الانتخابات وحقنا في المشاركة بالقرار

2021-01-23 06:58:04

 

سواء حاول من أراد أن يجعل من الإعداد للانتخابات مثاراً للتعليق غير المؤسس بمنطق قوي بوصفه فيلماً هندياً طويلاً وستكون نهايته عدم إجراء الانتخابات، أو من بوابة أن التوافق بين القوى مناقض للانتخابات وعدم إجرائها أفضل من التوافق عليها.


ما أن صدرت المراسيم الرئاسية بتحديد مواعيد إجراء الانتخابات، حتى بدأت موجة من وضع العصي بالدواليب وكأننا اكتشفنا اكتشافاً تاريخياً، وهو موثق من قبل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن الذين هم فوق الستين عاماً يشكلون فقط 12% من الشعب الفلسطيني، ومجتمعنا مجتمع فتي، وهناك آلاف من الشباب الذين لم يشاركوا بالانتخابات منذ بلغوا السن، وأعمار المتاح لهم بالترشح، سبحان الله، لماذا لم يظهر هذا الحرص أثناء توقف العملية الانتخابية؟ ولماذا ظهر فجأة اليوم هذا الحرص والاكتشاف؟


اجتهد الخبراء والباحثون لمتابعة معايير التحول الديمقراطي في فلسطين ووضع معايير وأسس قياس هذا التحول، وكان من هو قبلهم في خضم الانتفاضة الأولى وبدأ إنشاء مراكز بتمويل المانحين، إلى التركيز على دراسات وأبحاث الديمقراطية ومباهاة هذه المراكز بأنهم أصحاب قصب السبق باكتشاف سبل تعزيز الديمقراطية في فلسطين، ولم يكن المقياس فقط صندوق الانتخابات على أهميته واعتباره مكوناً أساسياً ومدخلاً أساسياً للممارسة الديمقراطية، بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك باتجاه سيادة القانون واستقلال القضاء والتعددية السياسية المشاركة في صناعة القرار، ودرجة رضا المواطن عن القرار.


الأسئلة المفصلية الآن، والتي تشغل بال الجادين بالحثّ باتجاه الديمقراطية والانتخابات والثقافة الديمقراطية، وغياب الديمقراطية كمنهجية في إدارة الشأن العام تضمن المشاركة في صناعة القرار، وانفتاح قنوات التأثير على صناعة القرار وقياس مدى الرضا عن القرار، وغياب الديمقراطية ليس فقط عن إدارة الشأن السياسي والعام بل عن مؤسسات غير حكومية يحاك لها في ليلة ظلماء ما يدغدغ مصالح فئة اجتماعية بعينها تدعي أنها نصيرة للفقراء والمعوزين، فهل توجد هناك جهات تفحص مدى المشاركة في صناعة القرار في العمل الأهلي وغير الحكومي، وقياس مدى الرضا عن القرار؟


اليوم فلسطين أمام مفصل مهم في إدارة الشأن العام، رغم أن المتشائمين أكثر من المتفائلين لأسباب مختلفة ومتنوعة، منها ما هو محق وواقعي ويجب التعامل معه وله موجباته، ومنه ما هو كيدي فقط يريد أن يناكف سواء نظمت الانتخابات أو لم تنظم فالمقياس عنده واحد. أدرك أن هناك تخوفات ومحاذير علمية ودقيقية تجعل اليد على القلب وأنها لا تقع خصوصاً عندما تبدأ وجوه سياسية فاقعة تظهر على مواقع التواصل الاجتماعية لتدين هيئات (بالعمالة)، وهذه الممارسة التي سنرى عشرات مثلها لاحقاً حمالة أوجه، فقد تكون باتجاه ضمان موقع مضمون في الانتخابات ليس لشخصهم بل لمدرستهم، وقد تكون محاولة لإظهار القدرة على منطق «لعيب وإلا خريب»، وسيظهر لنا صناع قرار سابقون ليظهروا متمتعين بالحكمة والرؤيا الثاقبة بأن الانتخابات مسرحية، فهل يا ترى ما كنتم تقومون به أيضاً أنتم كان مسرحية طوال الفترة التي كنتم بها؟!


نحن الشعب الذين نعد على باب الكريم، نحن الذين سنفوّض من نعتبرهم أكفاء لتمثيلنا وإدارة شؤون حياتنا، نحن الذين نعيش يوماً بيوم إن عملنا عشنا وإن لم نعمل جعنا، نحن الأكثر عرضة لآثار قرارات من ننتخبهم ويمثلوننا قد يحيلوننا إلى التقاعد المبكر دون وجه حق دون أن يرف لهم جفن، وقد يؤخرون مستحقاتنا كموردين ومقاولين لدى وزارات وهيئات الحكومة، وقد لا يقيمون وزناً لدعم المنتجات الفلسطينية والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، نحن نتطلع إلى المشاركة في صناعة القرار، والتأثير على القرار، ولا نرى في الانتخابات عملية انتقام، بل ممارسة مسؤولة وواعية باتجاه اختيار الأفضل وليس الانتقام لإحضار غير المؤهل.


نحن الصوت الصادح يجب أن نقف بحزم من أجل ممارسة حقنا بغض النظر عن رؤية الخبراء والمحللين والساسة ودهاليز السياسة، يجب أن نصر على إبقاء العربة على المسار، واليساري الغاضب من فصائل اليسار عليه أن ينضبط مؤقتاً لتنجز الانتخابات ولا يسعى لكي يصدق أن مدرسة اليسار قد فشلت وليقيم نفسه أولاً، والفتحاوي الذي يريد أن يضع معايير للاختيار، ليست بالضرورة صحيحة، عليه أن ينحاز لخيار الناس بالانتخابات. الأمناء العامون للفصائل يجب أن يروا قواعدهم ولا يتعالوا عليهم. أصحاب التيار الثالث وحركة المجتمع المدني عليكم أن تكونوا قدر المسؤولية ولا تصنعوا أصناماً من تمر تأكلونها بعد الانتخابات وتقولوا لدينا ما يميزنا.


اللجنة المركزية لحركة «فتح».. خِفّوا علينا، مش بالضروري تكونوا في كل لقاء عن الانتخابات.. دعوا الكادر يناقش ما يريد، ولكم المستخلصات والقرار عندكم.