تكريس سطوة الاحتلال وحظر "الأونروا"

وكالة "الأونروا" التي أنشئت عام 1949 تقدم خدماتها لأكثر من 5.5 ملايين لاجئ في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات لبنان والأردن وسوريا، منهم ما يزيد عن 800 ألف لاجئ في الضفة، يعيش ربعهم في 19 مخيما، وأكثر من 70% من سكان قطاع غزة لاجئون، ويتركز وجودهم في 8 مخيمات ويفرض قرار "الكنيست" الإسرائيلية قوانين تحظر عمل الوكالة الأممية في المناطق التابعة لدولة الاحتلال ومنع أي نشاط للأونروا لها، وألا تقوم بتشغيل أي مكتب تمثيلي، ولا تقدم أي خدمة، ولا تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أراضي ما يسمى بدولة إسرائيل"، بالإضافة إلى إبلاغ إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الأمم المتحدة بانسحابها من اتفاق عام 1967 الذي ينظم علاقتها مع "الأونروا".
القرار يعكس تداعيات خطيرة للغاية على الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، إلا أن تأثيرها سيبدو جليا على القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية، التي تتعرض لاستهداف إسرائيلي ممنهج بهدف تقويض أي أفق للسلام العادل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، الذي يحظى بتأييد أممي ودولي .
إغلاق مقر الوكالة في الشيخ جراح له بعد رمزي وسياسي وعملياتي، لأن إدارة عمليات الوكالة في الضفة تنطلق من القدس، ويهدف الاحتلال سياسيا إلى القول بأنه لا يوجد لاجئون في القدس وأن القدس عاصمتهم الموحدة وأن تداعيات قرار حظر عمل "الأونروا" ستطال الآلاف من اللاجئين من حملة الهوية المقدسية الذين يقطنون في مخيم شعفاط تحديدا، وسيؤثر على وجود الوكالة الخدماتي في البلدة القديمة والأحياء الملاصقة لها، وعلى عمل مدارس الوكالة في القدس.
الخطورة تكمن عند إغلاق مدارس الوكالة في مخيم شعفاط للذكور والإناث، ومدارس أخرى في صور باهر وسلوان وواد الجوز وغيرها من المدارس، حيث سيضع المزيد من الأعباء على اللاجئين لتسجيل أبنائهم، علما أن المدارس الخاصة ومدارس الأوقاف مكتظة، ولا يبقى أمامهم سوى التسجيل في المدارس الحكومية التي تدرس المنهاج الإسرائيلي، ما سيكون له تبعات فيما يتعلق بكي الوعي الجمعي للطلبة، والقضية الفلسطينية، وتعزيز سطوة الاحتلال على كل مناحي الحياة .
تبعات القرار الإسرائيلي تأثيره في الأمن الوظيفي لمئات الموظفين العاملين فيها غير أن التأثير الأكبر هو أن الوكالة لن تتمكن من استيراد الأغذية والمواد الإنسانية المنقذة للحياة، وهذا سيؤثر في قدرة الوكالة على الإيفاء بالتزاماتها الإنسانية وتحديدا نحو اللاجئين والفقراء منهم سواء في الضفة او قطاع غزة وأن هناك تأثيرات مباشرة للقرار ستحد بشكل كبير من نجاعة تقديم ووصول الخدمات الصحية والخدمات الإغاثية والخدمات المختلفة .
القرار الإسرائيلي بحظر عمل "الأونروا" يخالف القانون الدولي لأن على إسرائيل التزامات، فهي أنشئت بقرار من الأمم المتحدة، وقبول عضويتها في الأمم المتحدة كان مشروطا بقبول القرارين 181 و194، والقرار اللاحق 302 الذي تأسست بموجبه "الأونروا" وأن استهداف وجود "الأونروا" يأتي في سياق الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لمدينة القدس، واعتبارها "عاصمة موحدة" لإسرائيل، والذي يتعارض مع القوانين والقرارات الأممية والدولية، وآخرها الرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، غير قانوني ويجب إنهائه خلال عام .