(الرابش) عنوان الحياة في بيت عوا

2019-06-30 15:36:02

الخليل_ رايــة:

بتول ملّوح
"أمام سيارتي أقف بساحة السوق الذي يعج بالمتسوقين منادياً (ألا أونا... ألا دوي... ألا تري) لأبيع بضائعي حتى أحصل على رزقي" هذا ما قاله الحاج الستيني في سوق بيت عوا جنوب محافظة الخليل موسى مسالمة بكل شغفٍ وحب .

بين عجلة التطور وتفاصيل الحاضر يسير السوق القديم على مهل، يعيد الحياة لزائريه، يتربع وسط بلدة بيت عوا جنوب مدينة الخليل، ينبض بعبق التجارة,مستقبلاً زبائنه برائحة العتق والأصالة الذي في مظهرها بضائع مستعملة, وفي حداثته بضائع جديدة ,حاملاً النواة الاقتصادية والتجارية, معتبراً من أكبر الأسواق في الضفة الغربية.

"خبز الحياة وملحها"هكذا وصف مسالمة مهنته بذاكرة خطت ببدايات السوق القديم قائلاً:" كنت أتجول على قدماي حاملاً على اكتافي بضائع (الرابش) قبل 48 عاماً, أما الان أتجول في سيارتي الخاصة  ببضائع متنوعة منادياً (التيه زخم)".

(التيه زخم ) كلمة باللغة العبرية تستخدم كجرس للمناداة لتجميع البضائع التي يستقطبها سوق البلدة ، من كافة أطراف أراضي الداخل المحتل ما عدا منطقة ايلات التي تحكم بأن يكون للمواطن هوية زرقاء ،حيث يقصدها التجار للبحث عن رزقهم ، في جمع البضائع المستعملة.

ببسمة على محياه تابع مسالمة "بعد جمع البضائع أنادي في ساحة وسط بلدة بيت عوا التي تعتبر المزاد العلني,اعرض فيها بضائعي ليتم بيعها إما لتجار البلدة أو لزبائن من خارجها".

وخلف الكواليس يقوم التجار بترميم البضائع وتجديدها من خلال حلقات عملية الدهان والتنظيف والتزين ليتم عرضها على الزبائن  في السوق تحت عنوان بضائع (سوق بيت).

ويضيء السوق ليصبح محط انظارٍ للجميع, يقصده الزبائن من كافة مناطق الضفة الغربية والقدس وأراضي ال (48) لشراء احتياجاتهم, وليشرق بالواجهة الأولى للبلدة من خلال تصدير بعض البضائع لقطاع غزة كالغسالات والثلاجات وللكثير من مناطق الضفة .

وبشهادة مسالمة تتميز البضائع بكونها تحارب الظروف الاقتصادية الصعبة بأسعار منخفضة مقارنة مع غيرها , بالإضافة الى جودتها التي في بعض الاحيان تكون أفضل من البضائع الجديدة المستوردة من الخارج لكونها صناعات إسرائيلية خاصة تلك الصناعات الخشبية  .

ولا يقتصر السوق على البضائع المستعملة فقط, فضلاً عن أنه داعماً للحرف الفنية والصنّاعات المحلية  كمصانع الأبواب والفرشات والجرانيت والمناجر التي تثريه بمواكبة الارتقاء والتطور .

وفي كفة الميزان الاخرى هناك الصعوبات التي تواجه التجار واصفها مسالمة بالمذاق المر قائلاً :" نواجه الاحتلال الإسرائيلي,سواء من حجز السيارات أوسحب التصاريح, فقبل بضعة أيام تم حجز سيارتي 51 يوماً, وسحب تصريح ولدي الذي يعيلني في المهنة ,بحجج متنوعة منها أن هناك بضائع محظور لنا شرائها من الداخل المحتل , فليس كل البضائع يسمح لنا أن نقتنيها" .

رغماً عن الشوك  يؤمن مسالمة بأن هناك ورد, مادحاً التجارة بالجمال والحسن فرحاً بأن ولده فادي مسالمة يمتهن مهنة التجارة ويعيله , ليقول فادي ذو الستة والثلاثين عاماً " أنا لم أتمم مرحلة التعليم بالثانوية العامة,لكن والدي كان بمثابة المعلم الأول لي سواء بتعلم اللغة العبرية  أو بمعرفة خارطة الطريق داخل الاراضي المحتلة (إسرائيل) ,أو بطريقة التعامل مع التجار لكي احصل على البضائع أو لحتى يتم بيعها , فالتجارة ايضا كانت عبارة عن مرحلة تعلم قبل أن تكون مهنة" .

بجانب اللغة العربية كانت اللغة العبرية لغةلابد من تعلمها من قبل معظم تجار بلدة بيت عوا , ليكونوا قادرين على التعامل والتواصل مع التجار داخل (إسرائيل) كي يحصلون على البضائع التي يتزين بها السوق القديم.

ختم فادي" أكثر ما أعشقه في السوق القديم هو النظر إلى المحال التجارية التي تملك جواهر القطع القديمة كالسجاد والخزائن المزخرفة وغيرها الكثير ، فهذه القطع  بسوق بيت عوا تتميز عن غيرها من البضائع".