معجم أعلام النساء والأرشيف الفلسطيني

2021-10-26 06:03:24

احتفت رابطة الكتاب الأردنيين يوم الأربعاء، 20 تشرين الأول 2021؛ بإشهار وتوقيع كتاب "معجم أعلام النساء الفلسطينيات"، للكاتبة اللبنانية "غريد الشيخ محمد"، الذي صدر عن دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر في بيروت.

احتوى الكتاب على ستمائة وثمان وعشرين سيرة ذاتية لنساء فلسطينيات لهن إسهامات في  الفنون والآداب والسياسة والعلوم.

تكمن أهمية هذا الكتاب في الإضافة إلى الأرشيفات الفلسطينية والعربية، التي عنيت بالكشف والتعرّف إلى نساء عربيات، كانت لهن مساهمات في مجالات معرفية ثقافية واجتماعية وسياسية متنوّعة.

*****

ظللت الأمسية أرواح الرائدات الفلسطينيات الراحلات، اللواتي ألهمن أجيالاً من الشابات المبدعات في الأدب والسياسة والعلوم والفن، في مراحل تاريخية مفصلية من حياة الشعب الفلسطيني؛ "مي زيادة"، و"كريمة عبود"، و"كاترين سكسك"، و"زليخة الشهابي"، و"ميليا السكاكيني"، و"أسمى طوبي"، و"أديل عازر"، و"ساذج نصّار"، و"طرب عبد الهادي"، و"ميتيل مغنم"، و"ميمنة عز الدين القسام"، و"مهيبة خورشيد" و"ناريمان خورشيد"، و"هند الحسيني"، و"عصام عبد الهادي"، و"سميرة أبو غزالة"، و"سميحة خليل"، و"وديعة قدورة خرطبيل"، و"فدوى طوقان"، و"عصام الحسيني"، و"يسرى البربري"، و"حلوة جقمان"، و"سميرة عزام" و"سلافة جاد الله"، و"سهام أبو غزالة"، و"سلافة حجاوي"، ود. "إلهام أبو غزالة"، و"ليلى الأطرش".

*****

هل هناك إلحاحية لصناعة أرشيفات للشعب الفلسطيني بشكل عام، وصناعة أرشيف نسائي فلسطيني بشكل خاص؟

أدرك الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري العنصري مبكراً أهمية وجود أرشيفات لتراث الشعب الفلسطيني الفكري؛ السياسي والثقافي والاجتماعي والعلمي؛ ولذا حاول تدمير مخزون هذه الأرشيفات، التي احتواها مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت؛ سلب عشرين ألف كتاب، ثم حطَّم كل ما وجد في المركز، ثم نسفه يوم الرابع من شباط العام 1983.

*****

وإذا كان هناك نقص كبير في أرشيفات الشعب الفلسطيني بشكل عام فإن هناك نقصاً فادحاً في وجود أرشيفات تنصف النساء؛ رغم ازدياد مشاركة النساء في مجالات معرفية متعددة، ورغم إنتاجهن الذي يتزايد باطِّراد في السياسة والثقافة والعلوم والآداب والفنون.

عني بعض الباحثين والباحثات بالتنقيب والبحث عن إسهامات النساء، وكشف إنتاجهن لإتاحته للمهتمين والمهتمات، ولإغناء المكتبة العربية.

من المصادر القديمة كتاب ابن حجر العسقلاني: "الإصابة في تمييز الصحابة"، الذي أفرد كتاباً لتراجم النساء، وهو الجزء الثامن من كتابه؛ ترجم فيه لألف وخمسمائة وثلاث وأربعين امرأة، وشمس الدين السّخاوي، في كتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع"، الذي خصص فيه جزءاً كاملاً للنساء سماه (كتاب معجم النساء) أورد فيه ترجمة عدد كبير من النساء المسلمات المشهورات، فضلا عن إيراده عددا آخر منهن ضمن تراجم الرجال كان بينهن الفقيهات والمحدِّثات والأديبات.

ومن المصادر الحديثة؛ كتاب د. جوزيف زيدان: "مصادر الأدب النسائي في العالم العربي الحديث" الذي ضمّ أعلام الأدب النسائي العربي، جمع فيه أسماء ثلاثة آلاف ومائة وثلاثين كاتبة، وصدرت طبعته الأولى العام 1986، وطبعته الثانية العام 2013، بالإضافة إلى كتاب د. "خالدة سعيد"، عن "المرأة والإبداع"، الذي صدر العام 1991، والكتاب الذي أصدره ملتقى المرأة والذاكرة في مصر: "زمن النساء والذاكرة البديلة"، العام 1998، تحرير د. "هدى الصدّة" و"سمية رمضان" و"أميمة أبو بكر"، وكتاب د. "عبد الحميد جمال الفراني"، و"عوني محمد العلوي": "أعلام النساء الفلسطينيات"، الذي صدر العام 2013، والذي ضمّ أسماء أربعمائة واثنتين وأربعين سيرة ذاتية نسائية، والكتب الأربعة للدكتورة "فيحاء عبد الهادي"، التي أصدرها "مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق/ اليونيسكو"، في فلسطين، بين الأعوام 2006 - 2015؛ والتي وثَّقت "أدوار المرأة الفلسطينية: المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية" منذ الثلاثينيات حتى منتصف الثمانينيات، وكتاب "حنان عسلي الشهابي" "المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني"، الذي صدر العام 2016.

يضاف الآن إلى هذه المصادر الكتاب الذي صدر نهاية 2021، عن دار النخبة "معجم أعلام النساء الفلسطينيات"، للكاتبة "غريد الشيخ محمد".

نجد بين دفّتي "معجم أعلام النساء الفلسطينيات"؛ أديبات، وشاعرات، وباحثات، وفنانات تشكيليات، وعالِمات، وإعلاميات، وإذاعيات، ومصوِّرات، ومؤرِّخات، وخطّاطات، ومترجِمات، وحكواتيات، وممثِّلات ومخرجات ومنتجات وكاتبات السيناريو (مسرح، سينما، مسلسلات)، ومطربات، بالإضافة إلى مناضلات وناشطات سياسيات.

نلحظ تفاوتاً في عدد النساء وإنتاجهن في كل حقل من هذه الحقول المعرفية؛ حيث يكثر الإنتاج في الحقول الأدبية والفنية، ويقلّ في الاقتصاد والعلوم والسياسة، وهذا ما يمكن أن يحفز الدارسين/ات إلى الوقوف لدى أسباب قلة إنتاج النساء في علوم محددة، وزيادة إنتاجهن في علوم أخرى.

*****

كتبت "غريد الشيخ محمد" إصدارها بمداد القلب، ولم تكتفِ بذلك؛ بحثت ودقَّقت، بصبر ودقة وأناة، ولا عجب فهي المعجمية الأولى، التي قدّمت للمكتبة العربية كتباً جديرة بالاقتناء؛ "المعجم في اللغة والصرف والنحو والمصطلحات" 1/6، العام 2010، و"معجم أشعار العشق في التراث العربي"، العام 2007، و"معجم المترادفات"، و"معجم الإعراب للطلبة"، و"معجم الحروف والظروف"، و"معجم الأسماء والضمائر"، و"معجم الأفعال وتصريف الأفعال"، و"معجم الجموع والمُثَنّى"، العام 2005، و"معجمي المصوَّر: عربي، إنكليزي، فرنسي"، العام 2011، و"معجم أعلام النساء في المملكة العربية السعودية"، العام 2019؛ ما جعلها ريادية بجدارة في هذا المضمار الصعب والمهم.

تمنَّت – كما كتبت في مقدمتها – أن يشكّل كتابها مصدراً صالحاً لدراسة التاريخ الفلسطيني من خلال المرأة وعطاءاتها المتنوّعة، وأن يكون لبنة في المكتبة العربية.

وأعتقد أن كتابها سوف يشكّل أحد المراجع المهمة للتعرّف إلى العديد من أسماء النساء الفلسطينيات الفاعلات في حقول معرفية متنوّعة، واستكمال الناقص من سيرتهن ضمن الطبعة الثانية، والإضافة إليهن ضمن إصدارات أخرى، كما سوف يشكِّل مرجعاً لكتابات نقدية تتناول مؤلّفات الكاتبات.

أتمنى بدوري أن يشكّل هذا الإصدار حافزاً للنساء من أجل المزيد من الإبداع في مجالات المعرفة كافة.