لماذا تتراجع جماهيرية حركة فتح؟؟!!!

2019-03-09 15:09:07

ربما السؤال الذي يسبقه هل فعلا هناك تراجع للتأييد الجماهيري لحركة فتح؟؟؟ انتخابات جامعة الأزهر قالت بوضوح نعم هناك تراجع، انتخابات نقابة الاطباء ايضا أكدت النتيجة، ومن قبلها انتخابات كثيرة ليس اقلها الغرفة التجارية في نابلس وجامعة بيرزيت وكثير من البلديات وبعض المؤسسات، والاهم من هذا وذاك نتائج اي تحليل علمي لنقاط القوة والضعف واشكال البناء التنظيمي جميعها أظهرت بالضرورة وبدون اي شك ان فتح تسير متسارعة بطريق التراجع، لكن هناك من لا يريد ان يقرأ ان ان مصلحته الذاتية ان لا يقرأ.

من يقول ان تلك عينات لا تمثل الواقع لها ان تتخيل ان ذلك قول له مشروعية ولكن الارقام عنيدة وتقول عبر الصناديق كلاما مختلفا. التراجع في غزة تم لصالح تيار محمد دحلان وهذا يحتاج الى دراسة ذاتية لوضع حركة فتح في القطاع ولسياسات السلطة ازاء غزة والتي تنعكس على حركة فتح، وللقيود التي تفرضها حماس على نشاط حركة فتح.

في الضفة لا قيود لحماس ولا تأثير يذكر لتيار محمد دحلان ولا سياسات للسلطة تفهم وكأنها استهداف للضفة ومع ذلك انتخابات نقابة الاطباء تشير الى ان المرشح المستقل يتقدم على مرشح حركة فتح ويفوز بمنصب نقيب الاطباء.

يستطيع من يريد ان يوهم نفسه ان يبحث عن مبررات ليصور الامر وكأنه حالة شاذه لا تعكس شيئا ذو مدلول، يستطيع القول بسوء الادارة او شخصية المرشح او تآمر هذا الفصيل او ذاك، وربما يذهبون في البحث عن شماعات اخرى يعلقون عليها الفشل، او ربما يقال ان المستقل هو قريب من فتح الى حد اي منهما لا يهم فكلاهما نجاح لفتح رغم ان انتخابات جامعة بيرزيت ليست كذلك حيث فازت حماس !!!!

هذا صحيح من حيث الشكل وكان من حيث الجوهر فان التنظيمي الرسمي يتراجع الى حد ان المفصولين او المهمشين فيه اصبحوا اكثر جماهيرية منه وان عبر هذا عن شيئ فانه يعبر عن تشظي البنية الرسمية اولا وعن احترام الجمهور للشخصيات المهمشة والمفصولة اكثر بكثير من احترامها لمواقف وشخوص التنظيم الرسمي اضافة لان الذين يجلسون على هامش التنظيم هم الأكثر فاعلية ممن هم داخله.مواجهة الحقيقية وهي الطريق الأمثل للتقييم واستخلاص العبر.

الحقيقة تقول نعم فشلنا هنا وهناك، هذا الفشل مؤشر خطير على تراجع واضح في جماهيرية حركة فتح، ويجب البحث في اسباب هذا التراجع ومعالجته، لان استمرار المكابرة سيقود الى اكثر من التراجع.

اما البحث في الاسباب فتيسير البحث يستدعي توجيه السؤال بطريقة عكسية: ما الذي لم تعمله فتح كي لا تفشل؟؟؟؟ بمعنى ان فتح عملت كل ما من شأنه ان يؤدي الى هذه النتيجة، ونستطيع القول انها قد عملت بسبق اصرار وبمنهجية لتصل الى هذه النتيجة، وربما سيكون المفاجئ لو جاءت النتيجة مختلفة.على الصعيد الداخلي ما كتبه كادر فتح عن وضع الحركة الداخلي يملأ مجلدات والمقترحات والاراء لتغيير الحال اكثر من ان تحصى ولكن لدينا قيادة تضخمت إلانا لديها لدرجة انها لا ترى الا ذاتها ولا تسمع الا صوتها، على الصعيد الوطني فحدث ولا حرج لذا فقدت فتح روح المبادرة الخلاقة كصانعة للحدث وأصبحت تلهث خلفه ولم تقدم اجابات على كل التساؤلات الوطنية الملحة، وهكذا على مختلف الأصعدة، وبعض مظاهر "القطط السمان والارتزاق والولاءات والمحسوبية" كلها عوامل اضافية تستدعي الفشل وتعززه.

ان حركة تعتاش على تاريخها لا يمكن ان تحافظ على قوة الدفع لتبقيها في الطليعة، وهكذا حال فتح، فالجمهور وان احترم التاريخ فانه يحتاج لإجابات عن تحديات الحاضر.

هل من الممكن ان تكون هذه النهاية المحتومة؟؟

بالتأكيد لا. هناك متسع من الوقت وان كان يضيق بشكل متسارع لإعادة التقييم، ولكن ذلك يستدعي مجموعة إجراءات اكاد اجزم ان قيادة الحالة التنظيمية لن يقدموا عليها، ربما اولها ان يعترفوا انهم سبب هذا التراجع بوجودهم اولا وبسياساتها التنظيمية ثانيا وبمسلكهم الشخصي الذي ينعكس على الحركة ثالثا. وثانيا ان تجري فتح تقييما جمعيا للوضع، تقييما موضوعيا ثوريا وبدون مجاملات ولا اعتبارات شخصية ولا إملاءات، تقييما تشارك فيه القواعد التنظيمية والكادرات، تقييما يشكل ورشة عمل ممتدة على طول وعرض التنظيم وبإشراف امين وصادق وواعي وبمنهجية موحدة، تقييما يأخذ كل الظروف ويضع الأسئلة، تقييما يفضح المستور ويسقط الاوهام.

وثالثا ان يعاد لرسم استراتيجية للزمن مسقوفة زمنيا ومحددة المعالم وموزعة الأدوار، والاهم ان يعاد بناء الهرم التنظيمي على اساس هذا التقييم وتلك الاستراتيجية.ملاحظة اخيرة وهي ان تراجع حركة فتح ليس حكرا على فتح بل هو تراجع يشمل حتى الاطر والمؤسسات التي تقودها حركة فتح، لعل ابرزها تراجع مكانة وبنية منظمة التحرير الفلسطينية والذي عبر عنه شكل اختيار المجلس الوطني وخروج فصائل مهمة منها، كذلك تراجع اداء السلطة وفشلها في التعاطي مع قانون الضمان الاجتماعي، وهذا يعكس ان فشل فتح ليس جماهيريا فقط بل بالاداء ايضا . وربما هذا ليس فشل بل سياسة مدروسة لها أهدافها التي يقف عقلنا قاصرا عن فهمها !!!!!

هل من الممكن الإصلاح ؟؟ 

يجب ان يكون ممكنا. 

لكن في ظل الحالة التنظيمية الراهنة فان حركة فتح ربما تكون مستعصية على الإصلاح. 

لهذا من المتوقع استمرار هذا التراجع وتعمقه وصولا لوضع مفتوح على كل الاحتمالات حتى المجنونة منها..