أخبار ترمب "السارة".. والاتصالات السورية الإسرائيلية

يترقب العالم ولكن بصورة خاصة أهل غزة، أخبار ترمب "السارة" التي سبقها إعلام ضخم وملح، من جانب الرئيس الأمريكي، أغرق العالم في جدل حول التوقعات دون معلومات
وما دام الحديث يجري عن ساعات، فلسنا مضطرين للدخول في مزادٍ حول التوقعات، لأن الرئيس "كثير الكلام" وعد بتوضيح الحقيقة خلال أيام قليلة وربما ساعات.
غير أن ما يجدر قوله في هذا الشأن أن الرئيس ترمب ومنذ دخل على تطورات حرب غزة، لم يتحقق من وعوده إلا أمر واحد هو فتح أبواب جهنم على غزة، حتى أنه وهو يزف بشرى الأخبار السارة قُتل من أهل غزة أعلى رقم منذ استئناف الحرب عليها.
لقد عودنا الرئيس ترمب منذ الأيام الأولى لرئاسته الثانية على أن لا نأخذ وعوده "الجميلة": على محمل الجد، ووفقاً لما عوّدنا فيمكن استنتاج أقصى ما يستطيع فعله، هو التوصل إلى اتفاق جزئي وفق ما سمي بمبادرة ويتكوف، أو أي مبادرات موازية لها من قبل الوسطاء، أو حتى بتعديلات من قبل ويتكوف ذاته، أمّا ما بعد ذلك فالحديث يُتداول بكثافة عن سيطرة أمريكية إسرائيلية على غزة، يوضع فيها القطاع بين فكي كمّاشة، الاحتلال العسكري الإسرائيلي من جهة، والإدارة الأمريكية للمساعدات الإنسانية وتوزيعها من جهة أخرى، وهذا أبعد ما يكون عن الأخبار "السارة"، ما دامت غزة ستقع تحت احتلال جديد ولكن هذه المرة بنكهة أمريكية.
الاتصالات السورية الإسرائيلية
التقط المراقبون تصريحات الشرع في باريس بشأن اتصالات عبر طرف ثالث جرت وتجري بين نظام وإسرائيل حول ما وصفه "بامتصاص الحالة" خشية فقدان السيطرة من قبل الجانبين على الحدود.
الاهتمام بهذا التطور فيه قدر كبير من المبالغة، وتحميل الأمر أكثر مما يحتمل في الواقع، فلا الاتصالات بمستوى يردع إسرائيل عن مواصلة احتلالها لمناطق جديدة من سوريا، ولا الحالة قابلة للامتصاص ما دام حرس الحدود الإسرائيلي كلف بالعمل داخل الأراضي السورية أي على بعد أشبارٍ من العاصمة دمشق، وما دامت لعبة الأقليات وحمايتها ما تزال قيد العمل في إسرائيل، الرئيس الشرع الذي انفتحت أبواب كل العواصم أمامه بدءً بباريس يعرف أكثر من غيره أن ما تريده إسرائيل من سوريا هو صيغة استسلام بلا قيد أو شرط وهذا ما لا يستطيع الشرع ولا أي سوري القبول به.
إن على الشرع أن يعمل بجد على إغلاق المنافذ التي تدخل منها إسرائيل لتعظيم نفوذها ليس فقط على الحدود مع سوريا وإنما في داخلها ما دامت مسألة الأقليات لم تحسم وطنياً بعد.
إن الأولية القصوى للنظام الجديد في سوريا ينبغي أن تكون معالجة الوضع الداخلي على نحو تحل فيه مسألة الأقليات على أساس وطني عادل وساعتئذ يكون هذا هو الإنجاز الذي تبنى عليه العلاقات الداخلية والإقليمية والدولية، وتتوفر ضمانات كافية لسيادة سوريا واستقلالها ذلك يعني أن لا تكون مرتعاً سهلاً لنفوذٍ إسرائيلي يبلغ حد السيطرة على واحدة من أهم بلدان المنطقة.
سوريا الآن أرض نزاع نفوذ بين قوىً متعددة منها إسرائيل، ولا مخرج من هذه الدوامة سوى المخرج السوري الذي إن أحسن ترتيب وضعها الداخلي فلا خطر على البلد وسيادتها واستقلالها لا من إسرائيل ولا من غيرها.