خاص| 90% من أطفال غزة يعانون نفسيًا: الخوف من الموت لا ينتهي بعد توقف القصف

2025-06-25 14:32:42

أفادت تقارير أممية وطبية موثوقة بأن ما يزيد عن 90% من أطفال قطاع غزة يعانون من اضطرابات نفسية حادة، في واحدة من أكثر الأزمات النفسية حرجًا على مستوى العالم.

وتكشف هذه المعطيات الخطيرة عن تداعيات حرب الإبادة المستمرة على الطفولة الفلسطينية، إذ تركت آلاف الأطفال بلا والدين، وجرّدتهم من الشعور بالأمان والاستقرار، وأغرقتهم في دائرة من الحزن والقلق والفقد المتكرر.

ووفقًا للتقارير ذاتها، فإن أعراض هذه الاضطرابات تتنوع بشكل لافت، إذ تشمل الصمت التام، والتبول اللاإرادي، ونوبات الهلع، واضطرابات النوم، والعزلة، والتعلق المفرط، بالإضافة إلى علامات اكتئابية وسلوكية متقدمة.

ومن اللافت أن الأطباء النفسيين العاملين في الميدان يشيرون إلى أن الأطفال الذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم، أو أقرباءهم من الدرجات الأولى، باتوا يعيشون تحت ضغط نفسي مستمر، يتغذى يوميًا على مشاهد الدمار، والخوف من القصف، وانعدام اليقين بشأن المستقبل.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة ريم أبو حويج، الأخصائية النفسية، في حديثها لبرنامج “أحلى صباح” عبر شبكة راية أف أم مع الإعلامية نجوى حمدان، أن حالات الأطفال النفسية في غزة تتجه نحو مستويات مقلقة من التدهور، لا سيما في ظل غياب البيئة الحاضنة والمطمئنة.

وأشارت إلى أن حجم الفقد والخسارة الذي يختبره الطفل في هذا السن المبكر يترك أثرًا عميقًا على بنيته النفسية، مما قد يؤثر سلبًا على نموه العاطفي والسلوكي على المدى الطويل.

من جهة أخرى، أوضحت أبو حويج أن الطفل في غزة لا يعيش فقط الخوف من القصف المباشر، بل يعاني أيضًا من ما يُعرف في علم النفس بـ”فرط اليقظة”، وهي حالة يكون فيها الطفل في حالة تأهب دائم لاحتمال فقد جديد، ما يعني أنه لا يستطيع الاسترخاء أو الشعور بالأمان، حتى في لحظات السكون الظاهري. ولهذا السبب، أكدت أن هذا النوع من القلق المزمن يُعد من أخطر المؤشرات التي ينبغي التعامل معها بسرعة ومسؤولية.

علاوة على ذلك، حذّرت أبو حويج من بعض الخطابات المجتمعية الخاطئة، التي غالبًا ما تُمارس بحق الأطفال الذكور تحديدًا، مثل مطالبتهم بـ”الرجولة المبكرة”، من خلال عبارات مثل “أنت رجل البيت” أو “لا تبكِ”، مشددة على أن هذه العبارات، وإن كانت تنبع من رغبة في التشجيع، إلا أنها تزيد من عبء الطفل النفسي وتمنعه من التعبير الطبيعي عن مشاعره.

وإلى جانب ذلك، شددت أبو حويج على أن الطفل يجب أن يكون أولوية مطلقة في هذه المرحلة، قبل كل اعتبارات الإعلام أو الصورة أو التوثيق. وأضافت بوضوح: “الطفل لا يحتاج كاميرا توثق دموعه، بل يحتاج يدًا تمسحها، وحضنًا يشعره بالطمأنينة، ويخبره بأنه ليس وحيدًا في هذه المحنة”.

في المقابل، ورغم التوصيات المتكررة بضرورة التدخل العاجل، إلا أن غياب استجابة دولية فاعلة يترك أطفال غزة في مواجهة مفتوحة مع الألم والفقد. وبين القصف والفقر والتشريد، تتشكل ملامح جيل بأكمله على أنقاض الطفولة، فيما يستمر العالم في مراقبة المشهد بصمت ثقيل، دون أن تُترجم البيانات والنداءات إلى أفعال تُحدث فارقًا حقيقيًا في حياة من تبقى