الاحتفاء بلقاء القائد!

2023-05-25 08:32:38

من المعرفة والثقافة المطلوبة لأي انسان ومنه الكادرأو القائد تلك الثقافة، والمعرفة الذاتية أوما تسمى ممارسة الوعي الذاتي  (فهم نفسك وطريقة تفكيرك ومشاعرك وتصرفاتك) حيث أن "ما يميز القادة العظماء هو تفانيهم في معرفة المزيد عن أنفسهم والآخرين. ويميل الأشخاص ذوو الوعي الذاتي العالي إلى الحصول على مزيد من التوجيه والهدف والتأثير والنجاح في حياتهم المهنية والشخصية".
"يبدأ التدريب الذاتي بتحديد رؤيتك، وهي الخطوة الأولى المهمة لتقييم مكانك والمكان الذي تريد أن تكون فيه. من خلال الممارسة، يمكن أن يصبح الوعي الذاتي عادة مدى الحياة والتي تصبح أساس الأداء العالي والإنتاجية والرضا العام." 
بالوعي الذاتي تفهم ضرورة الثقافة ، أما كيفية الحصول على التعليم والثقافة العامة فإن ذلك يتم عبر تحصيل أكبر قدر من المعرفة خاصة في مجاله "ليحصن بها نفسه من الضلال والوهم" كما يقول ابن المقفع ويضيف عن أهمية الثقافة والعلم "فأما العلم فيزينك إليه – فيبلغك حاجتك، وأما الصمت فيكسبك المحبة والوقار".

وعندما يكون القائد عارفًا بعمله وملمًا به وليس(خيال مآتة) أو جثة ألقيت على كرسي، فإن لقاءك به هو يوم احتفاء عام ويوم تترقبه لتنهل من معرفته أو علمه أو حَدَبه واهتمامه على الأقل، وليس تقريعه وصراخه الدائم وكأنه بذلك يثبت نفسه وسلطته عليك وعلى الآخرين. 

كان الأخ والصديق اللواء محمود الناطور من المغرمين بقراءة الكتب بشكل مثير، إذ لا يكاد يمر معرض من معارض الكتاب إلا ويكون قد خصّص ميزانية للشراء وحين كان يقدم لحضور معرض الكتاب في الكويت، فترة وجودي هناك، تكون طلباتي من الكتب من ضمن ميزانيته ولم يتخلف عن هذه العادة حتى كان له من المؤلفات اليوم في تاريخ ومسيرة الثورة ما يعد بحق مرجعًا بالمجال.

وكنت أرى غرام الأخ خالد الحسن المفكر الكبير من مركزية فتح بالكتب وما كان يظهر من ثقافته المتنوعة بأحاديثه المبهرة، كما الحال مما كان في جلسات الاخ أبوماهر غنيم -عندما عملت معه في التعبئة والتنظيم في تونس، ثم لاحقًا مديرًا لمكتب أمانة سر اللجنة المركزية للحركة، في فلسطين- الذي دأب أن يتحفك بالثقافة العامة من كل بستان زهرة ما يثير فيه الإعجاب أولًا ثم الرغبة بالاستزادة منه ثانيًا. فجلسته أبدًا غنية، وصولًا الى الدفع باتجاه القراءة الذاتية لمحاولة المضاهاة له، وهو ما كان من شأننا لاحقًا.

كان الأخ المفكر والقائد الفلسطيني هاني الحسن يقول في ندواته ويكرّر لنا ونحن في حضرته: بمكن للجميع أن يدعي أنه يحلل سياسة! حتى ستي (جدتي) تحلل سياسة! ولكن الفرق بين القائد والانسان العادي أن القائد يتعلم يوميًا ويستزيد ويدرك المستجدات ويرى المتغيرات ويحلل ويبني ويقرر. 

وعليه فالقائد نهِم للمعرفة ومليء (مش فاضي/خالي الوفاض، وإنما لديه ما يقوله) ويمتلك رؤية وبصيرة وقدرة مفتوحة على المستقبل والاحتمالات. ومن هنا فإن اللقاء به يكون مترقبًا ومدعاة للفرح والاحتفاء.