الصحفيات الأمهات في اختبار صعب مع "كورونا"!

2020-03-11 08:31:25

راية - خاص

الصحافة مهنة المتاعب، ففي ظروفها الطبيعية تطلب جهدًا كبيرًا لبلوغ المعلومة المرجوة، لكن ماذا لو كانت الظروف غير طبيعية؟ وبلغة أدق؛ في حالة طوارئ، كالحالة الفلسطينية الآنية بوجود فايروس كورونا؟ ثم ماذا لو نظرنا بمنظور أكثر دقّة بعد قرار إغلاق الحضانات ورياض الأطفال والمدارس، ما حال الصحفيات الأمهات، وكيف يعملن ويضبطن طاقتهن على حبال آلة الموسيقى الحياتية بصفتهن (أمهات، صحفيات، مربيات، معلمات)؟

راية حاولت أن تقترب أكثر من واقع الصحفيات الأمهات، عبر لقاءها عددًا من الصحفيات العاملات واللواتي اجتمعن على أن الحالة الخاصة بهن غاية في الصعوبة كونها ضاعفت من إلتزاماتهن الكبيرة أساسًا بعد إعلان حالة الطوارئ بسبب فايروس كورونا وانتشاره في فلسطين.

الصحفية نجوى الحمدان، أم لطفل عمره عام، مذيعة في اذاعة راية، ترى بأن الجميع تأثر. "بالنسبة لي، مؤسستي متعاونة، فطفلي يذهب معي للعمل، مع تقليص ساعات العمل بسبب هذا الوضع، فأنا أعمل ما هو ضروري ومهم، ولولا التعاون فالوضع يكون صعب جدًا لتجاوز هذا الوضع بسبب اغلاق الحضانة".

نجوى تستأنف ما سبق "لكن ذلك سيؤثر على الوضع النفسي لي ولطفلي، فعدم الاستقرار سيؤثر على الطفل لغياب أطفال يلعبون معه والبيئة المحيطة المتغيرة، فبدون حضانة ومساعدة يصعب السيطرة عليه، ومحيط عملي غير مناسب للطفل".

نجاح مسلّم، مقدمة أخبار وبرامج في إذاعة أجيال تقول "مع انتشار الشائعات وتضارب الأخبار، على الصحفي أن يتحقق من كل معلومة وهذا يتطلب بالمقابل اليقظة والمتابعة بشكل متواصل ومستمر، وكوني أم وصحفية في ذات الوقت، فهذا يتطلب جهدًا مضاعفًا ما بين متابعة ومعرفة آخر التطورات الإخبارية ومتابعة أطفالي الثلاثة وجميعهم بأعمار صغيرة لا يمكن الإتكال عليهم لإدارة شؤونهم بنفسهم".

القرار الحكومي بإغلاق الحضانات ورياض الأطفال خاصة أوقع العاملات بشكل عام في مأزق كبير، لا سيّما الصحفيات، تقول مسلّم "أصعب ما بالموضوع، احتجاج على اغلاق الحضانات ورياض الاطفال، ولكن هذا مطلوب أيضًا، لكن هذا الأمر غيّر من ترتيباتنا، وضاعفت المسؤوليات، فبالنسبة لي توزعت الأحمال بيني وبين زوجي وأهلي فيما يتعلق بمكان تواجد الأطفال خلال ساعات عملي وعمل زوجي".

متابعة المتطلبات المدرسية المطلوبة عن بعد يشكل لنجاح عقبة أخرى "عليّ أن أكون أم ومعلمة وصحفية بذات الوقت، فبعد ساعات دوام طويلة نسبيًا عليك أن تشحن هذه الطاقة من جديد، وتبدأ من الصفر مع أطفالي الثلاث، وهذا يتطلب طاقة مضاعفة، فعندما نتحدث عن 30 يومًا، جهد نفسيًا قبل أن يكون ماديًا".

قصة نجاح لا تختلف كثيرًا عن قصة الصحفية دعاء سيوري، المذيعة في اذاعة نساء إف إم "إعلان حالة الطوارئ أثّرت على عملي كوني صحفية فلسطينية، وخاصة أن الاعلام يعمل لساعات طويلة لرصد أي معلومات وحقائق حول فايروس كورونا في فلسطين" قالت دعاء.

دعاء أم لطفل واحد، عمره أربعة أعوام، تعثّرت كغيرها من العاملات بقرار إغلاق الحضانة. تقول"قرار الحكومة أثر بشكل كبير وألقى بظلاله على الأمهات العاملات في القطاع الخاص وكان هناك دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بإعادة النظر، ليس بإعفاء الأمهات العاملات بالقطاع الحكومي فقط وإنما الأمهات العاملات بالقطاع الخاص لما تسبب بتأثيرات كبيرة، فالكثير من الأمهات أخذن إجازات من رصيد اجازاتهن السنوية".

تحاول دعاء تجاوز الأزمة بأقل حد ممكن من الخسائر "أنا أعمل خمس ساعات، أقسّمها بيني وبين زوجي في رعاية واحتضان الطفل، خاصة أنني أعيش في محافظة رام الله وجميع أقاربي وأقارب زوجي يسكنون في محافظة أخرى".

لحسن حظ دعاء أن مؤسستها تفهّمت وضع الأمهات كما تقول "أستطيع احضار طفلي لمكان العمل لساعات، ويقوم زوجي بمتابعة طفلي وينتقل لمكان عمله أيضا، في محاولة لتجاوز الأزمة". 

الصحفيات الأمهات، ترى أن هناك تفهّم وتوزيع للأدوار، لكنهن يجدن ضرورة بأن يكون هناك قرارًا مركزيًا يشمل القطاعين، العام والخاص بالنسبة للأم العاملة حتى لا تعم الفوضى، خاصة أن مدة فترة الطوارئ ليست قصيرة حسب تعبيرهن.

"هناك أمهات اضطررن لتقديم اجازات بدون راتب، فإذا كانت هي بدون راتب والزوج يعمل عمل خاص ولا يستطيع الوصول لعمله، فمن سيصرف على هذه الأسرة"؟ تساءلت نجاح مسلّم، ثم أكملت "يجب أن يكون هناك وضوح أكبر في القرارات المركزية التي تشمل القطاعين".