باحث مصري لـ "راية": صفقة القرن تتخلص من الرئيس عباس وحماس؟

2019-03-31 20:11:20

راية- خاص: 

قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فادي عيد وهيب، أن هدف حكومة الاحتلال والإدارة الامريكية التخلص من الرئيس محمود عباس وحركة حماس، ولا خيار لهما إلا بالتوحد لمواجهة خطط اقصاؤهما من المشهد.

وأضاف الباحث وهيب لـ "رايــــة" ان التقارب بين مصر وحماس جاء لتحقيق الأمن القومي المصري وحماية سيناء المجاورة لغزة، وضمان الأمن العربي، وابعاد الحركة الاستخدام الإقليمي لها من قطر وتركيا وإيران.

وتحدث الباحث عيد عن مراحل انجاز صفقة القرن وأهدفها ضد فلسطين والدول العربية، ضمن مخططات قديمة – جديدة، تهدف لترسيخ دولة الاحتلال ضمن تحالف جديد في المنطقة.

للاطلاع على التفاصيل كاملة في الحوار التالي:

راية: الحضور المصري الأمني يزداد في ملفي التهدئة والمصالحة، ما هي الاستراتيجية المصرية في التعامل مع غزة وحماس؟

الباحث وهيب: حفظ الاستقرار بها وقطع الطريق على الاطراف الاقليمية التى تتلاعب بحماس وتستغلها من أجل الترويج لنفسها فى الداخل (انظمة قطر وتركيا)، فأي اضطراب في قطاع غزة ينعكس مباشرة على سيناء، فأمن واستقرار غزة هو من أمن مصر بحكم الجغرافية وبحكم العلافة التاريخية بين القاهرة والفصائل الفلسطينية.

للاسف الشديد اغلب المعارك التى تخوضها حماس كانت بنيابة عن أطراف خارجية اي من اجل تحقيق مصالح دول اقليمية استخدمت كارت حماس كلما تأزم موقفها في سوريا أو مع امريكا.

راية: كيف انتقلت علاقة القاهرة وحماس من العداء على التنسيق والتواصل الدائم؟

الباحث وهيب: لحركة حماس اخطاء جسيمة فى حق الامن القومي المصري فى وقت ثورة يناير 2011 وما بعدها وما بعد ثورة 30 يونيو 2013، ولكن شاهدنا بعدها تقارب بين حماس والقاهرة غير مسبوق وتفاهم لم نشهده من قبل بين الطرفين على مدار التاريخ.

وبتأكيد هناك تفاصيل واسرار حدثت بين الطرفين لعودة العلاقات ما بينهم، اما المؤكد أكثر والمعلن هو ان مصر السيسي ليست مصر مبارك، وان مصر السيسي فى تعاملها بالسياسة الدولية تغلب أمنها القومي المصري والعربي على اى حساب مصالح داخلية او حزبية او للترويج الاعلامي، لذلك فشئنا ام ابينا فلسطين هى الاقرب لنا جغرافيا وتاريخيا ونضاليا وكل شئ، واخوتنا بغزة هم خط دفاعنا الاول أمام المحتل، والقدس كانت ولازالت هي قضيتنا الاولى والثانية والثالثة.

راية: هل صفقة القرن قدر وموقع العرب في مسارها؟

الباحث وهيب: صفقة القرن هي مسمى جديد لمخطط قديم، مخطط بدأ بعد وصول الصهاينة لفلسطين وتمكنهم منها واعلان دولتهم المزعومة، فهو مخطط له شقين الاول يستهدف انهاء فلسطين بشكل واستراتيجية مختلفة عما كان عليه الامر فى سنة 48، ولخصت ذلك فى جملة واحدة الا وهي "دولة فى الضفة، كيان فى غزة: ابوديس عاصمة للقدس" وهذا ما طرح علنا من جاريد كوشنر للفلسطنيين ولاكثر من عاصمة عربية، وقوبل بالرفض من كافة الاطراف.

اما الشق الثاني للمخطط المسمى حاليا بصفقة القرن وهو القديم والاشمل والذى جاء بعد وصول الصهاينة لفلسطين كما قلنا، فمع بداية الخمسينات كانت الولايات المتحدة تعمل على صنع نظام شرق أوسطي تستطيع فيه دمج إسرائيل، بجانب صنع أنظمة تابعة لها كي تخوض حرباً بالنيابة عنها ضد الاتحاد السوفياتي، وفي مارس 1953 جاء وزير خارجية أميركا جون فوستر دالاس إلى القاهرة، لفَهْم عقلية النظام الجديد في مصر بعد ثورة يوليو، وهنا قال السفير الأميركي في القاهرة لوزير خارجية بلاده بأن الرجل القوي في النظام الجديد هو شاب يُدعى جمال عبد الناصر وليس محمّد نجيب، فطلب دالاس عقد اجتماع معه، وعلى الفور عمل السفير الأميركي على عقد ذلك الاجتماع، حتى اجتمع كل من وزير الخارجية والسفير الأميركي وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وعرض وزير الخارجية الأميركي على عبد الناصر الانضمام إلى حلف ثلاثي يضمّ كلاً من أنقرة (الأكثر تحضّراً بين العواصم الإسلامية) وكراتشي (الأكثر كثافة سكانية بين العواصم الإسلامية) والقاهرة (الأكثر عراقة بين العواصم الإسلامية).
فسأله عبد الناصر: وما سبب إنشاء ذلك الحلف، وسيواجه مَن؟
فأجابه دالاس قائلاً: بالتأكيد ضد الخطر الشيوعي.
فردّ خالد العرب كيف تريد أن أرى خطراً مزعوماً على مسافة أربعة آلاف كيلومتر، ولا أرى خطراً حقيقياً على مسافة مئة كيلومتر (إسرائيل)؟
وهنا انتهت مهمة دالاس بالفشل في مصر وبعدها عزمت الاستخبارات البريطانية والأميركية على التخلّص من جمال عبد الناصر سواء على يد أذرعها في الداخل (جماعة الإخوان المسلمين) أو شنّ حروب ضارية على مصر من كافة الجهات.
ولم ييأس وزير الخارجية الأميركي وقتها من صنع تحالف شرق أوسطي يخضع لواشنطن، حتى جاء البديل للقاهرة في بغداد، وتم إنشاء "حلف بغداد" عام 1955 والذي ضم بجانب المملكة المتحدة العراق وتركيا وإيران وباكستان، ولكن كان عُمر "حلف بغداد" قصيراً، بعد أن أسقط عبد الكريم قاسم النظام الملكي بقيادة نوري السعيد بعد ثورة تموز 1958 التي أطاحت بالمملكة العراقية الهاشمية التي أسّسها الملك فيصل الأول تحت الرعاية البريطانية.


وهنا أرسل بن غوريون مؤسّس الكيان الصهيوني للرئيس الأميركي أيزنهاور رسالة يقول فيها "إنه لمن الخطأ الفادح أن تفكّر الولايات المتحدة بإقامة حلف في الشرق الأوسط يرتكز على أية عاصمة عربية، إن الشرق الأوسط لكي يحظى بالاستقرار وبالولاء للغرب يجب أن يرتكز على ثلاث عواصم من دون غيرها، وهي أنقرة وتل أبيب وأديس أبابا".
ولم يخيّب دوايت أيزنهاور رأي بن غوريون، وفي العام التالي من انهيار حلف بغداد أي فى عام 1959 تم توقيع اتفاقية "الرمح الثلاثي" بين إسرائيل وتركيا وإيران الشاه وأثيوبيا، وهي الاتفاقية التي استخدمت فيها إسرائيل كلاً من إيران وأثيوبيا كرمح فى وجه الأمن القومي العربي، فمن خلال تركيا سيطرت إسرائيل على نهر دجلة والفرات للتحكّم في العراق وسوريا، ومن خلال أثيوبيا هدّدت إسرائيل أمن مصر والسودان المائي بنهر النيل، وفي عام 1996تم تجديد الاتفاقية مرة أخرى لضمان تطويق الوطن العربي ليس في موارده المائية فقط بل وتقويض نفوذه السياسي والاقتصادي أيضاً.

والحقيقة كلمة "صفقة القرن" تطرح علينا سؤالا، فمعنى الصفقة هى تبادل اشياء بين طرفين، وان كان حسب ما يتبين من المخطط ان الاسرائيلي سيتحصل على مساحات جديدة من فلسطين، فما الذي سيعطيه الاسرائيلي للفلسطيني او لاي طرف عربي.

راية: الرئيس عباس رفع حدة التوتر مع الإدارة الأمريكية والعلاقة مع إسرائيل.. ما مصير السلطة الوطنية؟

الباحث وهيب: سأتكلم بصراحة أبو مازن له ما له وعليه ما عليه كفصائل القطاع، ولكن لا اخفى عليك وقد قلتها من البداية، ان الادارة الامريكية واسرائيل تعمل على الاطاحة بأبو مازن وكارت دحلان ما هو الا الهدف منه التخلص من أبو مازن، ولا ضمان وبقاء للسلطة ولحماس الا بالتوحد، فكلهما مستهدف من اسرائيل وامريكا، ولكن فى النهاية لن يبقى على أحد فيهم سوى بعضهم البعض، فلا ينفعا أحدهم سواء إيران او تركيا او قطر او غيره.