اغتيال أبو العطا مرتين

2019-12-31 11:36:16

الغرق في تفاصيل ادعاءات حركة حماس حول جريمة اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا، مطلوب في حد ذاته لبث أجواء التناحر والفتنة للتغطية على حدث لا يغطى بغربال الدراما، وابعاد الرأي العام عن جوهر التفاهمات السرية بين حماس ونتنياهو.

 

المتهم الاول في اغتيال أبو العطا هو من رفع الغطاء الوطني عن الشهيد باعتباره خارج الاجماع، ولم يشارك في رد العدوان الدموي، بهدف الحفاظ على تفاهمات وهمية لم تتجاوز مجموعة وعود صادره عن اليمين الاسرائيلي الكاذب.

 

البحث عن طرف فلسطيني لالقاء التهمة على كاهله، للهروب من جريمة مكتملة الأركان لن تنتهي بالشهيد بهاء، بعد استدعاء حروب ومعارك راح ضحيتها عشرات الالف من الشهداء والجرحى ومئات ألاف الضحايا العاطلين عن العمل من اجل تفاهمات لا تخرج عن دائرة تكريس الانقسام ومضاعفة معاناة المواطنين في قطاع غزة.

 

انتاج فيلم مُتخيل لاتهام جهاز المخابرات الفلسطيني بشكل ساذج لا يستدعي الدفاع عن ماضي جهاز أسسته الثورة الفلسطينية وخاضت به صراع الهوية والقرار الوطني المستقل من اجل دولة فلسطينية تحت الشمس، كما يطرح تساؤل مادامت أجهزة امن حماس على دراية بكل هذه التفاصيل.. فلماذا لم تحذر الشهيد من ذلك؟

 

للأسف اتهامات حماس للمخابرات العامة لا تستطيع التشويش على جهاز حمى القرار الوطني في مواجهة مؤامرة صفقة القرن، وتحدى امبراطورية يخشها الكبار قبل الصغار، جهاز يشكل سند لموقف القيادة السياسة في موجه أعتى الصفقات لاختصار الحقوق الفلسطينية، ودعم التوجه نحو الاعترافات الدولية الواسعة من الانتربول الى المحكمة الجنائية الدولية.

 

جهاز المخابرات ليس قاطع طريق ولا خارج الارادة السياسية لمنظمة التحرير ومن أجل ذلك جاءت العقوبات الاسرائيلية بالحرب المالية والحصار عبر القرصنة على الأموال الفلسطينية لمعاقبة أجهزة السلطة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية.

 

جهاز المخابرات العامة هو ظهير المسارات السياسية والاقتصادية لمواجهة الاحتلال وسياسته الهادفة لتدمير الكيانية السياسية واحباط مشروع الانفكاك الاقتصادي الذي تقوده حكومة الصمود والتنمية.

 

ولي الدم حركة الجهاد الاسلامي أبدت موقف متزن حيال الاتهامات عبر التأكيد على تحميل الاحتلال فقط مسؤولية اغتيال أبو العطا، ورغبتها في تدقيق كل الادعاءات بما يدل انها كانت بمعزل عن تلك التحقيقات التي أعادت نتائجها الفوضى الخلاقة في المشهد الفلسطيني فيما تشن حكومة الاحتلال حرب منظمة ضد الوجود الفلسطيني وفرض الوقائع بشكل خطير.

 

اتهام أحد اجهزة السلطة الوطنية جاء بهدفين رئيسيين الأول: زيادة الضغوط على القيادة الفلسطينية بالتزامن مع الضغوط الاسرائيلية والأمريكية والإقليمية بهدف اضعاف الجبهة الداخلية وإبقاؤها في دائرة الشك والتخوين، وثاني الأهداف: هو ذر الرماد في العيون للتغطية على المفاوضات الهزيلة بين حماس وجيش الاحتلال من أجل ابقاء سلطة الحركة في غزة وتعزيز الانفصال، وإذا كان العكس فعلى حركة حماس الافصاح عن حقيقة المفاوضات والرد على المعلومات السياسية والإعلامية القادمة يوميا من تل أبيب.

 

العودة لمربع التخوين الجهنمي مرفوض لأي طرف فلسطيني، والاتهام لأي طرف فلسطيني هو تبرئة للاحتلال وإذكاء للفتنة وتوتير الأجواء لمنع اجراء الانتخابات في تماهي مع رغبة الاحتلال في منع تجديد الديمقراطية الفلسطينية، في الوقت الذي تتسرب فيه مشاريع اقامة كيان مسخ في غزة مقابل تسهيلات اقتصادية محدودة وشطب الحقوق الوطنية السياسة التي تضمن الكرامة في دولة ومستقلة.