مركز "شمس":جريمة مزدوجة بحق الأسير نجم: الإهمال الطبي والاعتقال الإداري يفضيان إلى الاستشهاد

2025-05-06 11:25:22

أدان مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" بأشد العبارات جريمة استشهاد الأسير محيي الدين فهمي نجم (60 عاماً) من بلدة سيريس بمحافظة جنين، الذي كان معتقلاً إدارياً في سجن النقب ، واستشهد في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، وقد أعلنت سلطات الاحتلال عن استشهاده صباح أمس الأحد، الموافق 4 أيار/مايو 2025 ، والأسير نجم اعتقلته قوات الاحتلال في 8 آب/أغسطس 2023، وأمضى في سجون الاحتلال ما مجموعه (19) عاماً.وأكد مركز "شمس" أن هذه الجريمة البشعة تُضاف إلى السجل الأسود لانتهاكات سلطات الاحتلال بحق الحركة الأسيرة، وإلى قائمة  الشهداء الذين ارتقوا بفعل السياسات الممنهجة والجرائم المنظمة التي تنفذها إدارة سجون الاحتلال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان، لاسيما اتفاقية جنيف الثالثة التي تكفل حماية الأسرى .

والمعتقل الشهيد نجم متزوج وأب لستة أبناء، تعرض لجريمة إهمال طبي متعمد، تمثلت في حرمانه الكامل من تلقي العلاج رغم معاناته من مشاكل صحية مزمنة، وقد تمّت زيارته بتاريخ العاشر من آذار الماضي في سجن النقب، حيث تبيّن حدوث تدهور خطير في حالته الصحية؛ إذ بدا عاجزاً عن الحركة، ويتنقل بصعوبة بالغة. وبعد جهود حثيثة، نُقل لإجراء بعض الفحوصات الطبية، دون أن يتم إبلاغه بنتائجها أو تفاصيل وضعه الصحي. وفي هذا السياق، يؤكد مركز "شمس" على أن سلطات الاحتلال ارتكبت بحقه جريمة مزدوجة، تمثلت في الإهمال الطبي المتعمد واستمرار اعتقاله الإداري لأكثر من عامين.

وباستشهاد نجم يرتفع عدد الشهداء من الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال منذ تاريخ حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى (68) شهيداً، ممن وثقت حالاتهم، من بينهم على الأقل (42) شهيداً من قطاع غزة وبذلك، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة، المعروفين بالاسم منذ عام 1967، إلى (305) شهداء. ويُضاف إلى ذلك استمرار الاحتلال في إخفاء العشرات من المعتقلين من قطاع غزة قسراً، دون الكشف عن مصيرهم. كما بلغ عدد الشهداء الأسرى الذين لا تزال جثامينهم محتجزة لدى سلطات الاحتلال (77) شهيدًا، من بينهم (66) استُشهدوا منذ بدء العدوان الأخير على الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أنّ جريمة إعدام الأسير محيي الدين نجم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي تُشكّل انتهاكاً فادحاً وجسيماً لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص أحكام اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 الخاصة بمعاملة أسرى الحرب. ويُشير المركز إلى أنّ ما تعرض له الشهيد نجم يُمثل خرقاً مباشراً للمادة (13) من الاتفاقية المذكورة، التي تُلزم الدولة الحاجزة بضمان المعاملة الإنسانية للأسرى في جميع الأوقات، وتحظر تعريضهم لأي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة المهينة أو القاسية أو الإهمال الذي من شأنه أن يؤدي إلى وفاتهم أو إلحاق الضرر البدني أو النفسي بهم.

كما يُعد الإهمال الطبي الذي تم ممارسته بحق الأسير الشهيد خرقاً صارخاً للمادة (15) من ذات الاتفاقية، التي تُوجب على الدولة الحاجزة توفير الرعاية الصحية الملائمة والمجانية، بما يتوافق مع الحالة الصحية للمعتقل. ويؤكد المركز أنّ سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تنتهجها سلطات الاحتلال تُشكّل نمطاً ممنهجاً من القتل البطيء، في مخالفة خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى الجرائم الدولية.

وأشار مركز "شمس" في سياق متصل إلى أنّ استمرار سلطات الاحتلال في احتجاز جثامين الشهداء من الأسرى، وحرمان عائلاتهم من حق دفنهم وفقاً للشعائر الدينية، يُعدّ انتهاكاً خطيراً للمادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، التي تُصنّف الإخفاء القسري ضمن الجرائم ضد الإنسانية. كما يُخالف ذلك القاعدة العرفية رقم (117) من قواعد القانون الدولي الإنساني، التي تُلزم أطراف النزاع ببذل أقصى الجهود لكشف مصير المفقودين وإبلاغ ذويهم بالمعلومات ذات الصلة، سواء في النزاعات الدولية أو غير الدولية.

وأكد مركز "شمس" أنّ جريمة إعدام الأسير نجم ليست حادثاً فردياً أو معزولاً، بل تأتي ضمن سياسة منهجية تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، وتنطوي على انتهاكات ممنهجة للحق في الحياة، والسلامة الجسدية، والحماية القانونية، وهو ما يُوجب مساءلة مرتكبي هذه الانتهاكات بموجب القانون الدولي.

وحذر مركز "شمس" من أنّ استمرار إفلات سلطات الاحتلال من العقاب، في ظل صمت المجتمع الدولي، يُعدّ عاملاً محفزاً لاستمرار الجرائم المرتكبة ضد الأسرى، ويطرح تساؤلات جدّية حول مصداقية النظام الدولي في إنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني. وبناءً عليه، يجدد المركز دعوته إلى: مجلس الأمن الدولي، الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، منظمة الصحة العالمية، مجلس حقوق الإنسان، المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية، للتحرك العاجل والقيام بمسؤولياتهم القانونية والإنسانية، واتخاذ خطوات عملية لإجبار حكومة الاحتلال على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، ووقف كافة أشكال الإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والإهمال الطبي، والإخفاء القسري بحق الأسرى الفلسطينيين، والاعتراف بهم كأسرى حرب تنطبق عليهم ضمانات ومعايير الحماية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني.