مرونة حماس... ومركبات جدعون

2025-05-18 17:44:37

رأي مسار

 

الجديد ما قاله أحد الناطقين باسم حماس، من أن المفاوضات هذه المرة تجري دون شروطٍ مسبقة، غير أن ما يجري على أرض الواقع هو تطبيق إسرائيل لشرطٍ مسبقٍ ودائم، وهو معلنٌ على كل حال، ملخصه تواصل العمل العسكري لتحقيق "النصر المطلق"، وإن تمت هدنة مؤقتة وتبادل محدود، فلن يكون ذلك مشروطاً بإنهاء الحرب، وهذا هو أصل الحكاية التي تتمسك بها إسرائيل وتتمسك حماس بعكسها.

لا يضر أن تتحلى حماس بالمرونة، وأن تظهر قابلية لنقاش الصيغ التي تقترح عليها من قبل الوسطاء، على أن تكون واعيةً لما يسعى الخصم لبلوغه، وحين يكون الأمر متعلقاً بنتنياهو فالمرونة بالنسبة له حين يُظهرها الخصم هي مجرد تطور ينسبه لمواصلة الحرب، حتى الإفراج عن عيدان الذي تم لاستمالة ترمب من قبل حماس، هو عربون تشجيعٍ على مواصلة الحوار المباشر معها، ورغم أن الحقيقة أظهرت أن لا صلة لنتنياهو به، إلا أنه سارع إلى نسبته لنفسه ولحربه، إذ أعلن أنه لولا الضغط العسكري الذي يمارسه ويهدد به، لما أفرج عن الجندي وهذا يعني أن لا سبيل أمامه من أجل تحقيق أي هدفٍ إلا مواصلة الحرب، أمّا ما يتحقق على الطريق من صفقاتٍ جزئية، فهي ليست أكثر من فترة استراحةٍ مؤقتةٍ لحربٍ صارت بالنسبة له هدفاً بحد ذاتها.

مرونة حماس والاتصالات المباشرة التي أجرتها الإدارة الأمريكية معها، لم تمنع مارك روبيو من تحميلها مسؤولية مواصلة الحرب، وإفشال الجهود لوقفها، وهذا تجديدٌ للموقف الأمريكي الثابت الذي يعترض على بعض تكتيكات نتنياهو، إلا أنه يتفق معه في العمق على أهدافه المعلنة والمضمرة من هذه الحرب.

مرةً أخرى نقول، إن المرونة لا تضر إلا أنها تتطلب مرونةً مقابلةً من الجانب الآخر، وهذا يحدث عكسه تماماً بكل أسف.