فلسطين و«اليهود» وقصص القرآن الكريم! (1)

2020-05-22 16:04:25

يتميز القصص القرآني بالرزانة والحكمة وحُسن السبك والدقة والكثير من العِبر، فالكتاب لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه وهو في اللوح المحفوظ.

تحتوي قصص التوراة1 لصاحب أي عقل مهما صغر على الضخم من المبالغات المضحكة، والاكاذيب والتشنيعات، كما تحوي الأساطير والتخيّلات بل والتهيؤات والآمال التي تحولت عبر الزمن إلى خرافات وأساطير دوّنت في متون ما أصبح التناخ (التوراة والاسفار اللاحقة في العهد القديم).

هذا ليس كلامنا فقط، بل هو قول كل متأمل بالقصص التوراتي بحيادية مطلقة، أضف لذلك أنه كلام العلماء أيضا وبالدلائل، ومنهم علماء الآثار الغربيين المنصفين، والاسرائيليين أمثال (اسرائيل فنكلستاين) 2  و(زئيف هرتزوغ) و(نيل أشر سبيلبرغ) وعلماء التاريخ والفكر الاسرائيليين أيضا أمثال (شلومو ساند) و(أرثر كوستلر).

 يقول العالم الاسرائيلي «فنكلشتاين» في كتابة (التوراة مكشوفة على حقيقتها) 3 : (أصبح الآن واضحًا أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا في المكان ولا بالطريقة والأوصاف التي رويت في «الكتاب المقدس العبري»بل بعض أشهر الحوادث في الكتاب المقدس لم تحدث أصلا).ص28.

 ويقول: (لقد أصبح الكل يجمع على أن الأسفار الخمسة (التوراة) ليست تأليفا فرديا(كتلة واحدة) بل تجميع وترقيع لمصادر مختلفة،كل منها كتب تحت ظروف تاريخية مختلفة،لإبداء وجهات نظر دينية أو سياسية مختلفة.) ص38

 بل ويقول أيضا (هناك الكثير من التناقضات بين الاكتشافات الأثرية والنصوص التوراتية)ص48 مضيفا: (سنرى كم من قصص وروايات الكتاب المقدس العبري هو من نتاج آمال ومخاوف وطموحات مملكة يهوذا...) 4 

  وليس ببعيد ما يقوله أيضا (فكتور سيغلمان) حول ذلك إذ يقول بوضوح :(إن علماء الآثار لم يعثروا على أي أثر لخراب معبد، ولا مملكة متألقة لسليمان ولا أي شيء آخر. والنص التوراتي الذي ليست له قاعدة مادية حقيقية، ليس سوى اختراع أدبي.)

 ولا نريد الاستطراد لأن بحثنا يتعرض أساسا للادخالات من الروايات التوراتية في صلب تفاسير القرآن الكريم ما أسبغ عليها قداسة لدى الأمة، وهو ما ابتغينا تفنيده، والا فللكثير من المفكرين قول فصل من الزوايا التاريخية والآثارية والجغرافية واللغوية البحتة.

الفرق كبير بين القصص القرآني الحكيم، والخرافات والتشنيعات التوراتية، فاللقاء الظاهري بينهما لا يعني اتفاقهما أبدا كالفرق بين الحقيقة وهي في القرآن، والقصة الأدبية المؤسطرة التي تربط الخيالات والأكاذيب بقليل يسير من أحداث الواقع وهي في مرويات التوراة.

 ورغم ذلك فلقد استند الكثير من المؤرخين العرب وعدد من مفسري القرآن الكريم خاصة القدماء إلى تلك القصص التوراتية الخرافية (وفيها ما يتعلق بنا -وهنا الطامة الكبرى- كفلسطينيين وأرض فلسطين وما يتعلق ببني اسرائيل) لا سيما عندما وجدوا ثغرات أو فراغات لم يستطيعوا أن يكملوها في قصص القرآن، ورغبة منهم بالتوسع بالشرح، فلجأوا إلى قصص الكهنة التي دونت بعد ٥٠٠ عام في التوراة!