المخرطجي..!

2019-07-30 13:33:00

الخليل- رايــة: طه أبو حسين-

في مساحة تضجّ بالمعدات، ولا شيء أكثر من الحديد فيها، آلات ضخمة، مطارق ومفاتيح بأنواعها، إلى جانب الأوكسجين واللحام، يتمحور عالم الشاب العشريني الخليلي بهاء النتشة، داخل ورشة الخراطة التي أسسها وشريكه، التي يعتبرها مصنع أفكاره وجنونه.

يعمل بهاء في الخراطة منذ ست سنوات، واجه في بداية مشواره كثير الصعوبات "أول ما تعلمت الخراطة لم أكن أعرف المعدات بشكل جيد، فالمهنة دقيقة جدًا، ثم بدأت أتعلم على الآلات بشكل صحيح، فكنت أجد صعوبة في فهم القوانين، ففيها معادلات حسابية كثيرة، وتغلبت عليها مع الوقت والإصرار".

الخرّاط أو كما يقال بالرواية الشعبية، المخرطجي بهاء يعقوب النتشة، "22 عامًا"، درس في مجال الخراطة بمدرسة الخليل الصناعية الثانوية، ثم تدرب عند مهني في ورشة خراطة على  تصميم القوالب، بعدها انتقل للتدريب في عمل أوسع وأكبر، سرعان ما فكّر بالإنخراط في سوق العمل بشكل شخصي، الأمر الذي دفعه لتأسيس ورشته الخاصة مع شريكه محمود دنديس، بالمنطقة الصناعية في الخليل.

"أشعر بحرية كبيرة، وأني أملك صنعة جيدة، وكل فئات المجتمع تحتاجها، من زراعة وإنتاج مواد غذائية، واعادة تدوير البلاستيك، فكل صناعة مردودها للخراطة، فالخراطة هي من تبني الصناعات المختلفة". قال بهاء.

بشرة بهاء السمراء تتلون بسمرة الزيوت المحروقة والشحمة وغيرها من المواد الخاصة بالآلات الثقيلة التي يعمل على تفكيكها وصيانتها ثم تجميعها وتطويرها وفقًا للحاجة، "المخرطة مملكتي، أشعر بسعادة عظيمة فيها، ففيها يتجسد إبداعي وكل أفكاري، وأنا أرى نفسي فيها الرقم واحد بالنسبة لي".

الخراطة تشعر بهاء بحريته وبمركزيته الصناعية التي تعتبر أرضية أساس لجلّ المهن، لكن هناك زاوية ضيّقة في مهنته الأحب والأقرب على قلبه "صيانة القوالب والصيانة بشكل كامل أعشقها، أفكفك الماكينات الضخمة وأعيد تركيبها، فهذا المجال قلة من يتقنوه كونه يحتاج جهدًا ووقتا طويلين".

الجهد والوقت سببان، لكن هناك سببًا أكثر أهمية جعل الصيانة أقرب لنفسه "القوالب بحاجة إلى قياسات ودقة عالية جدًا، وهو أمر معقد خاصة بما يتعلق بالضروس والمسننات وصب قوالب البلاستيك التي تحتاج لمعادلات حسابية كبيرة لا يقوى عليها كثير".

الخراطة، مهنة ثقيلة ومتعبة، تحتاج لبنية جسدية قوية، والأهم لعقل يستطيع قياس المعدات وصيانتها قبل المباشرة بذلك، لكن ذلك لا يثقل بهاء "أتعب وأشعر بإرهاق كبير في العمل، لكن عندما أذهب لأرتاح وأفكر بما أنجزت خلال يومي أرتاح وأفرح، لأنني أنتج أعمالًا مميزة ومختلفة".

بهاء يرى نفسه إنفرد بصناعة قوالب البلاستيك عن باقي الخرّاطين ." انفردت في مجال البلاستيك وإعادة تدويره، وأحاول دائمًا أن أطور فيها، ورغم حداثتي بالسوق إلا أنني طوّرت أمورًا كثيرة مثل (ذراع المكسر ورؤوس قطع البلاستيك)، وحدثناها على نظام مختلف صممته بمشاركة زميلي".

مهنة الخراطة كغيرها من المهن، تأثرت من الإستيراد، "استيراد القوالب أثّر على صناعتنا، فأصحاب المصانع أصبحوا يعتمدوا على القوالب المستوردة كونها أقل سعرًا".

بينما كان بهاء منهمكا بقص الحديد وتطويعه بالشكل الذي يريد عبر استخدام الأوكسجين واللحام والآلات الخاصة، قال "أطمح بتأسيس مصنعًا خاصًا يجسد أفكاري وأحلامي".