أماني.. شابة ألهمت الكثير من النساء للدفاع عن حقوقهن

2019-02-02 10:48:28

أماني شابة فلسطينية تبلغ من العمر 26 عاماً وتعمل في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي. تروي قصتها الشخصية بتفاصيلها المعقّدة والمليئة بالأحداث المثيرة للاهتمام. زواج مبكر، طلاق، معارضات عائلية ومجتمعية، مسؤوليات كبيرة، مفاهيم ظالمة. كل ذلك لم يمنع أماني أن تصبح امرأة ريادية في مجال مناصرة حقوق المرأة والإنسان وتشاركنا قصتها لتكون مصدر ألهام لباقي النساء.

تروي أماني، المرأة الفلسطينية المثابرة، قصتها الشخصية بتفاصيلها المعقّدة والمليئة بالأحداث المثيرة للاهتمام. تبلغ أماني من العمر 26 عاماً وتعمل في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي. وفي هذه الصورة، تُحضر أماني طفليها إلى المدرسة، وهما حسام ابن السبع سنوات ومهند الذي يصغره بعامين.

تعتبر أماني أن الدفاع عن حقوق الإنسان ينبع من مدى الاهتمام بقضايا الأخرين حتى وإن لم تؤثر عليها بشكل مباشر. وهذا الموقف لم يأت من فراغ، بل كان وراءه قصة تعكس ثقافة الإهمال كما تقول أماني “كنت أقود سيارتي وشاهدت شاباً يصدم السيارة التي خلفه فغادر سيارته وكأن شيئاً لم يحدث، لحقت به وأخبرته. فسألني هل هذه سيارتك؟ فقلت له لا، ولكن من الممكن أن تكون سيارتي، فقال لي أن هذا الأمر ليس من شأني” تعتقد أماني أن هذه المواقف التي لا تهتم بالآخرين يجب أن تتغير، وإلا لن يحدث أي تقدم على حياتنا.

تقطن أماني في قرية عارورة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من مدينة رام الله. في كل يوم تقود أماني السيارة لمدة ساعتين ذهاباً وإياباً إلى المدينة. لا يُعد هذا الأمر مزعجاً لأماني، بل على العكس فإنها تستمتع بالقيادة وهي تشاهد جبال وطبيعة فلسطين الخلابة وحركة الناس النشطة في الصباح وهم متوجهين إلى أعمالهم.

أماني تحمل ابنها الى البيت

وخلال توجها إلى عملها، لا يخلو الأمر من مواجهة عوائق الاحتلال اليومية التي يعاني منها جميع المواطنين الفلسطينيين. تمر أماني يومياً عبر نقطة تفتيش إسرائيلية في الطريق إلى منزلها في قرية عارورة. وقد يتم إغلاق القرية لعدة أيام عند حدوث مواجهات بين القوات الاسرائيلية والفلسطينيين، مما يزيد من المعاناة وتهديد لسلامتها وسلامة ابناءها.

وفي طريقها إلى البيت، نام أبن أماني الأكبر حسام، فحملت أماني أطفالها على ظهرها إلى منزلهم في عارورة كما هي تحمل همومهم وقضاياهم وأحلامهم. تحاول أماني بث روح التفاؤل والعطاء لأبنائها حتى مع وجود المنغصّات اليومية التي تمر بها. “لا أريد لأطفالي أن يشعروا بأن وضعنا الحالي تحت الاحتلال والقيود على حريتنا هو نهاية العالم. فأنا أريدهم أن ينظروا إلى هذا الأمر بأنه تحدي لهم لكي يثبتوا أنه لا يوجد أي شيء يمنع الشخص من تحقيق أحلامه. فأنا اعتبر هذه الظروف هي بمثابة فرصة للتحدي وتحقيق الأهداف.

تعرضت أماني منذ طفولتها لتجربة صعبة حرمتها أن تعيش بشكل طبيعي كباقي صديقاتها. فقد قرر والديها تزويجها وهي بعمر السابعة عشر عندما كانت في الثانوية العامة. وعلى الرغم من كل هذه الأعباء عليها، اجتهدت أماني وحصلت على أعلى علامة في امتحان الثانوية العامة وعلى منحة دراسية للجامعة لتتفاجأ بعدها بحملها بالطفل الأول عندما التحقت بالجامعة. كل ذلك لم يمنع أماني من الاستمرار لتتخرج في عام 2013 وحصلت على درجة البكالوريوس في اقتصاد الأعمال بدرجة امتياز.

عانت أماني خلال زواجها، فلم تكن على وعي بما يحدث. لم يكن فستان الزفاف حلماً لها في ذلك الوقت. تقول أماني ” لم أكن أعرف ما هو الزواج. كل ما فكرت به هو اللعب والتسلية والدراسة والحلم بالتخرج من الجامعة والتفكير بالمستقبل. شعرت أنني طفلة في ذلك الوقت ومن الظلم أن أكون مسؤولة عن عائلة.

الشابة أماني ناشطة في حقوق الانسان

على الرغم من الكثير من الأوامر والتوجيهات لأماني من قبل عائلة زوجها، لم تكن على فهم كافٍ بدورها في الحياة الزوجية. لقد كانت هذه التوجيهات بمثابة قلق مستمر وحياة غير مستقرة لها. “أتذكر تماماً الأيام الأولى بعد الزواج وسمعت العديد من العبارات والمواقف من عائلة زوجي، كان منها يجب أن لا تتصرفي بهذه الطريقة، أنت الاَن امرأة متزوجة ويجب أن تكوني مسؤولة وألا تلعبي أو تضحكي بصوت عالٍ، وأن تتصرفي بشكل مختلف مع الناس وأن تبقي في المنزل.

لقد استثمرت أماني قصتها ومعاناتها في عملها وفي مساعدة النساء المهمشات. “إن قصتي كانت السبب في شغفي للعمل مع النساء للنضال من أجل الحصول على حقوقهن بشكل خاص وحقوق الإنسان بشكل عام. فبالنسبة لي، لا يمكن تحقيق الحقوق الأساسية للإنسان دون منح حقوق الإنسان للمرأة. فمن حق النساء أن تعيش مرحلة الطفولة بحريّة والذهاب للمدرسة وتلقي التعليم وممارسة هواياتهن وعدم انتهاك حقوقهن من خلال الزواج المبكر.

وضمن هذا الإطار، تقوم أماني بالتعاون مع زملائها في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بقيادة حملة لإلغاء حكم يُنفذّ في فلسطين بخصوص عقوبة المُغتصب. حيث ينص القانون الفلسطيني على أنه لا يمكن معاقبة المغتصب إذا تزوج من الضحية. وقد تم استخدام هذه الشمعة في الصورة كجزء من الحملة، وهي عبارة عن فستان زفاف بشريط أسود لتعبر عن سوداوية وسلبية هذا القانون بصيغته الحالية.

القدرة على الاختيار هو أهم هدف تسمو إليه أماني وتحاول نقله إلى النساء الأخريات وتشجيعهن على التصميم وعدم الاستسلام للظروف السيئة ”أريد من كل النساء أن يعرفن أن لديهن الخيار في النهاية كما حصل معي شخصياً، في وقت ما لم يكن لدي القوة لاختار ولكن سيأتي الوقت وتكون لديكِ القدرة لتختاري مجدداً.

أماني تعمل على تدريس ابنها

اختارت أماني مصيرها وقررت الطلاق وهي في عمر الثالثة والعشرين. لم تسلم من معارضة عائلتها لهذا القرار لفترة طويلة، لكنها تمكنت من إقناعهم بأنها اتخذت القرار الصحيح. ووجدت المساندة منهم فيما بعد. تقول جدة أماني ” لقد شعرنا بالحزن عندما علمنا أن أماني اتخذت قرار الطلاق. بعض الناس قالوا أشياء سيئة عنك عزيزتي أماني، لكنك أثبتي لنا العكس تماماً. لم يكن هذا خطأك والآن أنا أؤيد قرارك لطلب الطلاق.

تناقش أماني قصتها وتفاصيل حياتها مع جدتها وعن ردود الفعل من أهل القرية حول طلاقها وطريقة حياتها. وفي هذه الصورة، تسأل أماني جدتها “ماذا تجيبي عندما يشتكي الناس في القرية من عملي وأسفاري المتعددة؟” وتجيب الجدة: “أقول لهم أن التعليم للنساء هو السلاح الذي سيحميها في المستقبل”.

من أهم ما أنجزته أماني للعيش بسلام واستقرار هو تصميمها لاقناع عائلتها باختياراتها وتغيير الكثير من المفاهيم التقليدية لديهم. “لقد قمت بالتأثير على موقف عائلتي حول مفهومهم لحياة الأم المطلقة والعيش باستقلالية. والآن هم يتفهمون أعمالي وسفري المتكرر وحقيقة أن هذه هي حياتي الخاصة ولي الحق في الاستمتاع بها.

الكثير من الأعباء والمسؤوليات تقع على كاهل أماني يومياً. فكما يظهر في هذه الصورة، تساعد أماني ابنها حسام في واجباته المدرسية في الساعات المتأخرة من الليل. وإلى جانب وظيفتها بدوام كامل، ومسؤولياتها اتجاه طفليها والعمل المنزلي اليومي، فهي عضو في المجلس المحلي في قريتها وتشارك بانتظام في المؤتمرات الدولية بشأن حقوق الشباب والمرأة.

أماني تلهم الكثير من النساء للدفاع عن حقوقهن

لدى أماني الانتماء الكبير لوطنها وقضيتها فلسطين وبالأخص الانتماء لقضية المرأة الفلسطينية، وتحاول إبراز هذه القضايا في جولاتها في مختلف أنحاء العالم. “عندما أكون في سفر الى دولة ما، ويسألونني من أين أنا فأجيبهم فلسطين ويظنون أنني من باكستان!. إن ذلك يزعجني حقاً. لذا أرغب دائماً في رفع وعي الناس حول هذا الأمر وإظهار المرأة الفلسطينية كإنسان قوي وليس كضحية. فأنا أكره أن تعمم فكرة أن المرأة الفلسطينية هي دائما الضحية ومخلوق ضعيف.

الكثير من المهام تقوم بها أماني خلال عملها لدعم المرأة الفلسطينية وزيادة وعيها بحقوقها، فهي لا ترغب أن تعيش النساء الأخريات نفس تجربتها. تقول أماني” لقد تنازلت عن كافة حقوقي الشرعية والقانونية لأحصل على الطلاق وكان هذا الحل هو الملجأ الأخير لدي. لهذا أنا دائماً أنصح النساء، في ورش التوعية التي نقوم بها، وأؤكد على ضرورة توثيق الحقوق الخاصة بهن في عقود الزواج. في الواقع، يتم انتهاك حقوق النساء بعد الطلاق ومعاملتهن كأنهن أشخاص تابعات للرجال ويعتمدن على الرجال بالرغم من أن النساء يعملن بوظائف مستقلة ويقمن بجهد كبير داخل وخارج المنزل”.

زواج مبكر، أطفال، طلاق ، معارضات عائلية ومجتمعية، مسؤوليات كبيرة، مفاهيم ظالمة. كل ذلك لم يمنع أماني أن تشاركنا قصتها لتكون درس يستفاد منه لباقي النساء بأن التصميم والإرادة هو الهدف الذي يجب أن تتبعه المرأة للوصول إلى سلم النجاح. تختتم أماني قصتها فتقول ” كم هو صعب أن تكون فلسطينياً ومن الأصعب أن تكوني امرأة فلسطينية، ومن الأكثر صعوبة أن تكوني أماً فلسطينية. مجرد كونك فلسطيني فهذا يعني أنك محروم من حقوق الانسان الأساسية وذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي في المقام الأول وبسبب النظام القانوني والمجتمع الذكوري.

أماني