قمة بغداد... الرقم والفعل

2025-05-17 16:34:33

أهم ما ترمز إليه القمة هو المكان الذي تنعقد فيه، بغداد العربية عاصمة العراق العربي، أمّا رقمها فيذكرنا بمسلسل القمم الدورية والاستثنائية التي واكبت التطورات التي جرت في منطقتنا العربية، منذ القمة الأولى في العام 1946 إلى القمة الحالية التي تحمل الرقم 34.

ما المطلوب من قمة بغداد إذا ما نُظر للأمر من زاوية ما يحتاجه العالم العربي، فهنالك الكثير الكثير، منه ما هو بديهي، ومنه ما هو استثنائي.

البديهي هو إيجاد سبيلٍ عاجلٍ لدخولٍ فاعلٍ على شبكة الصراعات التي تجتاح العالم العربي، بينما الغائب الأكبر عن التأثير بها هو الدول العربية، التي ألحقت نفسها كتابعٍ للقوى الأكبر منها، ما جرّدها من استقلالها وحساباتها وقراراتها وأدوارها.

هذا هو البديهي الذي يفترض أن يجد العرب طريقةً لتأمينه، أمّا ما هو استثنائي ومعقد فهو إيجاد أرضية ومؤهلاتٍ للحاق بركب التقدم وفق آليات وعناصر القوة والنفوذ في العالم، الذي يثبت كل يوم أن لا مكان فيه لغير الكبار والأقوياء، الذين يمتلكون أوراق قوةٍ تنظر إليها القوى الدولية الفعالة باحترام، وتكون محل استقطاب وتحالف.

وهذا الاستثنائي والمعقد يرتبط بالبديهي، إذ بدون عالمٍ عربيٍ متفاهمٍ إن لم نقل موحد، فسيظل العرب في موقع التابع، الذي يضع نفسه في خدمة غيره، وهذا ما هو قائمٌ بكل أسفٍ حتى الآن.

قمة بغداد سينظر إليها بعد انفضاضها وليس من خلال الخطب التي تُلقى فيها، فإمّا رقماً سبقته أرقامٌ كثيرة، وإمّا بداية لخطواتٍ فعلية تتجاوز الرقم إلى العمل.

هذا هو الامتحان الذي سيقرره المواطن العربي الذي واكب قمماً كثيرة، وبقيت أموره على حالها إن لم نقل كانت تتراجع كثيراً.