المصالحة.. مناورات على مدار سنوات فهل تنجح هذه المرة؟

2021-02-15 12:50:43

منذ بداية الانقسام الفلسطيني عام 2007، كان هناك العديد من المحاولات والمبادرات المحلية والعربية والدولية لتحقيق المصالحة الوطنية، إلا أن جلها لم تصلح الأحوال ولم تغير الواقع على مدار أكثر من 15 عاما.

ففي كل مرة كان يجري فيها التوصل الى اتفاق بوساطة عربية ودولية وتصدر البيانات والاخبار بالإنجاز، سرعان ما كانت تتكشف الحقيقة في فشل هذه الاتفاقات، بسبب عمق الخلافات والقضايا الشائكة على الأرض خاصة في قطاع غزة.

في عام 2005 كانت أولى الاتفاقات الفلسطينية، حيث جاءت قبل عام واحد من اجراء الانتخابات التشريعية، من خلال ما يعرف بإعلان القاهرة في 19 مارس/ اذار 2005.

خلال ذلك الوقت وقعت جميع الفصائل على اعلان القاهرة، كمحاولة لازالة وتخفيف الخلافات التي كانت آخذة بالتبلور بين أكبر فصيلين "حماس وفتح"، بعد 5 سنوات من اندلاع انتفاضة الاقصى.

ومن أحد أهم الأهداف التي كانت في اعلان القاهرة هو تطوير منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل جميع الفصائل والقوى، وتمهيده لإجراء الانتخابات بمشاركة حركة حماس لأول مرة في 25 يناير/كانون الثاني 2006.

عام 2007 تدخلت السعودية لمحاولة منها في تهدأة الخلافات بين الفصيلين، وفي 8 فبراير/شباط 2007 وقّعت حركتا فتح وحماس اتفاق مكة المكرمة، وبرعاية ملك السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، على اتفاق مصالحة يقضي بإيقاف أعمال الاقتتال الداخلي في قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ورغم أجواء التفاؤل الكبيرة التي رافقت التوقيع على ذلك الاتفاق، بقي التوتر موجودا في الأسابيع التي أعقبته، بسبب أحداث منتصف يونيو/حزيران 2007 في قطاع غزة والتي انتهت بفرض حكومة حماس حكمها على قطاع غزة بالقوة ودون الاعتراف الدولي، وتشكيل الرئيس الفلسطيني حكومة طوارئ برئاسة سلام فياض قادت الحكم في الضفة الغربية وتولت المسؤولية عن القطاع لكن دون أن تتمكن من أدوات الحكم هناك.

وبعد عامين من الانقسام - أي في عام  2009- وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، تجددت الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما بات يُعرَف بـ"الورقة المصرية" التي طرحتها في سبتمبر/أيلول 2009.

وعام 2011 اجتمعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2011 برعاية مصرية، لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في 4 مايو/أيار 2011.

وتركز الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة آنذاك على معالجة كافة القضايا التي نجمت عن حالة الانقسام الفلسطيني، من خلال حوار شامل شاركت فيه كافة الفصائل والتنظيمات والقوى المستقلة، حيث تم تشكيل لجان رئاسية لإتمام مقتضيات المصالحة.

وعام 2012 توصل الطرفان الى توقيع اتفاق للمصالحة في العاصمة القطرية الدوحة في 6 فبراير/شباط 2012، حيث وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس -نيابة عن حركة فتح- وخالد مشعل -نيابة عن حركة حماس- "اتفاق الدوحة" بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية. الذي نص على تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة توافق وطني من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة عباس، تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة، واستمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها بعد اتفاق القاهرة.

اما في عام 2014، فقد عقد اتفاق الشاطئ الذي كان في منزل إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، وقد تم عقب الاتفاق الذي جرى في 23 أبريل/نيسان 2014، تشكيل حكومة توافق فلسطينية، على أن يعقبها بستة أشهر إجراء انتخابات؛ لكن ذلك لم يحدث. وتم الاتفاق بين الطرفين بالالتزام بما تم التوصل إليه في "اتفاق القاهرة 2011" و"اتفاق الدوحة 2012″، واعتبارهما المرجعية في تنفيذ المصالحة الوطنية.

وفي تاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 توصل الطرفان إلى اتفاق برعاية مصرية في ختام جلسة حوار عقدت في القاهرة. الذي قضى الى "تمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر".

وسبق هذه التطورات إعلان حركة حماس يوم 17 سبتمبر/أيلول 2017 حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.

وفي عام 2020 اجتمع الفصيلان في اسطنبول، في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، وأعلنا في بيان مشترك أعقب الاجتماع، بالذهاب للانتخابات وحلحلة الملفات العالقة بين الحركتين منذ بدء الانقسام في يوليو 2007، وقرر الطرفان إحالة ما توافقا عليه من إجراء الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية ثم المجلس الوطني، إلى لقاء قيادي يجمع الأمناء العامين للفصائل.

ومن ثم التقى الوفدان في الدوحة والقاهرة، ومن ثم جاب وفد حركة فتح برئاسة اللواء جبريل الرجوب العاصمة السورية دمشق، والعاصمة اللبنانية بيروت للالتقاء بالفصائل الفلسطينية تمهيداً، لعقد اجتماع ثان للأمناء العامين للفصائل بدعوة من الرئيس عباس، إلا أنها خطوة لم تتحقق.

وفي 8 فبراير/ شباط 2021، بدأت جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة بمشاركة 14 فصيلا على رأسها حركتا فتح وحماس والبحث في ترتيبات وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية، وجاء ذلك بعد اعلان الرئيس محمود عباس البدأ في عملية الانتخابات العامة والتشريعية لأول مرة منذ 15 عاما.

فما يميز هذه المرحلة هي الجهود الدولية والضغط الدولي لانجاز الانتخابات اضافة الى الوضع السيء الذي وصل له قطاع غزة بعد سنوات طويلة من المعاناة والحرمان نتيجة الحصار، وحاجة الشعب الفلسطيني لمثل هذه الانتخابات بعد سنوات طويلة من الانتظار والترقب في اعلان الانتخابات.