الخبيصة الخليلية

2019-09-04 08:44:26

الخليل- رايــة: طه أبو حسين-

في مساحة شبه دائرية تعرف بالمداس، لا تتجاوز المترين المربعين، أرضيتها وجوانبها مرصوفة بالبلاط، يسقط السبعيني موسى عاشور، العنب الموضوع في كيس خيش داخلها ويرشّه بتراب لونه كريمي يعرف بـالحِوّر، ثم يدعسها بقوة، كما لو أنه في مسابقة عدو، غير أنه يركض مكانه فوقها، حتى يبدأ العصير يخرج من فتحة في قاع المداس إلى مصبٍ خاص يجمع فيه عصير العنب قبل أن ينقل لموقد النار، ويصنع منها الدبس والخبيصة والملبن.

منذ عشرين عامًا، الخليلي موسى عاشور 71 عامًا، يعمل على إنتاج الخبيصة والملبن والدبس وغيرها من منتجات العنب، التي تعلمها من والده وأجداده.

"أضع العنب في المدعس وأعصره،  وعصير العنب الناتج يتجمع في حفرة خاصة، ثم نأخذه ونضعه في (حلّة) على النار حتى يسخن قليلاً  فتخرج منه شوائب نزيلها، ثم ننقله في براميل ليتصفّى قبل وضعه مرّة أخرى على النار  لإزالة ما بقي من شوائب، ثم نتركه يغلي لمدة 10 دقائق ونضع السميد ونحركه بالمحراك حتى يطبخ السميد جيداً، فنضيف القريش فيصبح خبيصة" قال عاشور.

بين المداس وحلّة عصير العنب الموضوعة على النار، كان هناك سيّدتين، تضعان الحطب في الموقد، ثم تحرّكان العصير ليصبح خبيصة، ثم تحملان معًا تلك الحلّة ثقيلة الوزن، وكلاهما زوجي الحاج موسى، اللتين تعملان معه يدًا بيد منذ ساعات الفجر الأولى حتى إنتهائهم من إعداد الوجبتين اليوميتين من الخبيصة والملبن والدبس، دون أن يميّز بينهما كما قال وأكدت الزوجتين على ذلك.

الخبيصة، الحلوى الخليلية الشعبية، تقدّم كطبق ضيافة خلال موسم العنب لضيوف خليل الرحمن.

"لا أحد يصنع الخبيصة كالتي أصنعها، والناس تقول لي لا يوجد ألذ من خبيصتي، وسرّ الخبيصة النفس الطيب خلال صناعتها" قال عاشور.

أما حلوى الملبن وطريقة تصنيعه، فهي خطوة استكمالية لتصنيع الخبيصة ذاتها، فبعد إنتاجها، يتم بسط النايلون على سطٍ مستوٍ وتسكب الخبيصة عليه، وتكون طبقة رفيعة لا تتجاوز ملمترات قليلة، ثم تترك ثلاث أيام أو أكثر حتى تنشف بشكل كامل، بعدها تقطع لتصبح جاهزة للأكل والتخزين.

الحاج موسى، يستثمر موسم العنب، فيعصر حوالي 20 طنًا، يصنّعها، ثم يبيعها، ليعتاش وأسرته من ريعها على مدار أيام السنة.

"أنا أحب العمل، والجهد الذي أبذله في التصنيع، وأنا بتصنيع العنب أحافظ على التراث والهوية الخليلية الفلسطينية" ختم عاشور.