مركز "شمس": مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة يواجهون الموت يومياً والاحتلال يستخدم الحصار الطبي كسلاح ضدهم

2025-06-25 13:53:18

قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أنه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وفي ظل الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال منذ أكثر من سبعة عشر عاماً تتفاقم معاناة مرضى الأمراض المزمنة في القطاع بشكل غير مسبوق حيث يعيش الآلاف من المصابين بهذه الأمراض أوضاعاً صحية وإنسانية مأساوية تهدد حياتهم وتكشف مرة أخرى عن الوجه الإجرامي للاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس سياسات ممنهجة تقوم على حرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم في الرعاية الصحية والدواء والعلاج وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تلزم القوة القائمة بالاحتلال بضمان توفير الرعاية الطبية للسكان المدنيين وعدم عرقلة وصول الأدوية والمستلزمات الطبية كما تنص المادة (56) من اتفاقية جنيف الرابعة على التزام الاحتلال بضمان عمل المنشآت الطبية وتزويد السكان بالأدوية والمستلزمات الصحية بشكل مستمر ودون تمييز.

وقال مركز "شمس" أنه وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة بغزة ومنظمات أممية فقد بلغ أعداد المصابين بأمراض مزمنة في قطاع غزة نحو( 350,000 ) شخص يعانون من أوضاع صحية خطيرة ومتدهورة في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وانهيار النظام الصحي بسبب الحصار والعدوان المستمر ومن بين هؤلاء المرضى يوجد( 71,000) مصاب بمرض السكري و(225,000) يعانون من ارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى آلاف آخرين يعانون من أمراض القلب والكلى والسرطان كما تشير المعطيات الصحية إلى وجود نحو  (12,000)مريض بالسرطان بينهم حوالي(2,500)طفل يعيشون أوضاعاً صحية مأساوية نتيجة نقص العلاجات والنفاد الكامل للأدوية ، وبالتالي فإن مرضى الأمراض المزمنة لا يحصلون على أدويتهم جراء الحرب المستمرة حيث فقدت المستشفيات مخزونها من الأدوية ، كما تشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم تصل إلى 64.9% من المرضى المزمنين في قطاع غزة بينما تبلغ نسبة الإصابة بمرض السكري 44.4% ونسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية 17.1% وتشكل هذه الأرقام انعكاساً خطيراً لحجم الكارثة الصحية والإنسانية التي تهدد حياة الآلاف من مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة نتيجة استمرار حرمانهم من العلاج وغياب التدخلات الدولية الكفيلة بضمان وصول الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل فوري ومنتظم لهذه الفئة من المرضى الذين يواجهون خطر الموت البطيء في ظل الحصار والانهيار الصحي المستمر.

وأوضح مركز "شمس" بأن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة بما في ذلك استهداف المستشفيات والمراكز الطبية وتدمير البنية التحتية الصحية أدت إلى انهيار شبه كامل في النظام الصحي في القطاع الأمر الذي انعكس بشكل خطير على حياة مرضى الأمراض المزمنة الذين أصبحوا عاجزين عن الحصول على الأدوية الأساسية والعلاجات اللازمة لمتابعة حالتهم الصحية خاصة في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والإمدادات العلاجية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة فإن مئات الآلاف من مرضى الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والفشل الكلوي والسرطان يعانون بشكل يومي بسبب فقدان الأدوية الأساسية وتعطيل خدمات المتابعة والعلاج ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية ويعرض حياتهم للخطر المباشر في مخالفة واضحة للمادة (13) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤكد على حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية وتلزم الدول باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان هذا الحق بما في ذلك توافر الرعاية الطبية والأدوية والخدمات الصحية.

وقال مركز "شمس" أن مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة لا يواجهون فقط شبح الحصار ونقص الأدوية بل يعانون أيضاً من منع السفر وتقييد الوصول إلى المستشفيات خارج القطاع خاصة في مدينة القدس والضفة الغربية حيث يحتاج الآلاف من المرضى إلى تحويلات طبية عاجلة لإنقاذ حياتهم أو لاستكمال علاجهم الذي لا يتوفر في قطاع غزة إلا أن سلطات الاحتلال تعمد إلى منعهم من الخروج ما يحرمهم من الحق في العلاج ويشكل ذلك انتهاكاً صارخاً لحقهم في الحياة والصحة المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان وفي المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل لكل شخص الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي كما يشكل ذلك مخالفة للمادة (25) من ذات الإعلان التي تؤكد على حق كل شخص في مستوى معيشة كاف يضمن له الصحة والرفاهية بما في ذلك الرعاية الطبية والعلاج .

وبين مركز "شمس" أن ما يتعرض له مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة يرقى إلى مستوى جريمة العقاب الجماعي التي تحظرها المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة حيث يحظر العقاب الجماعي وأي تدابير انتقامية بحق السكان المدنيين كما يشكل جزءًا من سياسة الإبادة البطيئة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المواطنين في قطاع غزة حيث لا تقتصر الانتهاكات على استهدافهم المباشر بل تمتد إلى حرمانهم من مقومات الحياة الأساسية ومنع دخول الأجهزة الطبية والمعدات الضرورية التي تحتاجها المستشفيات لعلاج هذه الفئة من المرضى وهو ما يعكس بوضوح تعمد الاحتلال مضاعفة معاناة الفلسطينيين واستخدام الحصار والحرمان الصحي كأداة للضغط والتركيع والإذلال الجماعي في مخالفة صريحة للمواد (13،14) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف السكان المدنيين وحرمانهم من الخدمات الأساسية.

وحمّل مركز "شمس" المجتمع الدولي الذي يكتفي ببيانات الإدانة دون اتخاذ خطوات عملية حقيقية لوقف هذه الجرائم وضمان توفير الحماية والرعاية الصحية للفلسطينيين في قطاع غزة ما يشكل تقاعساً دولياً خطيراً ومخالفة واضحة للالتزامات القانونية والإنسانية المترتبة على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف وبخاصة المادة (1) المشتركة التي تلزم جميع الدول باحترام وضمان احترام الاتفاقيات في جميع الظروف كما يكشف هذا التقاعس عن ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية ويشجع الاحتلال على مواصلة سياساته العدوانية دون خوف من المحاسبة أو العقاب.

وقال مركز "شمس" أن مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى تدخل دولي عاجل لتأمين احتياجاتهم الصحية والإنسانية وضمان وصول الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل فوري ودون عوائق كما أن هناك حاجة ملحة لإعادة تأهيل النظام الصحي في قطاع غزة ودعمه بالمعدات والأجهزة الطبية اللازمة لتمكين المستشفيات والمراكز الصحية من تقديم الخدمات العلاجية لهذه الفئة من المرضى خاصة في ظل التزايد المستمر في أعداد المصابين بالأمراض المزمنة نتيجة الظروف القاسية وانعدام مقومات الحياة السليمة وانتشار الفقر وسوء التغذية وتدهور الوضع البيئي والصحي في القطاع وهو ما يشكل انتهاكا لحق السكان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة كما نصت عليه المادة الثانية عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

ونبه مركز "شمس" إلى أن ما يجري في قطاع غزة بحق مرضى الأمراض المزمنة لا يمكن التعامل معه كأزمة إنسانية عابرة بل هو جريمة ممنهجة ومستمرة تستدعي تحركاً دولياً فورياً وفعالاً يضع حدا لهذه المعاناة ويضمن حق الفلسطينيين في قطاع غزة في الحصول على الرعاية الصحية الكاملة والآمنة وفقاً لما نصت عليه القوانين الدولية والإنسانية وبخاصة المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فالصحة ليست منة أو تفضلاً بل حق أساسي غير قابل للمساومة أو التلاعب ويجب على المجتمع الدولي أن يثبت التزامه بهذا الحق من خلال إجراءات ملموسة تضع حداً لسياسات الاحتلال التي تحاصر المرضى وتجعل من معاناتهم أداة إضافية في مسلسل العقوبات الجماعية والانتهاكات الممنهجة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وطالب مركز "شمس" المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية واتخاذ إجراءات عملية ملموسة لضمان وقف انتهاكات الاحتلال بحق المرضى في قطاع غزة وتأمين احتياجاتهم الصحية وفتح المعابر بشكل عاجل ودائم أمام إدخال الأدوية والأجهزة الطبية والسماح للمرضى بالسفر للعلاج خارج القطاع دون قيود أو شروط ، كما يطالب بضرورة إرسال بعثات طبية دولية متخصصة لدعم الكوادر الطبية الفلسطينية والمساهمة في تقديم الرعاية الصحية العاجلة للمرضى وتقديم الدعم الفني واللوجستي للمستشفيات التي تعمل في ظروف صعبة للغاية في ظل الحصار والعدوان.