بسبب كورونا.. سكان أهوار العراق يبيعون أعز ما يملكون بأبخس الأثمان

2020-06-29 14:47:30

"الجاموس عزيز جدا (علي). عندما يمرض، أشعر بالقلق، خاصة عندما يبقى معنا لفترة طويلة".. كلمات مؤثرة، على قصرها، قالها جعفر إسماعيل وهو يقف بجوار جاموسة صغيرة تتغذى على العلف في كيس معلق برقبتها.

كعادته كل صباح، استيقظ جعفر فجرا في منزله بأهوار الجبايش في جنوب شرق العراق، وأشعل نارا صغيرة وشرب الشاي على الشاطئ، بينما يتحلق حوله قطيع الجاموس الذي تملكه أسرته.

يقول جعفر "في الصباح، نحلب (الجاموس) ثم نبيع الحليب. بعدها أذهب بالقارب لأحضر له العلف. أعود له (بالعلف) وعندما يجوع يأكل منه".

وتعيش أسرة جعفر على عوائد الحليب واللبن بعد أن يبيع إنتاجه للتجار في المنطقة لينقلوا معظمه خارج الأهوار بل وحتى خارج محافظة ذي قار التي تقع فيها أهوار الجبايش.

لكن بعد فرض القيود على السفر الداخلي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، تراجع الطلب على الحليب وانهارت أسعاره، حسبما قال إسماعيل خليل، وهو رجل آخر من عرب الأهوار، بعد أن احتلب الجاموس بيده وحفظ الحليب في حاوية كبيرة.

وقال إسماعيل "الجاموس مصدر دخلنا... ليست لنا وظيفة أخرى.. هو (الجاموس) مهنتنا".

وأضاف "تسبب تفشي الفيروس في إلحاق الضرر بنا كثيرا. انخفض سعر الجاموس. كما انخفض سعر الحليب أو انهار تقريبا بسبب حظر التجول..."

وقبل اندلاع الأزمة، كان سعر 30 لترا من الحليب 28 دولارا. وانهار الثمن الآن إلى 12 دولارا فقط. ولم يعد بإمكان المربين بيع إنتاجهم اليومي بالكامل.

وبعد مرور أربعة أشهر لم يستطع إسماعيل فيها توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، التجأ إلى بيع الحيوانات، على غرار رعاة كثيرين آخرين في مجتمعه.

ولكن سعر رأس الماشية انخفض أيضا منذ اندلاع أزمة كورونا، مما اضطر الأسرة لبيع حيواناتها العزيزة بثمن بخس.

وقال "لذلك، بدأنا في بيع حيواناتنا لشراء الطماطم (البندورة) واللحوم وغيرها..."

من جانبه قال تاجر الحليب صادق محمد "يمكننا جلب الحليب من الأهوار من مربي الجاموس. ونبيع في القرنة والمجير والمحافظات الأخرى. في الوقت الحاضر، لا أحد يشتري الحليب. لذا فنحن نأخذ كمية قليلة جدا..."

لقد ظلت المنطقة لآلاف السنين موطنا لعرب الأهوار، الذين تمثل المياه مقوما أساسيا لاستمرار نمط حياتهم وأسلوب معيشتهم.

وجرت العادة على تصنيف عرب الأهوار إلى مجموعتين رئيسيتين حسب النشاط والعمل، وهما مربو جاموس الماء والمزارعون.

كان صدام حسين، الذي اتهم سكان الأهوار العرب في المنطقة بالخيانة خلال الحرب مع إيران من 1980 حتى 1988، قام بتجفيف الأهوار في التسعينيات من القرن الماضي لإخراج المتمردين. وكانت مساحة الأهوار قبل ذلك الحين تزيد عن 9500 كيلومتر مربع.

وفر كثيرون من سكان المنطقة، لكن أٌعيد غمر أجراء من الأهوار بالمياه بعد الإطاحة بصدام عام 2003، وعاد عرب الأهوار بأعداد محدودة وبحذر شديد.

وأُدرجت الأهوار بقائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لمواقع التراث العالمي عام 2016.

المصدر: رويترز