المسرح الفلسطيني واجهٌ ثقافية مهددة

2020-06-24 12:52:23

خاص – راية – كرم صبيح.

يشهد المسرح الفلسطيني تراجعاً ملحوظاً بشكلٍ تدريجي في السنوات الاخيرة وصولاً إلى يومنا هذا، حيث ظهر المسرح الفلسطيني لأول مرة في القدس عام 1932م من خلال مسرحية "هاملت" لشكسبير التي أنهت دار المعلمين عامها الدراسي بها، وأخذ المسرح الفلسطيني بالتطور والتقدم حتى عام 1948، فمع قدوم النكبة تراجع دور المسرح وتركزت المسرحيات حينها على النكبة والمجازر التي رافقتها.

ومع صعود الثورة الفلسطينية أدركت حركة التحرر أهمية المسرح كأداةٍ نضاليةٍ يأدب استخدامها ففي عام 1966 وضعت حركة التحرير الوطني أسساً وأهدافاً واضحة للمسرح الفلسطيني أهمها التوعية بالقضية وعرض نضالات الثورة وإحياء التراث الفلسطيني.

وعانى المسرح الفلسطيني أنذاك من معيقات عديدة أبرزها استهداف الاحتلال للفنانين والمسارح وتضيق عملهم، وغياب الدعم المادي اللازم للنهضة بالمسرح الفلسطيني والمحافظة على وجوده واستمراريته.

ويقول الممثل الصاعد في مسرح نعم نور شوابكة "أن شخصيته الفنية التي ولدت في مسرح نعم مهددةٌ بالموت بسبب إغلاق المسرح نظراً للازمة المالية التي يمر بها المسرح بسبب غياب الدعم المالي الرسمي وغير الرسمي".

ويضيف شوابكة أنه منذ بدايته في المسرح لم يتقاضى أي عائد مادي من الأدوار التي يؤديها ويأمل أن يصبح المسرح مهنته الأولى وأن يحقق له عائداً مادياً يدفعه للتفرغ من أجله".

ويأمل الممثل الصاعد أن يتم إنقاذ مسرح نعم من الاندثار من خلال وقوف الجهات الرسمية عند مسؤولياتها في دعم المسارح والفنانين وتوفير أقل القليل ليستمر المسرح في أداء دوره وأن يحقق حلمه من خلال مسرح نعم المهدد بالإغلاق.

ويفتقر مسرح نعم والحاصل على عدة جوائز فلسطينياً وعربياً - أبرزها أفضل ممثل في الاسكندرية - إلى أدنى الاحتياجات اللازمة لكي يبقى قائماً ومتمسكاً برسالته الفنية والوطنية.

ويتحمل الفنان الفلسطيني جزءاً من المسؤولية في تراجع دور المسرح الفلسطيني كما قال المخرج المسرحي فادي الغول من خلال تعدد الأساليب والأشكال الفنية من خلال المسرحيات التي تشغل بأسلوب غير مفهوم ومحبوب من خلال نقص التنظيم والتخطيط والتسويق، ما قلل حب الجمهور للمسرح وأبعدهم عنه.

ويضيف الغول "أن تذوق المجتمع الفلسطيني للمسرح ضئيل جداً مقارنةً بالمجتمعات الأخرى  سواء كانت عربية أم غير عربية " حيث الجمهور الفلسطيني ينتظر قدوم المسرح إليه سواء في المدارس والجامعات والمراكز، ولا يذهب إلى المسارح سوا قلة ممن يعني لهم المسرح بشكلٍ خاص.

ويؤكد المخرج المسرحي أن غياب الجسم الحامي للفنانين المتمثل بنقابة الفنانين الفلسطينيين أثر بشكلٍ كبير على دور المسرح وغياب الجمهور بالإضافة إلى عدم وجود استراتيجية تنمي المسرح الفلسطيني وتعمل على تطويره ومواكبته للتطور الحاصل على المسرح فلسطينياً وعالمياً.

ويرى الغول أن الحالة السياسية الفلسطينية وانشغال الاعلام والشباب الفلسطيني واهتمامهم بمتابعة القضاية الوطنية والسياسية المتجددة بشكلٍ يومي أشغلهم عن متابعة الفن بشكلٍ عام والمسرح بشكلٍ خاص.

"لا أستطيع أن أذكر اسم ناقد مختص بالفن المسرحي"

ويأسف المخرج المسرحي على عدم وجود نقاد مسرحين فلسطينين كباقي الدول التي يدرس فيها النقد المسرحي كمصر وسوريا والبنان، الأمر الذي أضعف المسرح الفلسطيني حيث أن المسرح يحتاج إلى النقد لكي يرى نقاط ضعفه ويعمل على تطوير نفسه وإصلاح أخطائه.

ويوجه الغول رسالة إلى الأشخاص في مواقع المسؤولية المرتبطة بالجماهير مثل مدراء المدارس وروؤساء الجامعات وغيرهم أن يوجهوا ويشجعوا الشبان والأطفال على تنمية ذاتهم فنياً ودفعهم نحو التعرف على الفنون بأنواعها وجعلها جزء من حياتهم كباقي العلوم التي يتلقونها في المدار والجامعات نظراً لاهمية الفن في صناعة جيل فلسطيني ذا نظرة تأملية لواقعه ومدركٌ لأهمية التغير نحو الأفضل فيه.

من جهتها قالت وزارة الثقافة وعلى لسان مدير النشر عبد السلام العطاري إنه ليس إلزاماً عليها أن تقدم دعماً كاملاً لأي مؤسسة فنية كانت، وأن دور يقتصر على دعم الأنشطة والبرامج والعروض الفنية وليس تغطية المصاريف الإدارية لهذه المؤسسات كما يحدث مع مسرح نعم.

ويضيف العطاري أن الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة هي ضئيلة جداً ولا تتعدى 0.001 من ميزانية الحكومة الفلسطينية كما ويطالب مؤسسات المجتمع المدني التي تتلقى تمويلاً بالوقوف عند مسؤولياتها في دعم الأنشطة الفنية المختلفة في فلسطين.

ويؤكد مدير النشر "أن ليس كل ما يقدم من فن يعتبر فناً فقد يظن من يقدم المسرحية أنها عملٌ إبداعي لكنها في حقيقة الامر لا ترقى بأن تكون مسرحية يشاهدها الجمهور.

من جانبٍ آخر يقول مدير مكاتب المحافظات في وزارة الثقافة نبيل الخطيب أن الوزارة تقدم الدعم لجميع المؤسسات التي تهتم وترعى المسرح كما أنها تقوم بشراء عروض مسرحية من المؤسسات وتعمل على عرضها في مختلف مناطق الوطن.

ويضيف الخطيب بأن الوزارة لا تضع قيوداً على الدعم المقدم سوى أن تكون الرسالة من هذا العمل تخدم المجتمع ولا تعود عليه بشكلٍ سلبي.

أما الفنان المسرحي خالد المصو فقد قال إن المسرح هو الواجهة الثقافية والحضارية والإنسانية لأي شعب من شعوب العالم وإذا أردنا أن ننظر إلى حضارات الشعوب ننظر إلى الإنجازات الفنية التي تركتها هذه الشعوب، فدراسة الحضارات تتم عن طريق الأعمال الفنية كحضارة الإغريق والرومان.

ويضيف المصو أن بداياته كانت في مسرح "عيناد" في بلدة بيت جالا بمدنية بيت لحم بالتزامن مع الانتفاضة الأولى وكانت إمكانيته ضعيفة حيث كان الفنانون يتدربون في البيوت وكانت التدريبات والسيناريوهات المسرحية وكل التحضيرات التي يمر بها العمل تحصل في المنازل.

"الفرق المسرحية تعتمد في تمويلها على المجهود الخاص" 

ويرجح المصو أن سبب تراجع الفرق المسرحية يعود لعدة أسباب يقف في مقدمتها عدم اهتمام وزارة الثقافة بتقديم الدعم المادي، وعدم توفير أماكن مناسبة ومهيئة لتطوير هذه الفرق وتحسين آدائها مما يؤدي إلى نقص الإنتاج المسرحي.

ويدعو الفنان المسرحي إلى تشجيع الأهل أبنائهم بالتوجه إلى فن المسرح وعدم قمعهم كونه إحدى الطرق التي يمكن من خلالها إظهار معاناة الفلسطينيين، مطالباً وزارة التربية والتعليم بإدخال مواد لتعليم المسرح في المدارس.

ويؤكد الفنان المسرحي أن السماح بدخول الفرق المسرحية غير الفلسطينية لا يعد تطبيعاً حتى وإن كان على جوازاتها الختم الإسرائيلي، بل يعتبر دخولها واجباً وطنياً، وأحد طرق كسر الحصار الثقافي