مكافحة الفساد في فلسطين

2019-11-24 10:24:35

بِمُجرد قراءة العنوان، سيتساءل كثيرون عن جدية مكافحة الفساد في فلسطين ولهذا قررت الكتابة في هذا الموضوع الذي يؤرق الكثيرين الحريصين على المصلحة الوطنية. لقد دخلت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حيز التنفيذ عام 2005، وهي تعتبر المعاهدة الدولية الوحيدة الملزمة قانونياً فيما يتعلق بمكافحة الفساد، تندرج بنود الاتفاقية في 8 فصول مكونة من 71 مادة.

من الجدير بالذِكر أن فلسطين انضمت قبل 5 سنوات لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد دون تحفظات. حيث تقدمت دولة فلسطين ممثلة بالرئيس بطلب العضوية في نيسان ٢٠١٤ والجهة الرسمية المسؤولة عن المتابعة هي وزارة الخارجية الفلسطينية.

وهنا أخصص مقال اليوم لتسليط الضوء على مدى التزام فلسطين بمتطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

وبعد مرور 5 سنوات على الانضمام للاتفاقية، لا أستطيع أن أنكر أو استخف بالجهود الحثيثة الرسمية التي تقدّم من منظمة التحرير الفلسطينية، ومن وزارة الخارجية ولجان المجتمع المدني.

لقد خطت فلسطين خطوات إيجابية في هذا الملف فتم إنشاء هيئة مكافحة الفساد في العام 2010، كما تم إنشاء محكمة جرائم الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية وتم إقرار نظام الشكاوي الموحد وانضمت فلسطين للانتربول، وهناك بالطبع قانون مكافحة الفساد رقم (١) لسنة 2005 الذي جَرَمَ الواسطة والمحسوبية بعقوبات تبدو رادعة. هذه الممارسات تعكس إرادة لصنع صورة دولة المؤسسات ودولة القانون بينما في الواقع لا تتم المسائلة بنفس هذا الحد من الشفافية وبالتالي بالكاد نسمع عن مسؤول أو موظف تمت مكافحته بجريمة فساد وما زلنا نتسائل:

- أين فلسطين من مكافحة الفساد؟

- هل هناك استقلال بين السلطات الثلاث؟

- أين فلسطين من نظم المسائلة والشفافية؟

- أين نحن من تطبيق الديمقراطية وحقوق الانسان والانتخابات؟

- ماذا ننتظر لنشر المعاهدة الدولية في الجريدة الرسمية كبادرة للشفافية أمام المواطنين؟

سأتطرق اليوم لعدة معضلات يجب التعامل معها بطريقة عاجلة:

أولا: يجب نشر الاتفاقية في الوثائق الفلسطينية الرسمية، لأنه حسب القانون، لا تكون أي اتفاقية مُلزمة للدولة إلا بعد نشرها بالجريدة الرسمية.

ثانيا: نشدد على ضرورة عقد الانتخابات حتى نتمكن من تفعيل المجلس التشريعي ليعمل كجهاز رقابي لممارسات الفساد ولمتابعة توقيع الاتفاقية ومواءمة القوانين الداخلية بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية.

ثالثاً: يجب إنهاء الانقسام لكي نضمن انسجام القوانين الداخلية الفلسطينية وارتقاء فلسطين إلى مرتبة مناسبة من مكافحة الفساد، إذ لا بد من تطبيق الاتفاقية في الضفة وغزة على حد سواء اذا كنا نتحدث عن دولة فلسطين.

إذاً، لا نقلل من الجهود التي بذلتها فلسطين ومن هنا ندعو للاستمرار بالعمل لتفعيل النظري وتطبيق القوانين والأنظمة والعقوبات بجدية وصرامة من خلال عدة تدابير منها رفع الوعي بأهمية دور الفرد باستخدام الاعلام وأتمتة الخدمات العامة لضمان النزاهة والشفافية إضافة لاجراءات تفعيل المجلس التشريعي وانهاء الانقسام وإنفاذ القانون.

 

د. دلال عريقات، أستاذة حل الصراع والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأمريكية