قضية أيمن عودة في ميزان الربح والخسارة

رأي مسار
أطلق الرئيس دونالد ترمب النار على مؤسسة القضاء في إسرائيل حين طلب وبصيغة أوامرية عليا، إلغاء محاكمة نتنياهو ليبدد بذلك التباهي بنزاهة القضاء في إسرائيل، واستقلالية مؤسساته وقراراته.
وفي ذات الوقت يطلق الكنيست النار على صورته ومكانته كعنوان لما دأبت إسرائيل على وصفها لنفسها كواحة للديموقراطية في صحراء الشرق الأوسط، وذلك من خلال قرار لجنةٍ برلمانية، قضى بالمضي قدماً في إجراءات إقالة أيمن عودة، التي سوف يبت فيها بصورةٍ نهائيةٍ في جلسة عامة، تحتاج إلى أغلبية الثلثين كي يقال عودة فعلاً.
وفي حال تمت الإقالة، بوسع عودة الذهاب إلى المحكمة العليا لتبت في قانونية الإجراء من عدمه.
القضية من بدايتها وعلى مدار الإجراءات المتخذة بشأنها برلمانياً وربما قضائياً فيما بعد، تبدو نموذجيةً في تقديم صورةٍ حقيقية للديموقراطية الإسرائيلية، وموقع خمس سكّان الدولة منها، ذلك أن عودة ليس مجرد شخصٍ وُجهت له تهمة مخالفة قوانين، فهو ممثلٌ معترفٌ به لمليوني فلسطيني يحملون بطاقة هوية الدولة، ويُفترض أن يتمتعوا بحقوق متساوية مع من يماثلونهم في حمل البطاقة.
ما يتعرض له أيمن عودة سواءٌ أُلغيت عقوبته في الجلسة العامة أو لم تلغى، أصبح قضيةً بحد ذاتها، والخاسر الوحيد فيها هي الدولة العبرية، وصورتها الديموقراطية التي بُذل جهدٌ كبيرٌ وإنفاقٌ ضخم لتسويقها وإقناع العالم الغربي بها.
تهمة أيمن عودة بحد ذاتها هي دليلٌ دامغٌ على المقاييس العنصرية التي تعتمدها إسرائيل في تعاملها مع المنتخبين العرب، فما قاله ويسائل عليه قال كثيرون من أعضاء الكنيست اليهود ما هو أكثر وأفدح منه، ليس فقط في أمر تبرير قتل الأطفال الفلسطينيين، بل ومن جهةٍ أخرى، في إدانة هذا القتل، ناهيك عن معظم كتّاب الأعمدة الوازنين في إسرائيل الذين يدينون الحرب على غزة باعتبارها مجرد استثمار شخصي لنتنياهو ومن معه.
أيمن عودة والمنتخبون العرب في الكنيست، لم يدخلوا هذه المؤسسة البرلمانية بحثاً عن مزايا شخصية حتى تردعهم العقوبات بما في ذلك الطرد، بل دخلوها لاجتهادٍ منهم بأهمية المنبر، في خدمة قضايا شعبهم العادلة.
إنها قضيةٌ مدوّية لم تلحق ضرراً بأيمن وزملاءه، وبمقياس الربح والخسارة فيها فالخاسر الأكبر والوحيد هو من أثارها ومن سوف يديمها والمعني هنا الدولة العبرية.
أيمن والطيبي ومنصور، وزملاؤهم من أعضاء الكنيست العرب يعرفون مغزى وجودهم في الكنيست ولكن الذي لا يعرف حقاً هو كل من سيصوت لمصلحة طرد أيمن وربما سيصوت في قادم الأيام لطرد غيره.