتيجة غياب الانتخابات والبرلمان.

 في حال استمرار هذا الوضع، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي الى الإضرار بالحريات وسيادة القانون وهذا انعكس بشكل كبير على القضاء، حيث أصبح ضعيفا وتابعاً للسلطة التنفيذية بشكل كبير، وبالتالي يتمثل المخرج بإجراء انتخابات تشريعية بأسرع وقت ممكن.

س8 : كيف تقيم استجابة الجهات الحكومية للقضايا التي تتابعها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان؟

ج - أصبح هناك تطور كبير في تفهم دور الهيئة، والاستجابة لمراسلاتها، والتحقيق في الشكاوى التي ترفعها، بالإضافة الى التعامل بمهنية أكبر من قبل العاملين في الأجهزة الرسمية سواء الأمنية أو المدنية في التعاطي مع شكاوى الهيئة، لكن مع ذلك تبقى أنماط الانتهاكات موجودة، خصوصاً تلك المرتبطة بحالة الانقسام والقضايا السياسية.

س9 : كيف تابعت الهيئة قانون الضمان الاجتماعي مع الأطراف ذات العلاقة؟

ج - كان لنا دور فاعل منذ اللحظة الاولى لصدور القانون سنة 2016، حيث استجاب الرئيس محمود عباس لطلب الهيئة في حينه وأوقفه لمدة 6 شهور، جرى خلالها حوار بين الأطراف المختلفة، وتم تعديل القانون بشكل جوهري.

 الان حينما جاء تنفيذ القانون، ظهرت أصوات أخرى معارضة لتطبيق الضمان الاجتماعي، نحن مع وجود قانون ضمان الاجتماعي من حيث المبدأ، ولكن مع ضرورة سماع كافة الاطراف عبر اجراء حوار دون قمع أو استهداف أي رأي معارض لقانون الضمان الاجتماعي.

ونحن نرحب بقرار الرئيس ورئيس الوزراء بفتح باب الحوار متأملين تعديل القانون بأسرع وقت بما يضمن الاستجابة لمطالب المعترضين، علما بأن البعض ضد مبدأ وجود قانون الضمان من أصله.

س10 : كيف تقيم عمل الهيئة المستقلة بعد مرور 25 عاماً على التأسيس ؟

ج - الان وبعد مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أستطيع القول بأن لها وجود فاعل وقوي على الصعد المحلية والاقليمية والدولية، نحن نتلقى ما بين 2500 – 3000 شكوى سنوياً ونعالجها، مع وجود تحسن كبير في نسبة اغلاق الشكاوى بشكل مرضي للمواطن.

كنا في السابق نغلق 20% من الشكاوى بنتيجة مرضية، الان وصلت النسبة الى 50%، ونأمل أن تزيد نسبة الرضى في إغلاق الشكاوى. الهيئة الان تزور كافة مراكز الاحتجاز والتوقيف دون قيود، حيث أننا ننفذ حوالي 1300 زيارة بشكل سنوي لكافة مراكز الاحتجاز في الضفة الغربية وقطاع غزة، نأمل أن نتوصل لمرحلة الزيارات المفاجئة، مع العلم بأننا اقتربنا من ذلك.

الهيئة تؤثر بشكل كبير في التشريعات والسياسات التي تصدر في فلسطين، هناك قوانين نرى بأنها سيئة استطعنا إيقافها، وهناك أخرى صدرت استطعنا أن نؤثر فيها من ناحية مواءمتها مع حقوق الانسان مثل قانون الجرائم الالكترونية الجاري تعديله، وقانون محكمة الجنايات الكبرى بتدخل كبير من الهيئة في هذا الموضوع.

استطاعت الهيئة من خلال إبداء النصح والمشورة إقناع وزارة الخارجية، ومكتب الرئاسة بالانضمام للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ما يعني بأن اجراءات الوقاية من التعذيب سترتفع، كما نتوقع أن تنخفض حالات التعذيب وسوء المعاملة بشكل معقول خلال العامين المقبلين.