على ماذا يعتمد نتنياهو في مواجهة العالم؟

العالم كله بما في ذلك إدارة ترمب يجمع على انتقاد سياسة نتنياهو في أمر منع وصول المساعدات إلى غزة، وحتى حين سمح بدخول عددٍ من الشاحنات يكاد لا يُذكر، وُصف ما سمح به على أنه مجرد قطرةٍ من محيط.
الخطوة التي نُظر إليها على أنها تطورٌ نوعي، جاءت من جانب كندا وفرنسا وبريطانيا، متزامنةً مع تلويحٍ قريبٍ من التهديد، بتعليق اتفاقيات الشراكة الأوروبية الإسرائيلية إذا ما استمر نتنياهو في منع المساعدات ومواصلة حرب الإبادة.
ورغم ذلك وحتى رغم التصريحات والتسريبات الأمريكية التي تظهر استياءً من منعه دخول المساعدات، إلا أن نتنياهو يواصل سياسته وحربه وجرائمه وكأنه لا يسمع شيئاً، ولا يحسب أي حسابٍ لجميع المعترضين على سياسته والذين هم العالم كله.
والسؤال، ما الذي يستند إليه في تحدّيه للعالم؟
أولاً.. الوضع الداخلي في إسرائيل، حيث المعارضات المتفرقة التي لا تجسّد قوة ضغطٍ جديةٍ عليه، ما دام يستند إلى ائتلافٍ حكومي وبرلماني يدعم قراراته ويتبناها.
ثانياً.. وهذا هو الأهم، "رخاوة" الاعتراض الأمريكي على جوانب معينةٍ من سياساته، مع تبنٍ مطلقٍ لأهدافه، ذلك أن كمّ المتفجرات التي تُلقى على غزة هذه الأيام، فاق كماً ونوعاً كل ما ألقي عليها في مراحل الحرب، ولا يصدّق عاقل أن بوسع نتنياهو إدامة حربٍ تدميريةٍ على غزة وجبهاتٍ أخرى، دون الذخائر الأمريكية بكل أحجامها وأنواعها.
ثالثاً.. معرفته وفق تجربة عقود طويلة مع الضغوط الأوروبية والإقليمية والدولية عليه وعلى أسلافه، بأنها عديمة الوزن في التأثير على سياساتهم وحروبهم، ليس على غزة وحدها، بل على كل حرب خاضتها إسرائيل منذ تأسيسها.
هذه ثلاث أسسٍ يرتكز عليها نتنياهو ويستمد منها عناده ومواجهته وتحديه لمواقف العالم كله، فما دام ائتلافه قائماً وراسخاً وما دامت الإدارة الأمريكية تقدم له كل ما يلزم لاستمرار الحرب حتى تحقيق الأهداف، وما دام ما يسمى بالمجتمع الدولي جُرب كثيراً وطويلاً بلا فائدة، فسياسة نتنياهو التي يمارسها دون أقل قدر من التمويه، هي مواصلة حربه وتوسيعها، ولا يعطي لمن يطلب منه التوقف حتى من أقرب أصدقائه وحلفائه، سوى بعض المبادرات الشكلية، كتمديد وجود وفده في الدوحة ليومٍ أو لعدة أيام، وإرضاء سموتريتش وبن غفير بمواصلة منع دخول المساعدات إلا بالقطّارة، لاحتواء الضغط الأمريكي، ووعده العالم باحتلال غزة بالكامل عبر مركبات جدعون وتطويرها، وهكذا يُفهم سر نتنياهو وعلى ماذا يعتمد.