في الذكرى الـ(77) للنكبة: الاحتلال يواصل حربه على الهوية والذاكرة الفلسطينية

2025-05-15 17:38:09

في الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، تؤكد المكتبة الوطنية الفلسطينية أنّ المشروع الاستعماري الصهيوني لم يتوقف منذ عام 1948 عن استهداف الإنسان والأرض والهوية، وأنّ الشعب الفلسطيني يواجه اليوم، كما الأمس، حربًا شاملة تتعدى حدود الجغرافيا والسياسة إلى العمق الثقافي والمعرفي والرمزي، بهدف اقتلاع روايته التاريخية وطمس ذاكرته الجمعية.

وقالت المكتبة الوطنية في بيانها إنّ النكبة لم تكن مجرد حدث عابر أو محطة تاريخية، بل جريمة مستمرة بأشكال متعددة، تتجلى اليوم بوضوح في الإبادة الثقافية المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، حيث تعرّضت المؤسسات الثقافية والتعليمية والمواقع الأثرية والمكتبات العامة والخاصة والمتاحف ودور العبادة والمخطوطات النادرة إلى دمار شامل ومنهجي، وصفته الأمم المتحدة بأنه الأوسع منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضافت أنّ البنية التحتية الثقافية في قطاع غزة تعرضت لضربات كارثية، طالت الجامعات والمراكز الفنية والمسارح والمكتبات، وأدت إلى تدمير آلاف الكتب والمخطوطات والوثائق، ونهب أرشيفات تاريخية ومجموعات نادرة، فضلًا عن استهداف الرموز الثقافية والدينية والمعالم الأثرية التي تشكل ركائز للهوية الفلسطينية، كما شمل العدوان اغتيال واستهداف عشرات الأكاديميين والفنانين والكتّاب والصحفيين والمبدعين، في محاولة لإسكات الوعي الجمعي الفلسطيني.

وأوضحت المكتبة أنّ الضفة الغربية لم تكن بمنأى عن هذه الجرائم، حيث تتواصل سياسات السطو الثقافي عبر مصادرة المواقع الأثرية، واقتحام المؤسسات التعليمية والثقافية، ومنع الفعاليات، وملاحقة العاملين في الحقول الفكرية والمعرفية، إلى جانب الاقتحامات والاعتداءات المتكررة على مراكز الأرشيف والمكتبات، ما يعكس رؤية استعمارية تسعى إلى تدمير الحضور الثقافي الفلسطيني وتزييف تاريخه.

وأكد رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، أ.د. مروان عورتاني، أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس منذ سبعة وسبعين عامًا حربًا مفتوحة على الثقافة الفلسطينية، تقوم على سياسات “المحو والإنشاء”، الهادفة إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني وتزييف روايته، وإعادة تشكيل الوعي العام وفق سردية استعمارية توراتية مزيفة، تستخدم الثقافة كأداة للهيمنة.

وقال عورتاني إن التراث الثقافي الفلسطيني، بأشكاله المادية واللامادية، هو جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي، وحمايته ليست شأنًا فلسطينيًا فحسب، بل مسؤولية أخلاقية وقانونية دولية، مشددًا على ضرورة استرداد ما نُهب من مكتبات وكنوز معرفية وأرشيفات تاريخية، وعلى وقف عمليات التزوير الثقافي التي تمارسها المؤسسات الإسرائيلية عبر عرضها للمسروقات الفلسطينية على أنها جزء من مقتنياتها.

وشددت المكتبة الوطنية على أن حفظ الذاكرة الوطنية وحماية الموروث الثقافي الفلسطيني يشكلان أولوية استراتيجية في معركة التحرر والبقاء، مؤكدة التزامها برسالتها في التوثيق والتأريخ والإتاحة، وبناء السردية الوطنية المقاومة، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية والعربية والدولية من أجل مواجهة مخاطر الإبادة الثقافية، وصون هوية الشعب الفلسطيني من محاولات الطمس والتذويب والسرقة.