خاص| الاحتلال يعترف باستهداف منتظري المساعدات في غزة.. رسالة ردع أم تمهيد لتهجير؟
في اعتراف صريح وخطير، أقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتعمّده استهداف الفلسطينيين أثناء انتظارهم للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى. إلا أن هذا الإقرار، بحسب مختصين، لا يحمل نية للمحاسبة بقدر ما يشكّل محاولة قانونية للالتفاف على مبدأ الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية، وحماية قادة الاحتلال من الملاحقة القضائية.
وفي حديث خاص لــ"رايــة"، قال مدير عام دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير، قاسم عواد، إنّ هذا الاعتراف يعتبر أحد أخطر التصريحات الصادرة عن جيش نظامي، إذ إنه يعترف بالجريمة لكنه يحاول تلطيفها بمصطلحات قانونية توحي بوجود "مخالفات لقواعد إطلاق النار"، لتجنّب المحاسبة الدولية.
وأوضح عوّاد: "الاحتلال يقول للمجتمع الدولي: نحن سنحاسب المخالفين داخليًا، وبالتالي لا داعي لأي ملاحقة قضائية خارجية، وهو بذلك يفعّل مبدأ القضاء التكميلي الذي يمنع المحاكمة مرتين على الجريمة نفسها."
ووصف ذلك بأنه استهتار بأرواح الأبرياء، وقتل جماعي مبرمج، وتحدٍ صارخ للقانون الدولي، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لوضع حد للتراجيديا المستمرة بحق الفلسطينيين منذ أكثر من 77 عامًا.
وأشار إلى أن أكثر من 600 فلسطيني استشهدوا أثناء توجههم للحصول على المساعدات الإنسانية منذ بدء العدوان، ورغم ذلك يواصل جيش الاحتلال استهدافهم، بل ويمأسس هذه العملية تحت ما يُسمّى "خطة عربات جِدعون"، وهي خطة عسكرية تتخفّى برداء إنساني.
وأضاف عوّاد أن توزيع المساعدات وفق هذه الآلية الجديدة يهدف إلى:
- دفع الفلسطينيين لمغادرة وسط قطاع غزة نحو المناطق الحدودية.
- خلق وقائع ديمغرافية جديدة تُسهّل مخطط التهجير القسري.
- إفراغ قلب القطاع من سكانه تحت ضغط الجوع والقصف.
- واغتيال الدور المعنوي لوكالة الأونروا، تمهيدًا لإنهاء القرار الأممي 194 الخاص بحق العودة.
وأوضح أن الولايات المتحدة تسعى لتمويل مؤسسة بديلة عن الأونروا بمبلغ 500 مليون دولار، في سياق خطة تهدف إلى تصفية الأونروا كمقدمة لإنهاء ملف اللاجئين سياسيًا، ودفن أصل القضية الفلسطينية.
وختم قاسم عوّاد تصريحه بالتحذير من أن ما يجري على الأرض في غزة هو مشروع كولونيالي تهجيري إحلالي طويل الأمد، تتكامل فيه الجريمة الميدانية مع التصفية السياسية والمؤسساتية.