الأرض بتتكلم عبري ؛ الأرض الأرض

2025-05-29 23:19:03

 لعل أكبر إخفاق للحركة  الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها حتى اليوم عجزها عن صناعة  إستراتيجية صلبة قادرة على مقاومة الاستيطان الاستعماري  في فلسطين ، واستيعابها  بأن الأرض على اختلاف مسمياتها و أنواعها وأشكالها ومواقعها  هي قلب وروح المشروع  الصهيوني العقائدي ، وفشلها  في تأسيس منظومة وطنية دينية  سياسية اقتصادية صناعية زراعية اجتماعية  وقانونية تحافظ على عروبة الأرض الفلسطينية ، وعدم قدرتها  على خلق وعي وطني جماهيري  يتعامل مع الأرض كقضية حياة أو  موت  نصر أو هزيمة . 
 تعتقد المنظومة السياسية والوطنية  الفلسطينية  بأن عمليات  توزيع المساعدات المادية والعينية مثل : الخيم والبركسات والأشجار والبذور والحيوانات والماكينات والأدوية  وتوفير الكهرباء والماء  على المواطنين ، وكذلك تشكيل هيئات صغيرة تلبي مطالبهم و تدافع عنهم ، يمكن أن تقف في وجه المشروع الصهيوني المدعوم :  ماديا واقتصاديا وسياسيا  . 
 تتوزع  قضايا شؤون الأرض في فلسطين على وزارات الزراعة والحكم المحلي والمالية والأوقاف والخارجية  وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وسلطة الأراضي و هيئة التسوية ، وتتعامل هذه المسميات معها كأحد مصادر الثروات أو الملكيات العامة أو الخاصة ، بينما هي في حقيقة الأمر قضية  صراع مصيري تدور على أرضها أشرس  المعارك بين المشروع  الوطني الفلسطيني  والاستعماري الصهيوني  . 
 آن الأوان قبل أي وقت مضى لتأسيس جسم وطني مركزي يعنى بقضايا الأرض الفلسطينية من الألف إلى الياء  ، تقع على كاهله مهام دعم الموطن الفلسطيني وتثبيت صموده فوق أرضه ومقاومة سرطان الاستيطان من خلال الفعل السياسي  والقانوني والاقتصادي والزراعي والصناعي  والوطني الجماهيري السلمي الجمعي ، مدعوما  بالخبراء والمختصين من أجل الحفاظ على عروبة الأرض … آن الأوان لتصحيح بوصلة السلطة الوطنية الفلسطينية من راعية مؤسسات وهياكل كيان أو دولة مستقلة إلى راعية  حركة وطنية  تخضع  لأقسى احتلال إحلالي استيطاني مباشر . 
 نحن أمام واقع جديد يتمثل في قيام  إسرائيل  :  حكومة واحزاب وحركات وجمعيات دينية و سياسية  وحزبية بخطوات فعلية  لضم  الأرض الفلسطينية ، وإقامة  المستعمرات  والمشاريع الاقتصادية والزراعية والسياحية والعسكرية وشق الطرق وبناء الجدران  والحواجز والبوابات والجدران وهدم المنازل والممتلكات الفلسطينية ،  وإسكان مليون مستوطن في مساحات الوطن الفلسطيني .
 اليوم نشاهد بشكل طبيعي عمليات  حرق  بروقين وكفر الديك وترمسعيا ورمون وبرقة وحوارة واللبن الشرقية ودوما وقصرة وجالود وبورين وجيت و عوريف و عصيرة  القبلية وأوصرين والبيرة و مردا وبرقا ودير شرف ، ونشاهد عمليات تهجير المواطنين من مناطق الأغوار  والمناطق المصنفة C و B ومن القرى المجاورة للمستوطنات وكذلك تدمير  المنازل  والممتلكات فيها ، ونشاهد المستعمرات والبؤر الاستيطانية و البوابات والحواجز والجدران في كل مكان من الأرض الفلسطينية  المحتلة ، وغدا لن يبقى لدينا  أرض تحتضن أجسادنا بانتظار يوم الحساب العظيم !. 
 المنظومة السياسية والوطنية الفلسطينية  جمعاء  ، صمود الشعب الفلسطيني في أرضه وتوفير جميع  المقومات من أجل ذلك هو المعركة التي يجب الانتصار فيها … السفينة الفلسطينية تتقاذفها الأمواج من كل حدب وصوب ، و شعبها منهك و متعب  و مصاب بأمراض اللامبالاة  واليأس  والفقر  ، وبينه وبين زعاماته وفصائله  وحكوماته مساحات شاسعة من عدم الثقة والخوف وربما العداء .