حراك الخليل لإسقاط الضمان ... البداية والحشد والإنتصار

2019-02-04 08:05:37

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين

طويت صفحات كتاب الضمان الإجتماعي بأجزائه وفصوله المختلفة، بعد قرار الرئيس محمود عباس بوقف نفاذه وتعديلاته، غير أن الكواليس النشطة ما زالت بعض تفاصيلها تنشط بتوجيه أصابع الإتهام بتهم ملونة تبدأ من التواطئ ولا تنتهي عند الخيانة.

مراسل راية في الخليل، أجرى لقاءا خاصًا مع منسق حراك الخليل صهيب زاهدة الذي وصف بشعلة ايقاف نفاذ قانون الضمان الإجتماعي لحجم الفعاليات الإحتجاجية والمشاركين فيها، وخلال المقابلة كشف زاهدة النقاب عن كثير الكواليس التي لو خرجت للعيان في حينها لربما أفشلت الحراك وما وصل إليه بقرار الرئيس.

أولى دعوات الحراك التي انطلقت بداية تحت عنوان " نعم لقانون ضمان إجتماعي عادل" حضرها قرابة 30 شخصا، وفيها تم تشكيل اللجان التنسيقية والاعلامية وغيرها المختصة بتسيير الحراك، كما قال زاهدة "بعدها جاءني اتصال من أهلي بأن المخابرات تريد اعتقالي، فالأجهزة الأمنية كانت في البداية متوجسةمن خطواتنا، لكن فيما بعد تعاملوا بشكل ايجابي".

انعدام الثقة بين الحكومة ونواة الحراك فتيل الإحتجاج الذي بدأت ملامحه تتشكل في شهر أيلول 2018.

حراك الخليل تحرك بصورة تصاعدية، فاجتمع مع مسؤولي العمال بالشركات والمصانع، ثم شارك حوالي 1500 عامل وعاملة من الخليل بوقفة احتجاجية في رام الله منتصف شهر تشرين أول 2018  ومثلوا الغالبية تحت شعار "حراك الخليل لتجميد قانون الضمان الإجتماعي"، علما أن حراك الخليل أول من طالب بتجميده ثم خرجت شعارات "هية هية، شلة حرامية، والشعب يريد اسقاط الضمان" كما قال زاهدة.

في تلك الوقفة حدثت ردة فعل من حراك رام الله، وأعربوا عن رفضهم لمطالب حراك الخليل، مطالبين بعدم رفع سقف المطالب، غير أن حراك الخليل من خلال منسقه زاهدة أصرّ على المواقف والمطالب والتي حظيت بتفاعل المحتجين من مختلف المحافظات.

"منذ  13 تشرين أول 2018حتى أواخر تشرين ثاني 2019، تواصلت الخليل بفعالياتها الإحتجاجية، ولما بدأ نجم الحراك يأخذ الأضواء بدأت محاولات ركوب الموجة تأخذ حيّزها. يقول زاهدة "في إحدى صلوات الجمعة جاءني شابين من حزب التحرير طلبوا أن تكون هناك خطبة باسم الحزب لزيادة عدد المشاركين. فأنا رفضت وقلت هذا الحراك غير مؤطر ويجمع عمال من كافة الأحزاب.. حماس وفتح وحزب التحرير وغيرها، وثاني يوم نشروا بيانا بأننا نحن نعمل لدى الأجهزة الأمنية وبأننا مناديب، وكان البيان باسم صفحة رجال الخليل التي تعتبر ظلا لحزب التحرير".

تم لملمة القصة بعد انتقاد زاهدة لقيادات حزب التحرير، ثم في 18 تشرين ثاني 2018، كانت النقلة التاريخية في قانون الضمان كما وصفها "وجهنا دعوت للقاء جماهيري في ديوان آل زاهدة، والأجهزة الأمنية كانت رافضة لذلك ومتحسسة من الأمر، فتم الضغط على عائلتي ومختارها بعدم عقد هذا الإجتماع، ثم طلبوا مني بأن أستثني بعض الأشخاص من الحديث والحضور كونهم ينتمون لأحزاب معينة، لكني رفضت وقلت من حق الجميع الحضور وقمت بتوجيه الدعوة للجميع وحضر ممثل عن محافظ الخليل رفيق الجعبري وكان له كلمة. وحضر مسلمين ومسيحيين ومن كافة الأحزاب، ومعلوماتي أن رئيس الوزراء كان متابع الموضوع وشكل غرفة عمليات، وبعد يومين أسامة حرز الله مدير مؤسسة الضمان كاد يستقيل لزخم الحراك،ثم استقال لاحقا".

قصة "العباية" التي تم تلبيسها للحاج عبد المعطي السيد أحد وجهاء الخليل، وهو أيضا أحد قيادات حزب التحرير في الخليل،  يوضحها زاهدة "قام بها حراك الشمال وألبسها للحاج عبد المعطي السيد كون الخليل هي من تقود الحراك وليس لشخص السيد، لكن أخونا الذي ألبس السيد العباية قام بالإنشقاق عنا بعد يومين بتهمة أننا نتبع لحزب التحرير وأن الحزب يمول حراك الخليل بـ 85 ألف دولار. فانقسمنا، كل حراك يعمل لوحده لكن بقي الهدف مشترك، وهذا الانقسام أوجعنا جدا".

"أكثر ما أوجعني.. حصل انقسام داخلي بحراك الخليل، وأوجدوا جسم اسمه ممثلي الشركات، لكن لم يعملوا شيئا، ولم ينزلوا على الميدان" قال زاهدة.

زاهدة لم يتعرض لتهديدات مباشرة كما أوضح "كانت التهديدات تأتي من داخل الحراك، فبعض الأشخاص كانوا معنيين بعزلي من تنسيق الحراك بالإتفاق مع جهات معينة، فمرة أخرجوا عني إشاعات بأني أعمل مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومرة خيانة الأمة وغيرها".

التهم التي تعرض لها زاهدة حملت كل الإتجاهات كما قال "جماعة من حزب التحرير يتهموني بأني أعمل مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وجماعة أخرى يتهموني بأني أشتغل مع الإدارة المدنية، وثالثة تتهمني بالعمل مع الإتحاد الأوروبي، وجماعة تتهمني بالعمل مع حماس، وجماعة أخرى تتهمني بالعمل مع دحلان، وتهم أخرى كثيرة".

يقول زاهدة :"لم نقمع ولا مرة من الأمن، منعنا مرة أو مرتين، ونفذنا حوالي 40 فعالية في الخليل".

حول تمويل الحراك وتغطية نفقاته المالية قال زاهدة " كان تمويلًا ذاتيًا، فأنا صرفت من جيبي الخاص حوالي 25 ألف شيقل، ولم يعوضني أحد ولا أطلبه، فهذا مبدأ وأمانة حملتها".

في التعليق على تصريحات وزير الحكم المحلي قال زاهدة "موضوع اتهام الحراك بأنه يمشي وراء جاسوس، شكل فارقا، فخرجت بفيديو قلت للأعرج فيه (خسئت وفشرت) يا وزير الحكم المحلي، وبعدها بساعة صدر بيان من المحافظ جبرين البكري بالإدانة والإستنكار لما صرح به الأعرج".

وذكر زاهدة أن مفوضا من مكتب رئيس الوزراء طلب منه ايقاف الفعاليات الإحتجاجية، وجلس معه عدة شخصيات صاحبة قرار تناقشه وتحاول وقف الحراك إلا أنه كان يرد دائمًا بأنه مع مطلب العمال.

في السؤال عمن يقف في ظهر زاهدة، رد علينا "أنا في ظهري العشائر، فلم تدعمني أي جهة سياسية، لكن أنا عملت لجان مساندة لي لا أحد يعرفها من أطباء، مهندسين، وغيرهم، وهم بمثابة الحديقة الخلفية التي أستشيرها، وكل ما كنت أضعف هم من ينتشلني، فهم كانوا يوجهوني ويعطوني الملاحظات".

أمر واحد ما زال يوجع زاهدة "رسائل التخوين التي ما زالت تصلني".

ختم زاهدة "أن تكون من الخليل بحد ذاته قوة، وحراك الخليل هو الفيصل، وأقدر كل الاحتجاجات في كل المدن التي وحدتنا وعلى صوتنا ليشكل نقطة فارقة في حياة العمال ولولا وحدتنا وقوتنا وتأثيرنا في الشارع لسار قطار الضمان"

"وهذه التجربة تثبت للجميع أن الشعب على حق، وقوتنا في وحدتنا ومن يحاول أو يفكر في المساس بحقوقنا وتعبنا ورزقنا سيسحق وسيقف الجميع في وجهه" ...