الدعم النفسي الأجتماعي في وقت الأزمات ..أداة لتعزيز الثقة والحد من الأثار السلبية لدى شريحة الأطفال

2020-05-27 10:43:52

مما لاشك فيه  أن الدعم النفسي المبكر والملائم يساهم بشكل فعال في التغلب على حل الاشكاليات والمعضلات لدى مختلف فئات المجتمع، لاسيما شريحة الأطفال، هذا إلى جانب اتخاذ القرارات السليمة والملائمة، بما يعزز قوة الثقة والعطاء الإنساني والحد من الآثار السلبية لدى هذه الشريحة.

وتُعد الأسرة النواة الأساسية للطفل في إيصال الدعم النفسي والاجتماعي له، فتجعله يصل إلى مرحلة الصحة النفسية، وطبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء إمّا تعمل على وصول الطفل إلى الصحة النفسية والنمو السليم، أو إحداث خلل في صحة الطفل النفسية وبالتالي إحداث خلل في نموه، وقد تؤثر أيضاً بعض الأزمات المحيطة بالأسرة كالأوضاع المادية والسياسية والاجتماعية في حدوث بعض النزاعات الزوجية التي بدورها تؤثر في نفسية الطفل،

ويرى الاختصاصيون من علماء النفس والاجتماع بأن مفهوم الدعم  النفسي كالاجتماعي تتضمن مجموع الخدمات التي يحتاجها الطفل والأسرة من خلال  برامج وقائية و نمائية وعلاجية تهدف إلى تحقيق  قدر جيد من التوافق النفسي والاجتماعي للطفل والأسرة  وتلبية احتياجاتهم في مختلف مجالات.

إن من أهم أهداف الدعم النفسي هو التخفيف من المعاناة الانفعالية والجسدية على حد سواء للأطفال، وتحسين السمات الحيوية للأفراد على المدى القصير، لأنه  مع ردود الأفعال  البسيطة والمباشرة قد تتطور إلى مشكلات ذات نتيجة سلبية مع الزمن، والحد من  الآثار النفسية السلبية بعيدة المدى، بما  يسهم في تخفيف  حدة  التوتر بشكل  كبير، وتطور ردود الافعال  البسيطة إلى ردود فعل حادة، هذا إلى جانب تعزيز القدرة على التكيف  لدى الأفراد  لذين تعرضوا  الأزمات، بما فيهم الأطفال، وتوفير الاحتياجات النفسية لهم من خلال مساعدتهم على التكيف في المواقف الجديدة

فالدعم النفسي الاجتماعي يساهم في تقديم المساعدة لمن يحتاجها على أسس نفسية واجتماعية مع توفر عوامل  نفسية اجتماعية تكون مسئولة عن سلامة الأفراد، كالرعاية المناسبة للفرد والرفاه النفسي الاجتماعي، وذلك بهدف توفير الحماية والسلامة النفسية والاجتماعية أو الوقائية لمعالجة الاضطرابات  للوصول للمصحة النفسية.

 ويشكل الدعم النفسي والاجتماعي عملية أساسية في تدعيم مواطن القوة، كأداة للوقاية من  تراكم العثرات والثغرات التي تعترض الطفل، كالتي قد تكون عائقاُ أساسياً غير مباشر في طريق   تعليمات أخرى تبدو لأول وهلة على غير علاقة مباشرة بها، فالثغرات قد يكون مظهرها معرفياً تحصيلياً، لكن  وجهها الخفي قد يكون اجتماعياً  أو نفسيا ً أو اقتصادياً  أو صحياً، حيث أن الدعم النفسي أشكال متعددة أهمها: الدعم الوجداني ) المعنوي(، والدعم المالي، والدعم المعلوماتي، والدعم المتوقع والدعم المتلقي، والدعم المتوقع، والدعم الهيكلي والدعم الوظيفي.

إن هذه الأنواع المختلفة من الدعم الاجتماعي لها تأثيرات وتفاعلات مختلفة على صحة الفرد كشخصيته، وعلاقاته الشخصية، والذي يرتبط في غالب الأحيان بالوعي الأفضل أو الأمثل للصحة الذهنية، وعلاوة على ما ذكرناه هناك مناهج للدعم النفسي الاجتماعي والتي تتضمن منهج عيادي يقوم على استعادة الصحة النفسية، عبر التداخلات الشائعة من  استشارات فردية، أو علاجاً جماعيا او علاجا  نفسيا )سلوكي معرفي( علاج أسري.، إضافة إلى المنهج الوقائي الذي يهدف  إلى حماية واعادة القدرة الوظيفية للأفراد إلى حالتها السابقة من منظور نفسي اجتماعي  تطوري ، لأن الدعم النفسي المبكر هو عامل  وقائي يساعد الأشخاص على التكيف  بطريقة أفضل  مع الظروف.

ويمكن فهم أسس التقييم النفسي الاجتماعي، والتي من  خلالها  يمكن  تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد مثل: أحداث حياتية مهمة منذ الولادة وحتى موعد التقييم، وتاريخ العائلة، والعلاقات العائلية، وأوضاع المعيشة، كاستقرار العائلة، وتاريخ الصحة العقلية للعائلة، كأعضاء العائلة المهمين في حياة الفرد و.تاريخ النمو، كما يتضمن أيضاً الأمور الصحية والسلوكية والتفاعلات في فترة الرضاعة، وقبل وأثناء المدرسة، أو أي سلوكيات أو صعوبات أخرى، ومعلومات طبية ذات صلة تكون مهمة وملحوظة، وأدوية نفسية سابقة كحالية، ويبين سبب الاستعمال، وتاريخ المرض النفسي والتشخيص، والأداء الإدراكي، والتقييمات التعليمية كالنفسية،الأداء المدرسي، المستوى الحالي وصعوبات التعلم وتطور المشكلات السلوكية.

ولعل عناصر التداخل النفسي الاجتماعي المفيد  تسهم في تقييم شامل  للفرد والسلوك، لأنه لا يمكن  توفير مساعدة ناجحة بدون التعمق في الصعوبات التي يواجهها الفرد، لأن التقييم يؤدي إلى صياغة المشكلة، كالعوامل التي أدت إلى ظهورها، وذلك  لوضع أسلوب مناسب للتدخل، وتعديل الإطار الذي تظهر به المشكلات السلوكية، لأن البيئة الانفعالية كالجسدية التي تظهر في المشكلات السلوكية تشكل الوجهة الحرجة للتدخل.

وحتى نتمكن من تلمس الاحتياجات النفسية والاجتماعية للأطفال  وأثرها على برامج الدعم النفسي الاجتماعي يجبعلينا  أن نتفهم  الوظائف  النفسية الاجتماعية الخاصة بهم، فالوظائف  "النفسية" تتعلق  بالأفكار كالمشاعر والتوجهات والقيم والمعتقدات الداخلية، أما الوظائف "الاجتماعية" فتتعلق  بالعلاقات الخارجية للشخص مع بيئته ، ويتفاعل هذان الجانبان، النفسي الداخلي والاجتماعي الخارجي، ويقومان بإثراء بعضهم  البعض، للشخص الواحد حاجات في كلا الجانبين  النفسي والاجتماعي،  وهناك  سبب يفسر كل  تصرف مرتبط بهذه الاحتياجات، هي الأمور التي يجب أن يحصل عليها الأشخاص لتسهل  عملية النمو والتطور، والحصول  على صحة جيدة، كحياة مرضية، حيث إن الاحتياجات النفسية أن الداخلية لا تظهر بوضوح كالاحتياجات الأخرى، ولكن  من  المهم  معرفتها وفهمها عند محاولة مساعدة  الآخرين.

إن اتباع استراتيجيات الدعم في هذه المرحلة (الطفولة المتأخرة هو إرساء الأمن والسلامة من خلال استرجاع وترسيخ الشعور بالأمان ،والإصغاء إليهم ، ثم الإجابة عن  تساؤلاتهم  ببساطة، والصدق  قدر المستطاع ثم تصحيح المفاهيم الخاطئة التي اكتسبوها من أقرانهم وكذلك منح الأطفال بعض الاستقلالية في إطار محيطهم من  خلال  فرصة  للتخطيط  بعض الأمور، أو تعزيز السلوك السوي وتقديم التعزيز الإيجابي من خلال تشجيع السلامة الصحية، وعلى رؤية الأمور الجيدة من  حولهم، وتشجيعهم على التعبير عن  أفكارهم  ومشاعرهم  الإبداعية من خلال الرسم والتلوين، او  تطبيق  الروتين  الاعتيادي والحفاظ على قواعد الأسرة وتوقعاتها، والتحلي بالصبر أثناء القيام بتذكير الأطفال بواجباتهم، لأن الطفل في هذه المرحلة يكون مشوش الذهن. كما أن فهم الاحتياجات النفسية والاجتماعية للأطفال وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة يساعد علي في احتياجاتهم  في مرحلة الطفولة المتأخرة، ويساعد في حل  مشاكلهم  في هذه  المرحلة الخطرة حيث إنه من خلال  تفهم تلك الاحتياجات يتم  وضع برامج  نشطة تساعد الأطفال،فأن برنامج الدعم النفسي الاجتماعي قد يساهم  في تعزيز بعض المفاهيم  الإيجابية لدل الأطفال من )الثقة بالنفس، المشاركة، التسامح( ومن  خلال  الجلسات المنهجية التي ينفذها الدليل الإرشادي .

وحول أبرز السمات الشخصية التي يجب أن تتوفر في مقدمي خدمات الدعم النفسي الاجتماعي هي إظهار الاهتمام والانتباه للآخرين، وامتلاك  مهارة الإصغاء لما يقوله الآخرون، والصبر وادراك أهمية العمل  الذي يقوم به ،واستحقاق ثقة الآخرين، وأن يكون سهل الوصول  إليه حتى يتمكن الآخرون من طلب مساعدته، وتبني أسلوب عدم الحكم على الآخرين ، واللطف  والهدوء والظهور بمظهر المطمئن الواثق بنفسه، والالتزام وعدم إعطاء وعود كاذبة، والتفهم الوجداني والتشجيع الاعتماد على الذات، وتبني موقف  العناية بالآخرين كرعايتهم، واحترام الصمت، لأنه يبعث على الراحة عند الفرد، ويبحث عن  طريقة للتعبير تناسبه مع المرونة في التعامل، ومساعدة الفرد على ترتيب الأحداث زمنيا، واحترام مشاعر الآخرين.

وفي الختام فإن الدعم النفسي الاجتماعي هو مصدر رئيس من مصادر الأمن التي يحتاجها الطفل من عالمه الذي  يعيش فيه وأنه يحتاج معها إلى مد العون من خارج ذاته، لذا فانه يلجأ إلى الشبكة الاجتماعية المحيطة به على اختلاف مصادرها من مدرسته وأسرته والأصدقاء والأقارب  وجيرانه في سبيل الوصول  إلى حل لمشكلاته، للوصول إلى حالة الاتزان والأمن المطلوب.