مصالحة الفالنتاين

2019-02-09 06:36:22

وُجّهت دعوة إلى عشرة فصائل فلسطينية وبالتأكيد بمشاركة حركتي «فتح» و»حماس» لحضور جولة حوار جديدة بموسكو في 14 من الشهر الحالي، دون معرفة الآليات التي وضعتها موسكو لإدارة الحوار، على الرغم من أن مساحة الخلافات تفاقمت وتتفاقم خلال الفترة الماضية بشكل متسارع.

ويصادف الرابع عشر من شهر شباط اليوم العالمي لعيد الحب، والذي يعرف أيضاً باسم «الفالنتاين»، وربما هي صدفة خير من ألف ميعاد، عسى الله أن يعزز الحب والمصالحة في عقل وقلب المجتمعين في موسكو؛ لأن شعبنا أرهقه الانقسام أكثر من الاحتلال بحد ذاته.

منذ منتصف حزيران 2007، في أعقاب سيطرة «حماس» على قطاع غزة، ولسان حال الشارع الفلسطيني في كل مرة يسمع بها أن هناك لقاءات وحوارات من أجل المصالحة، يقول: إنه لا أمل من تحقيقها وإنها مجرد سياحة وسفر دون أي نتائج واقعية يحتاجها الشعب الفلسطيني من أجل تعزيز الصمود واستدامة المقدرة على مواجهة الماكنة الصهيونية.

بالتأكيد أن الحوارات التي دعت إليها موسكو بين الفصائل الفلسطينية تهدف إلى إيجاد أرضية جدية لتقليص مساحة الخلافات، ومحاولة الخروج بنتائج تدعم الحوار الوطني الداخلي، لكن هل سنشهد فعلاً عملياً يؤدي إلى تنفيذ المصالحة على أن نقوم بتسميتها «مصالحة الفالنتاين» لعلها تكون كاتفاقية «الجمعة العظيمة» التي أصبحت نقطة تحوّل في المسألة الإيرلندية.

أعتقد أن روسيا لن تحضر ورقة وإنما ستبني على الورقة المصرية ولن تتدخل في تفاصيل القضايا، وإنما سترعى الحوار الفلسطيني خلال اليومين، تتناقش خلالهما الفصائل الفلسطينية فيما بينها حول المشاكل والتداعيات ونقاط الخلاف والاتفاق. 

وضمن قراءتي لجولات الحوارات السابقة، سيتم الإعداد للقاء وزير الخارجية الروسي لافروف، وستقوم الفصائل الفلسطينية بطرح ما تتوصل له وما هو المطلوب من الجانب الروسي في المرحلة المقبلة، ثم تعود الفصائل إلى شقي الوطن المنقسم بطبيعة الحال جغرافياً؛ لننتظر دولة أخرى تدعو الفصائل حتى يقوموا بجولة حوار جديدة.

لكن من يريد أن يواجه الحاضر، فلا بدّ أن يفكّر بالمستقبل، بدلاً من العيش في الماضي، على حد تعبير نيلسون مانديلا، وهذا ما لا يراه أغلب من سيكون في موسكو. الجميع سيتمترس خلف مصالحه الحزبية الضيقة، دون النظر لمستقبل القضية التي أصبحت في غرفة الإنعاش.

في واقعنا الفلسطيني حدّث ولا حرج، الكل يريد أن يكون هو المنتصر، وتناسوا أن الاحتلال وحده هو المنتصر عليهم جميعاً، ولعلّ الشجاعة الوطنية يجب أن تكون شعارها أنه لا يوجد منتصر ولا مهزوم وأن الثأر من بعضنا البعض أخطر فعل لتصفية القضية ذاتياً.

لهذا علينا جميعاً العمل على بناء المستقبل بدمجه في إطار مصالحة وطنية وخلق آليات شعبية للمساءلة وكشف الحقيقة، وفي ذات الوقت إصلاح الضرر وتعويض الضحايا وصولاً للمصالحة الوطنية في إطار إصلاح النظام القانوني والقضائي والأمني، من خلال تمكين حكومة واحدة للعمل لكي لا يتكرر ما حصل.

من حقي أن أحلم وأتخيل أن المصالحة ستتم في موسكو بالرابع عشر من شهر شباط، وسنقوم بتسميتها مصالحة الفالنتاين، وستوقّع المصالحة باللون الأحمر كدلالة للحب ورمزية وتذكير بدماء الشهداء الذين ارتقوا نجوماً في سماء فلسطين وهم يحلمون بالتحرر والاستقلال والبناء.