ملاحظات عنقودية

2019-09-07 06:33:51

بصحبة الفلاح رياض العطاري وزير الزراعة، شاركت، الأسبوع الماضي، بإطلاق العنقود الزراعي في محافظة قلقيلية، بمشاركة حكومية عالية، على رأسها مايسترو الحكومة د. محمد إشتية. مقالي هنا عبارة عن مشاهدات استشعرتها خلال ذاك اليوم المُكثف بالأنشطة الميدانية التنموية، واللقاءات الفردية المتنوعة مع عدد من المسؤولين في مواقع مختلفة، والمواطنين الصامدين المُرابطين على أرضهم.

كل مدينة وقرية ومخيم لها احتياجات كثيرة متنوعة، وأيضاً بنسب مختلفة. مفهوم العناقيد جاء بزاوية تنموية تختلف عن مفهوم الاحتياجات مثل إنشاء عيادة صحية، تعبيد طريق، بناء طابق إضافي لمدرسة ما. من وجهة نظري أجد أنه من المهم وبشكل سريع أن يرافق الخطة العنقودية خطة موازية تنظر بعين هرم «ماسلو»، فاحصة لأهم الاحتياجات وحسب الأولويات لكافة المناطق، ولنبدأ بالمناطق المهمشة التي تواجه السرطان الاستيطاني.

كافة المواقع التي زرناها في محافظة قلقيلية تنظر إلى الحكومة على أنها المُخلص لكافة قضاياهم ومشاكلهم، وبالتالي فإن التوقعات المرتفعة والعالية يجب التعامل معها بحذر؛ لأن أي خلل أو تقصير سيؤثر سريعاً بشكل سلبي. لهذا على من أطلق الوعود أن ينفذها وألا يقوم ببناء قصور من الوهم، وهنا على الحكومة أن تأخذ بعين الحُسبان أن العناقيد المختلفة التي ستطلقها يجب أن تكون أولاً: سريعة في التنفيذ مع جودة عالية، ثانياً: النتائج يجب أن تكون ملموسة لدى القطاعات المستهدفة، ثالثاً: شاملة جميع المواقع الجغرافية في كافة المحافظات، ولا يجب أن تتمركز في مناطق معينة.

بما أن أول عنقود زراعي تم إطلاقه، فإنه آن الأوان أن تفكر الحكومة وبشكل سريع في جذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة للاستثمار في قطاع الزراعة، وهذا تتم ترجمته بطبيعة الحال من خلال وزارة الاقتصاد بأن تقوم بمهمتها الأساسيةـ وهو خلق ظروف لظهور مشاريع عملية وهذا ليس أمراً بسيطاً؛ لأنه يتطلب تعديل سياسات التجارة والاستثمارات العامة السابقة.

أسعدني د. إشتية وهو يعلن أن هناك مستثمرين من مدينة الخليل سيستثمرون بقطاع الزراعة بكلفة 5 مليون دولار في قلقيلية، لهذا يجب ترجمة ذلك فوراً من خلال إقامة تحالفات وشراكات جديدة بين الحكومة وقطاع الأعمال والمؤسسات الأهلية، والنظر بالتحديد إلى الحوافز مثل المدفوعات التعويضية التي ستساعد على جذب القطاع الخاص إلى هذا العنقود. كما أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص قد تضمن زيادة تمويل التطورات التكنولوجية الزراعية.

كانت محافظة قلقيلية سعيدة وهي تشاهد رئيس الوزراء مُشمّراً عن ذراعيه وهو يقود جرافة لشق طرق زراعية جديدة في أماكن نائية، ووزير العمل د. نصري أبو جيش وهو يعتمر القبعة وبيده شتلة الجوافة ليزرعها، والفلاح رياض العطاري وهو يرتدي بنطلون «كاوبوي» وحذاء رياضياً وبيده معول، ووزراء الحكومة دون ربطة العنق يقومون بأعمال زراعية متنوعة، لكن هذه الصورة لن تدوم في ذهن المواطن ما لم يتم إنجاز كل الوعودات التي وعدت الحكومة بتنفيذها، وهذا يتطلب خلق عنقود جديد لكنه موجه داخل الحكومة، ويجب أن تضعه في سُلم أولوياتها من أجل تنفيذ كافة العناقيد، هذا العنقود متمثل في ضخ الدماء الشابة القادرة على القيادة، كلاً حسب طاقته وإمكانياته في كل المواقع من أجل استنهاض الوزارات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية لتنفيذ سياسات الحكومة وترجمتها على أرض الواقع.