التنظيم السياسي والثقافة التنظيمية

2022-12-08 12:46:19

في ذكرى انتفاضة الحجارة المجيدة (8/12/1987م) التي تميزت بالقوة الجماهيرية العظيمة، والصدمة الشديدة للمحتل الاستعماري الإحلالي، نشير أيضًا الى قدرتها الفائقة على التنسيق وعلى التنظيم والإنجاز والاستمرارية، مع الدعم والتماهي القيادي الداخلي/الخارجي الذي جعلها نموذجًا عالميًا فريدًا حتى اليوم.

أركز هنا على فكرة رئيسة وهي فكرة العمل المنظم عبر أطر وهياكل يندرج فيها أشخاص بمهمات عملهم وأدوارهم، أي فكرة التنظيم (المنظمة) والثقافة التنظيمية التي صاحبت هذا العمل العظيم، ومثيله من الأعمال الاخرى المنظمة في إطار مسيرة الثورة الفلسطينية.

العقل المنظم والفعل التنظيمي الناجز يحتاج منا الى الإيمان الجازم الذي لاينتزع من القلوب من جهة، ولخطوات عملية متسقة، وضمن قيادة موجهة ذات برنامج، ومثابرة واستمرارية تجعل من العطاء والتضحيات أساسًا لتحقيق النصر.

 ودعنا نبدأ من تعريف التنظيم أو المنظمة كما يرد بكتاب التنظيم السياسي و التثقيف، والثقافة التنظيمية (المؤسساتية) الذي شاركنا في تحريره لأكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية.

التنظيم السياسي[1]: التنظيم (المنظمة organization) عملية التئام أو تجمع حول أفكار أو أهداف أومصالح من قبل أشخاص (يحملون قناعات) ويندرجون في المنظمة في اتصالات مستمرة وأدوار ضمن تسلسل تراتبي ونُظُم تحكمهم في مناخ يبلورون فيه ذاتهم ويسعون لتحقيق الاستراتيجية والبرنامج والأهداف في بيئة مفتوحة.

الثقافة التنظيمية تمثل: نظام من الافتراضات والقيم والمعتقدات المشتركة، والتي تحكم كيفية تصرف الأشخاص داخل المنظمات. هذه القيم المشتركة لها تأثير قوي على الأشخاص في المنظمة وتملي عليهم طريقة لباسهم وتصرفاتهم وأداء أعمالهم ومهماتهم.

أهمية الثقافة التنظيمية[2]

 قيم المنظمة وثقافتها جزء من اتجاهها الاستراتيجي، والمكوّن من الرؤية والرسالة والقِيَم والاستراتيجية. والقيم أيضا مكوّن أساس من مكونات هوية المؤسسة.[3]

تخلق الثقافة التنظيمية (والقِيم) الحدود التي لا يُسمح للأعضاء/العاملين بتجاوزها، (ويتم العمل ضمنها وبهديِها) بحيث يلاحظون تلقائيًا المعايير التنظيمية وقواعد السلوك.

كل منظمة تُعرَف جيدًا من خلال ثقافتها. وحيث توفر ثقافة المنظمة استقرارها يفضل الناس الاستمرار فيها. ويفضل الأعضاء (في المنظمات الطوعية السياسية وغيرها) أوالموظفون والعملاء والممولين وغيرهم من الأشخاص ذوي الصلة البقاء مع المنظمة.

إن الاعتراف الاجتماعي (بيئة المنظمة) بالثقافة التنظيمية يجعل المنظمة تنمو وتتطور في جميع الأبعاد.

تعمل الثقافة التنظيمية كعامل محفّز يوجه الأعضاء/العاملين ويسيطرعليهم، ويشعر الراضون بمزيد من الروح والحماس لأداء واجباتهم.

توجه سلوك العاملين نحو تحقيق الأهداف من خلال ثقافة سليمة. الأعضاء أو العاملون المنضبطون يجعلون الآخرين (بالقدوة) منضبطين وحسني السلوك.

تثير الثقافة موقفا إيجابيا وسلوكيا إيجابيين يُعدان مرة أخرى إضافة للثقافة ذاتها. هذا الموقف يشير إلى الدورات المختلفة للسلوك الإيجابي، أي أن الثقافة تؤدي إلى السلوك الجيد والسلوك الجيد يصنع ثقافة جيدة تساعد في سلوك أفضل، وتستمر هذه الدورة.

القواعد الضمنية الموضوعة (المعروفة والمعرّفة) في ظل الثقافة التنظيمية تجعل الناس موجّهين نحو التنمية/العطاء، هذه القواعد أكثر فعالية من القواعد الصريحة أو التعليمات المكتوبة والامتثال للقواعد الضمنية يجعل الأعضاء منضبطين.

 تنعكس مزايا الثقافة التنظيمية السليمة في نهاية المطاف في أداء الأعضاء/العاملين ورضاهم بحيث يتم عبرهم إبراز صورة المنظمة (التنظيم) المشرقة، ويبدو الناس راضين عن أداء المنظمة. ويبرز رضا الناس في ابتسامة الأعضاء المنضبطين.

إن الثقافة التنظيمية الداخلية مفيدة لزيادة الإنتاج والعطاء ومشاعر الرضا. والثقافة القوية  المستقرة تضمن أداء/وعمل وإنجاز أفضل، وتعزز الثقافة الالتزام التنظيمي وتزيد من اتساق سلوك العضو. إنه يقلل من الغموض ويخبر ضمنيًا ما يجب القيام به وكيفية القيام به.

الحواشي

[1]  لمراجعة ملف (كتاب) حركة فتح التفصيلي المعنون: مفهوم التنظيم السياسي وأهميته الصادر عام 2019م.

2  كما يوردها موقع رائد الأعمال العربي مع تصرفنا نحن تحت عنوان: الثقافة التنظيمية: مقال شامل عن ثقافة المؤسسة [مع أمثلة].

3  هذا البند إضافة من الاكاديمية. ولمراجعة كتاب التنظيم السياسي و التثقيف، والثقافة التنظيمية (المؤسساتية) من إصدار أكاديمية فتح الفكرية ومشاركتنا بالتحرير.