خاص| وثيقة ويتكوف.. هل دخلت الحرب في غزة منعطف التسوية!
في خضم الحديث المتصاعد عن صفقة وشيكة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتكشف ملامح وثيقة جديدة تُعرف بـ"وثيقة ويتكوف"، والتي تتناول تفاصيل تبادل أسرى وانسحابات إسرائيلية جزئية، مقابل إطلاق سراح محتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وبحث جاد لإنهاء الحرب خلال 60 يومًا.
لكن ما وراء الكواليس يكشف عن أهداف أعمق تتعلق بمستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أنه يناور سياسيًا وقانونيًا لإنقاذ نفسه من المحاكمة، وسط ضغط أميركي متزايد لفرض حل سياسي شامل في المنطقة.
أشارت معلومات أولية إلى أن الوثيقة المعروفة باسم "ويتكوف" تنص على الإفراج عن ثمانية أسرى في اليوم الأول واثنين آخرين في اليوم الخمسين، بالتزامن مع انسحاب من مناطق محددة في غزة، وكل ذلك وفق ما وصف بـ"بروتوكول إنساني"، على أن يكون ذلك مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وإعادة انتشار للقوات الإسرائيلية، وبحث جدي لمسألة إنهاء الحرب خلال 60 يومًا.
ويبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن عن هذا التوجه بعد لقاء جمع بين ديرمر وويتكوف في واشنطن، حيث تم الاتفاق على الخطوط العريضة، كما جرت العادة في الاتفاقات السابقة، أن يتم تسويق الإعلان لاحقًا وكأن العائق الوحيد أمام التنفيذ هو موقف حركة حماس.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، اعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية فراس ياغي أن حماس موقفها واضح وصريح، يتمثل بضرورة وجود مفاوضات جدية بضمانات أميركية لإنهاء الحرب، وانسحاب إسرائيلي شامل، والاتفاق على ما بعد الحرب.
وأضاف: "بات واضحًا أن المنطقة برمتها تسير باتجاه تسوية أكبر، كما يريدها ترامب، ضمن إطار توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية، التي لا يمكن تحقيقها دون إنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة".
وحول التحولات في الموقف الإسرائيلي الداخلي، أوضح ياغي أن نتنياهو بدأ فعليًا بتغيير لهجته، حيث عاد للحديث عن أولوية إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، ويدرك تمامًا أن أي إنجاز في هذا السياق قد يمنحه فرصة ذهبية للخروج من المأزق القضائي الذي يواجهه.
وشرح ياغي أن "نتنياهو يعوّل على الضغط الأميركي لوقف محاكمته في الداخل، خاصة بعد حربه الواسعة ضد إيران، والتي أعادت له شعبية متزايدة، ويأمل أن تقود صفقة الـ60 يومًا إلى إعفائه من التهم، وهو ما يُفسر رغبة واشنطن في منحه شبكة أمان بديلة عن دعم سموترتش وبن غفير".
وأشار إلى أن الوثيقة تمثل تحوّلاً مهمًا لأنها ترتبط بالرؤية الأميركية للشرق الأوسط الجديد، وتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية، لا سيما بعد ربط السعودية ودول محورية أخرى وقف الحرب في غزة بأي تقدم في هذا الملف.
وتابع الباحث: "كل الاتفاقيات والتحولات التي قد تحدث في المنطقة مرتبطة بمصير نتنياهو، والرئيس ترامب قالها صراحة: كما أنقذنا إسرائيل، سننقذ نتنياهو".
وأوضح أن المتحدثة باسم البيت الأبيض صرحت مؤخرًا أن محاكمة نتنياهو تعرقل توسيع الاتفاقيات، في إشارة إلى أن إنهاء ملفه القضائي أصبح شرطًا أميركيًا لتحريك الملفات الإقليمية الكبرى.
وفي ختام حديثه، أكد فراس ياغي أن نتنياهو ربما يقبل بالذهاب إلى اتفاق تسوية ووقف حرب، على أن يقدَّم له مقابل ذلك عفو أو تخفيف في محاكمته، في مقابل انسحابه من الحياة السياسية لاحقًا، وهو ما ألمح إليه القاضي الأعلى في إسرائيل "إيهود باراك"، الذي قال إن العفو عن نتنياهو ممكن إذا أعلن اعتزاله السياسة.