سيناريوهات الضم في ذكرى النكبة

2020-05-19 09:50:11

خطط الضم تعني باختصار فرض السيادة والقانون على الأرض، فبرغم وجود السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة والوزارات، إلا أن الشعب الفلسطيني يدرك أنه يعيش تحت الاحتلال، لا قرار ولا استثمار ولا حركة ولا علاقات دون أخذ الموافقة الإسرائيلية. في الذكرى الـ٧٢ للنكبة، نشهد نكبات متتالية من الاستعمار والاضطهاد والعنصرية والقرصنة.

أقول ذلك كبداية للتعريف بخطط الضم، ليس من منطلق السلبية على العكس، لكي أذكر الجميع أن فلسطين تعيش تحت خطط الضم المفروضة واقعياًً De facto. ما يحاول نتنياهو فعله الآن هو تحويل هذه الحقيقة وفرضها بالقانون لتصبح الواقع المفروض علينا والمقبول قانونياً اي De jure.

اتفاقية تشكيل حكومة الائتلاف اليمينية تضمنت الحديث عن خطط الضم في الفقرتين ٢٨ و ٢٩ واستندت لرؤية ترامب للازدهار الاقتصادي التي تحدثت عن خطط الضم بنسبة ٣٠٪؜. قبل توقيع اتفاق تشكيل الحكومة كان بيني غانتس (رئيس ازرق ابيض) واضحاً بأنه سيدعم خطط الضم اذا حصل على دعم الدول المجاورة والاوروبية منها، واتفق غانتس ونتنياهو ان يتم وضع خطط الضم للتصويت في الكنيست بتاريخ الأول من تموز ٢٠٢٠. وبعد الاعلان صرح بومبيو ان قرار الضم هو قرار اسرائيلي ثم عاد ليقول إن الولايات المتحدة ستدعم اي قرار اسرائيلي، اي سيسهل الضم ونظام التفرقة والعنصرية الاسرائيلي ولكن في زيارته الأخيرة كان واضحاً أنه أومأ لنتنياهو وغانتس بالتروي بسبب ردود الفعل العربية والاوروبية.

أمام نتنياهو مجموعة سيناريوهات تخص الضم ليختار منها ما يروق له، وقبل عرض السيناريوهات دعونا نتذكر ان هذا مشروع ليس بجديد، الضم والعنصرية والاحتلال موجودة ولكنهم ينوون صبغ الحقيقة بالقانون الإسرائيلي، فدولة اسرائيل قائمة على مشروع استعماري كولونيالي:

- السيناريو الأول: سيناريو القدس الكبرى

الضم سيكون تدريجيا، الموجة الأولى قد تشمل المستوطنات الكبرى حول القدس بشكل أحادي أو بشكل جماعي لتحقيق سيناريو القدس الكبرى. ففي عام ٢٠١٧ قُدمت خطة لضم القدس الكبرى وهذه خطة تضم مستوطنة معالي ادوميم شرق القدس، جڤعات زئيف شمال غرب القدس ومستوطنة عتصيون جنوب غرب القدس.

- السيناريو الثاني: سيناريو غور الاردن وشرق الضفة الغربية، ففي عام ٢٠١٥ قُدمت خطة ضم غور الأردن.

- السيناريو الثالث: سيناريو مجموعة مستوطنات من الضفة الغربية، وهناك خطط أخرى تتعلق بضم عتصيون وأرئيل ومعالي ادوميم اي المستوطنات الكبرى! ففي عام ٢٠١٨ قُدمت خطة لضم كل الضفة الغربية وهذه خطة تضم كل المستوطنات.

- السيناريو الأخطر هو ان يدعو نتنياهو الطرف الفلسطيني لطاولة المفاوضات على أسس خطة ترامب وهنا من الطبيعي أن ترفض القيادة الفلسطينية، فيخرج نتنياهو ليخبر المجتمع الدولي أن لا شريك في الطرف الفلسطيني للسلام وأنه لا خيار أمامه سوى ان يضم الضفة الغربية بشكل أحادي!

لا أحد يعلم متى وأين وكيف سيتم تطبيق خطط الضم ولكن الكل يعلم ان اسرائيل ستقونن خطط الضم بالاتفاق مع ادارة ترامب وبشكل تدريجي.

هذا يعني انتهاء الحديث عن حل الدولتين، ضرب الحقوق الفلسطينية المضمونة في مواثيق الامم المتحدة والقانون الدولي وهذا مُنبه للقيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي بأن اسرائيل لا تريد دولة فلسطينية صراحة، حتى خلال مواجهة وباء الكوڤيد-١٩، كل ما شغل اسرائيل هو الانتخابات الثالثة وعند تشكيل حكومة الائتلاف كل النقاش كان حول الضم.

الأسابيع القادمة مهمة جداً لتحليل وفهم تداعيات ڤيروس الكوڤيد ١٩ وكما أنها مهمة لرؤية مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني في ظل عودة الحكم العسكري الإسرائيلي.

- د. دلال عريقات، استاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية