علم فلسطين.. روح ألوان أعلام الدول العربية

2022-12-08 09:42:52

رفع الأشقاء العرب علم فلسطين في مونديال قطر 2022 حتى بات العلامة الأبرز، وكتبنا عنوانا لمقال سابق في نفس مكان هذه الزاوية إثر افتتاح هذا اللقاء الدولي العالمي الإنساني: "فلسطين .. المنتخب الفائز في مونديال قطر 2022"، رغم علمنا أن فلسطين لم تتأهل لخوضه، لكن الجماهير العربية، وجماهير الشعوب الحرة الصديقة أكدت تأهل فلسطين لمكانة الدولة الحرة المستقلة، وأهلية شعبها لنيلها، واستعادة مكانتها في مثل هذه اللقاءات العالمية النبيلة، حيث تلتقي ثقافات الشعوب، وتبرز أهم سماتها وخصائصها الإنسانية، ونعتقد في هذا السياق أن رفع الجماهير العربية لعلم فلسطين أثناء تشجيع منتخباتها، دليل آخر على أن فلسطين أكبر من قضية، وأبعد من قصة كفاح، فهي كما نعتقد الآن مكون مميز من مكونات الهوية العربية، وثقافة الشعوب العربية، فعلم فلسطين كان رسالة مبسطة صاغتها الجماهير بعفوية خالصة مضمونها: أي نصر وفوز وإنجاز لعربي مشرقيا كان أو مغربيا، فهو انتصار وإنجاز وفوز لفلسطين قلب الأمة والوطن، وأن الحرية والاستقلال بلنسبة للعربي ستبقى منقوصة ما دامت فلسطين يسيطر عليها (غزاة) استخدمتهم دول استعمارية وما زالت تستخدمهم لمنع ميلاد حضاري جديد لهذه الأمة، فالعربي بفطرته يدرك خطر المشروع الاستعماري الدولي على مصير الأمة العربية ومستقبلها، ويدرك أن الصهيونية العنصرية صيغة مصطنعة في مختبراتها السياسية، ومراكز تخطيطها الإستراتيجية مكرسة لخدمته.. ونعتقد أن ما كتبته صحيفة "ذي إنترسيبت" الأميركية حول مكانة فلسطين في ضمير الشعوب العربية والحرة أيضا، إدراك من نوع آخر للحقيقة التي نتحدث عنها، حيث جاء في مقالها: "أظهر الدعم الدافق الذي كان واضحًا من يافطات ورايات الحرية لفلسطين على المنصات ومن مواقف المشجعين الذين قاطعوا مقابلات التلفزة الإسرائيلية ولوحوا بالأعلام الفلسطينية، وقللوا من شأن الصحافيين الإسرائيليين، أظهر بوضوح إساءة جارد كوشنر، التقدير" وفي مقالها أيضا: "إن مونديال قطر2022 كشف عن فشل صهر الرئيس الأميركي السابق ومستشاره ومحاولات إظهار نفسه كصانع سلام عبر "اتفاقيات التطبيع"، إذ أظهر "المشجعون العرب احتقارا للإسرائيليين، فبعد ساعات من استشهاد خمسة  فلسطينيين في الضفة الغربية، هتف المشجعون العرب في كأس العالم: بالروح بالدم نفديك يا فلسطين".

الإنجاز في مونديال قطرعظيم ويجب المحافظة عليه وتعميقه وتجذيره ليصبح جزءا من سلوك العربي العاكس لثقافته وانتمائه وعروبته، لكن هذا يجب أن يسير بعملية موازية لتأصيل ثقافة احترام العلم، والمعرفة بتاريخه ومعاني رموزه وقياساته، فهذا أمر هام للغاية حتى تكون الصورة أبلغ وأحسن تأثيرا.. خاصة إذا علم المواطن  أن ألوان علم فلسطين هي ذاتها  ألوان علم الثورة العربية الذي صممه الشريف حسين عام 1916، واستمدت الدول العربية  ألوان أعلامها منه.

قبل سبع سنوات رفع الرئيس محمود عباس أبو مازن علم فلسطين لأول مرة على المدخل الرئيسي لمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ إنشائها، وتحديدا في 30-9-2015، إلى جانب أعلام الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة.. وقال الرئيس حينها: "ارفعوا علم فلسطين عاليا فهو عنوان هويتكم الوطنية".. واعتمد بمرسوم رئاسي هذا التاريخ  يوما سنويا للعلم الفلسطيني.. لكن قبل هذا التاريخ  بعشر سنوات كان الرئيس قد أصدر مرسوما رئاسيا برقم (29) لسنة 2005م خاصا بعلم فلسطين مادته الأولى: "يكون للعلم الفلسطيني الشكل والمقاييس التالية: يقسم أفقياً إلى ثلاثة مقاطع متساوية، ومتوازية العليا سوداء. والوسطى بيضاء. والسفلى خضراء. مع مثلث أحمر من ناحية السارية قاعدته مساوية لعرض العلم، وارتفاعه مساوٍ لثلث طول العلم".. وكان تأكيدا لما قررته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في (1-12-1964م) حول تسلسل ألوان العلم، وهي المعتمدة قانونيا حتى اليوم، علما أن المؤتمر الأول للمجلس الوطني الفلسطيني في (28-5-1964) في القدس، قرر في  المادة (27) أن يكون للشعب الفلسطيني نشيد وطني وعلم، اعتمدت ألوانه ولكن كان اللون الأخضر في أول الترتيب من الأعلى .. واعتمد علم فلسطين علما للثورة الفلسطينية المعاصرة التي أطلقتها حركة فتح  في الأول من كانون الثاني من العام 1965، وفي 15 نوفمبر من  العام 1988 اعتمد المجلس الوطني العلم، علما لدولة فلسطين.. ومن المهم جدا المعرفة بأن للعلم حرمة صدر بشأنها قانون رقم (22) لسنة 2005م) حدد ألوان العلم ومقاييسه، وكيفية احترامه وأين يرفع.

نفترض أن علم فلسطين موجود، في كل بيت أو مدرسة أو جمعية أو منشأة رسمية أو غير حكومية أو محل أو ناد أو مقهى، أو مكان للترفيه في فلسطين، ونعتقد أن رفع أعلام دول عربية احتفالا بإنجازاتها، أو صديقة احتفاء بمواقفها النبيلة مع الحق الفلسطيني يجب أن يكون مرفوقا بعلم فلسطين، انسجاما مع القانون الفلسطيني، فنحن كما نعتز ونفخر بالأشقاء العرب عندما يرفعون علم فلسطين في مناسباتهم إلى جانب أعلام دولهم، فإنهم سيكونون أكثر فخرا بنا، عندما يشاهدون علم دولتنا فلسطين بأيدينا إلى جانب أعلام بلادهم، فهذه صورة يتمنى الأشقاء رؤيتها هنا فوق أرض  فلسطين أيضا في مناسبات فرحهم وفرحنا بإنجازاتهم.