كيف نستفيد من تشات جي بي تي؟

2023-03-03 23:16:43

مع انتشار تطبيق تشات جي بي تي وتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ المصاحبة له، انتشرت مع الأسئلة حول كيفيّة يمكننا استخدامه دون الوقوع في السرقة الأدبيّة أو كيفيّة استخدامه استخدامًا إيجابيًّا، سواء في كتابة الإيميلات أو تقديمات عروض الوظائف، بل وحتّى وصولًا إلى الكتابة الأدبيّة والبحثيّة.

انتشر خبراء التطبيق بسرعة، والّذي تمكّنوا من اختبار نموذج اللغة الطبيعيّة بشكل مكثّف ليعرفوا كيفيّة التعامل معه وكشف أفضل الأوامر الّتي قد تساعد الناس في الحصول على إجابات وافية ومفيدة في وقت قياسيّ. كما دبّ الإنترنت بأسئلة من قبيل: هل يجعل التطبيق/اتّ حياتنا أسهل؟ ما عواقب استخدام التطبيق؟ هل يستبدلنا؟

تقول مديرة الأخلاق الأولى في شركة هوغينغ فيس Hugging Face، غيادا پيستيلي «نحن نمرّ بمرحلة انتقاليّة، وتتطلّب منّا بعض التكيّف، وأكثر ما يخيب أملي هو مواجهتنا لكلّ هذه التغييرات بصورة وحشيّة وسريعة، بدون دعم اجتماعيّ أو تعليم مناسب». بدأت شركات النشر بعرض بعض القصص من تأليف الذكاء الاصطناعيّ دون تبيين ذلك للناس. تعرّض تطبيق كوكو Koko للصحّة النفسيّة لهجمة شعبيّة بعد استخدامه لنموذج GPT-3 للمساعدة في الإجابة على أسئلة الناس الّذين يطلبون الدعم النفسيّ. أكّدت أحد ممثّلي الشركة بأنّها شركتها تأخذ الاتّهامات على محمل الجدّ، وأنّهم مستعدّون لخوض «حوار جدّيّ» حول الموضوع.

يسهل استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ للأغراض المفيدة أو المضرّة حسبما تشير پيستيلي، وسيحدّد الباحثون والشركات غالبًا، الوقت والكيفيّة الّتي سيستغلّون فيها هذه التطبيقات، وهذا لا ينفي إطلاقًا الدور الّذي تؤدّيه نماذج اللغة التوليديّة في حياتنا الشخصيّة، حيث يمكن استخدام تشات جي بي تي في كتابة بطاقات المعايدة أو رسائل الانفصال والوداع؛ وهو ما يقودنا للسؤال الأهمّ: متى نعطي تشات جي بي تي المسؤوليّة لاتّخاذ القرارات وإجابة والأسئلة؟

للعصف الذهنيّ، لا للبحث عن الحقيقة

تعلّم تشات جي بي تي تقليد استخدام اللغة البشريّة عبر قراءة كمّيّات هائلة من البيانات على الإنترنت، ويكون الناس على الإنترنت في الغالب إمّا لئيمين أو مخطئين، وأحيانًا مخطئين ولئيمين في الوقت نفسه. لا تتوقّع من التطبيق إجابة صائبة، حسب تعبير خبير تحليل تعلّم الآلة روان كوران في شركة فورستر لدراسات السوق، وأضاف بأنّ هذه التطبيقات معروفة بقدرتها على الخروج ببعض الجملة المتماسكة عديمة المعنى، أي أنّها قد تصدر جملًا تبدو حقيقيّة، إلّا أنّها في جوهرها فارغة، ولو أخذت إجاباتها دون تقصّ للحقيقة، فهذا يعني أنّك تشارك معلومات قد تكون خاطئة أو مهينة.

الطريقة الأمثل أمامنا الآن لاختبار صحّة ما يقوله تشات جي بي تي تكون في طرح السؤال نفسه واستشارة مصدر موثوق حول المعلومات المطلوبة، وهو ما يمكننا القيام به من المرّة الأولى دون المرور بتشات جي بي تي. لذا، فإنّ أفضل استخدام للتطبيق ليس تقديم المعلومات، بل توليد الأفكار! وأشارت مي حبيب، الكاتبة في إحدى شركات الذكاء الاصطناعيّ للكتابة، «عندما تفكّر في الكمّ بدلًا من الجودة، فإنّ أفكار تشات جي بي تي جيّدة».

اسأل التطبيق لصعف ذهنيّ لكتابة أوصاف الصور أو إستراتيجيّة نشر أو لبعض القوائم، وسيجيبك بسرعة. يتأثّر تطبيق تشات جي بي تي بسهولة لحساسيّات الأوامر الّتي تعطيها له، وهو يوجب عليك أن تحدّد له جمهورك المختلف ونيّتك؛ ممّا تحاول كتابته ونبرة الصوت، ويمكنك أن توفّر له الموادّ المرجعيّة لما تحاول كتابته، كأن تطلب منه أن يكتب لك دعوة لحضور حفلة على نمط دعوات شركة فيكتوريا سيكرت لحفلات ملابس السباحة.

ويمكن توظيف DALL-E في العصف الذهنيّ البصريّ كما أشار كوران، إذ كلّ ما عليك أن تفعله أن تخبر النموذج بما يدور في ذهنك مثل «حمّام حديث من منتصف القرن مع حوض استحمام وبلاط مزخرف» واستخدم النتاج كإلهام لك في عملك.

للاستكشاف، وليس للإنتاج السريع

توقّع الناس مع ازدهار تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ ظهور «مهندسي الأوامر» وأنّهم سيستبدلون علماء البيانات والمبرمجين التقليديّين، ولكنّ كوران قال إنّ التوقّع غير مرجّح، لإنّه معرفة طريقة كتابة الأوامر لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ سيكون جزءًا من عملنا ومعرفتنا العامّة، تمامًا كما نعرف طريقة استخدام محرّكات البحث، وسنكتشف لاحقًا أنّ ثمّة فنّيّات مهمّة في طريقة كتابة تلك الأوامر، وأنّ أفضل طريقة لمعرفتها تكون عبر التجريب والمحاولة.

ركّز عند استخدامك لهذه التطبيقات على المتعة والتعلّم بدلًا من الإنتاجيّة. اكتشاف ما بإمكان نموذج تشات جي بي تي أن يفيدك بها، وما لا يستطيع فعله. اختبر حدود فهم التطبيق بأوامر متناقضة لا معنى لها، وهو ما سيسمح لك بتجاوز حدود التطبيق المفروضة عليه من شركته المصنّعة (حدثت أوبن إيه آي التطبيق لحلّ هذه المشكلة). اختبر معرفة التطبيق واعرف لأيّ مدى يمكنه الإجابة على أسئلة في مجال تخصّصك؟ يحبّ كوران تاريخ أمريكا الوسطى قبل العصر الكولومبيّ، ووجد أنّ DALL-E يكافح لتوليد صور لمعابد المايا، على حدّ قوله.

سيكون لدنيا متّسع من الوقت لنسخ ولصق ما تنتجه هذه التطبيقات إذا ما شقّت طريقها لأماكن عملنا. يقال إنّ مايكروسوفت تخطّط لدمج تطبيقات شركة أوبن إيه آي في كافّة منتجاتها. استمتعوا حاليًّا في استخدام تشات جي بي تي للخروج بحلول وإجابات غريبة، ولا تستخدمونه على أنّها آلة تعرف كلّ شيء، لأنّه لا يعرف أيّ شيء.

للمعاملات لا للتفاعلات

تعتبر التكنولوجيا المشغّلة لتشات جي بي تي ليست جديدة، بل موجودة منذ فترة، وما يجعل التطبيق ذا أهمّيّة الآن هو قدرته على تقليد وفهم اللغة الطبيعيّة، وهو ما قد يعني أنّه لا يمكن تمييز رسائل البريد الإلكترونيّ والنصوص الّتي يكتبها عن تلك الّتي يكتبها البشر، وهو ما يسمح لنا بتكثيف العواطف القويّة والتواصلات المتكرّرة والجمل المعطوبة نحويًّا في جمل لا مشكلة فيها، وبهذه القوّة الكبيرة، تتولّد لدينا مسؤوليّة أكبر.

تقول پيستيلي، خبيرة أخلاقيّات الذكاء الاصطناعيّ، إنّه من الصعب تحديد الوقت المناسب لاستخدام الذكاء الاصطناعيّ في كتابة الرسائل الشخصيّة، حيث يمكن أن يكون تشات جي بي تي أداة فعّالة للأشخاص الّذين يعانون من مشاكل في التواصل الكتابيّ أو المنطوق، على سبيل المثال. السؤال: هل تستخدم التطبيق لتحسين قدراتك التواصليّة أم لتعثر على طريق مختصر؟

قد لا يفتقد الكثيرون اللمسة البشريّة رسائل البريد الإلكترونيّ، إلّا أنّ التواصل الشخصيّ يستحقّ منّا التفكير كما تقول بيثاني هانكس الأخصّائيّة الاجتماعيّة الكلينيكيّة، والّتي قالت بأنّها تراقب انتشار التطبيق عن كثب، وأوضحت بأنّها تشير على عملائها بكتابة سيناريوهات حواريّة للمحادثات الّتي يعتقدون أنّها صعبة، وأفادت بأنّها تقضي وقتًا طويلًا في استكشاف مشاعر العملاء الحقيقيّة للتأكّد من أصالة النصوص المكتوبة، وذكرت بأنّها تطلب من عملائها الإفصاح عن الحقيقة فيما إذا كانوا قد استخدموا برامج الذكاء الاصطناعيّ في كتابة سيناريوهاتهم: «ثمّة خطّ رفيع بين البحث في المساعدة على التعبير عن شيء ما مقابل الاعتماد على آلة لتعبّر عن عواطفك عنك».

تناولت شركة أوبن إيه آي في منشورات مدوّنتهم قيود تشات جي بي تي من حيث الواقعيّة والتحيّز، ونصحت المؤلّفين ومنشئيّ المحتوى بالاطّلاع عليها، ورفضت الشركة التعليق مباشرة على استخدامات الناس للتطبيق، وأعطونا رابط هذه التدوينة.