حدود التوقعات من لقاء ترمب نتنياهو

2025-07-05 09:24:06

الأمر الوحيد الذي يبدو ناضجاً لإحراز تقدمٍ ملموس، هو صفقة غزة، أمّا ما عداها فما يزال معلقاً.

جدول أعمال اللقاء كما أُعلن من طرف إسرائيل، يحتوي ثلاث بنود، غزة.. والملف الإيراني.. ومسار أبراهام التطبيعي.

صفقة غزة

في حال تنفيذ مبادرة ويتكوف المعدّلة بتدخلٍ قطري، فهي جزءٌ من مسارٍ طويل، وحتى لو مضى حسب أفضل سيناريو يصممه الوسطاء، فإن الحسم المنشود يظل بعيداً إذا ما كان الهدف الأساس هو إنهاء الحرب، والدخول إلى اليوم التالي ومواجهة قضاياه الأكثر تعقيداً من كل ما سبق.. مثل من يحكم غزة، ومن يتولى مهام إعادة الإعمار؟ وضمن أي شروط يتم الانسحاب الإسرائيلي؟ وما هو موقع حماس والسلطة في إدارة غزة؟ ثم.. وهذا هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، كيف تكون غزة خاليةً تماماً من أي تهديدٍ أمني وعنوان ذلك اجتثاث حماس ليس من الحكم وإنما من الجذور، والسلاح في هذه الحالة هو الأساس.

هل سيبحث نتنياهو كل هذه المعضلات مع ترمب؟ البحث ممكن بين الرجلين ومساعديهم، غير أن ما هو أقرب إلى المستحيل أن يجدا حلولاً حاسمةً ولو لواحدةٍ منها.

غزة إذاً هي الأسهل إذا ما نُظر للأمر من زاوية الصفقة، ولكنها الأصعب إذا ما نُظر للأمر فيما بعد الصفقة.

الملف الإيراني

النتائج الملتبسة لحرب الإثني عشر يوماً أعادت الملف إلى ما كان عليه قبل الحرب، وحين تقر أمريكا بأن المشروع النووي لم يدمّر بالكامل، ولكن إنتاجه الحربي تأجل، وتدعو الإيراني للتفاوض، فعلى ماذا يجري البحث في البيت الأبيض مع نتنياهو؟

منطقياً ما يمكن بحثه هو كيفية تحييد إسرائيل عن أن تكون شريكةً في خيارات أمريكا لما بعد الحرب، وإذا ما نُظر لرزمة الإغراءات التي يمكن أن تعرض على إيران حال الذهاب إلى المسار التفاوضي، ومنها مثلاً رفع العقوبات أو خفضها، وما يتصل بالمشروع النووي بتحجيمه في الإطار السلمي، وإقامة علاقات تجارية واستثمارية يحتاجها الطرفان الأمريكي والإيراني، وأشياء أخرى لا نعرفها، وكل هذا لا يرضي إسرائيل، ولن يُسمح أمريكياً بأن تكون شريكاً فيه، لأن إسرائيل ومهما قاتلت وأبدعت في المجال الحربي، فالنقطة في آخر السطر هي لأمريكا، صاحبة الأجندة الإيرانية المختلفة كثيراً عن الأجندة الإسرائيلية حد التناقض.

لقد استولى ترمب على الجهد الإسرائيلي الحربي القوي والفعّال، الذي بُذل خارج نطاق المشروع النووي الإيراني، وليس في نيته مشاركة إسرائيل في الأجندة السياسية وقراراتها لما بعد الحرب، ولربما نرى في اللقاء الاحتفالي الذي سيتم قريباً في البيت الأبيض ما يؤكد نهج الرئيس النرجسي مع زيلينسكي الثاني نتنياهو، بفارقٍ لا يتعدى الصورة وخطابات الإطراء المتبادل، ويكفي وصفاً ربما يكون دقيقاً لعلاقة الرجلين، هو ما كان ترمب أعلنه قبل اللقاء من أنه مثلما أنقذ إسرائيل فسوف ينقذ العزيز بيبي الذي يلزم كأداة وليس كشريكٍ مؤثرٍ في القرارات النهائية إلا بشأن غزة.

مسار أبراهام

لا يضر ترمب أن يبحث مع نتنياهو تفصيلاً حول كل ما يتصل بهذا المسار، غير أن ما ينبغي الانتباه له وحتى البناء عليه هو أن حجر الزاوية في مسار أبراهام هي المملكة العربية السعودية، وحتى لو صدقّنا ترمب في ادعاءه بأن طابور الراغبين للانضمام إلى المسار يمتد لمعظم دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، فإن أمامنا حالتين تدلان على التبسيط المفرط فيما يقوله ترمب.

الحالة الأولى سوريا وامتدادها اللبناني، إن أقصى ما يمكن بلوغه على هذه الحالة هي اتفاقات وتفاهمات أمنية مجالها الحدود مع وعود بأن يصل الأمر في وقتٍ ما إلى التطبيع، وهذه مسألة تختلف كثيراً عن رؤية أعلام إسرائيل في دمشق وبيروت، فما زلنا فيما كانت الأمور عليه، حين كان الأسد يحكم ثم الشرع، والأمر هنا لا يلغي التغيير الهائل الذي حدث في سوريا، وكيف أثر على المنطقة بأسرها، غير أنه في مجال مسار أبراهام والتطبيع المماثل لما حدث مع الدول المطبعة، فما يزال الأمر بعيداً حتى لو بدا أنه غير مستحيل.

الحالة الثانية وهي المفصلية منذ بداية مسار أبراهام، وهي الحالة السعودية التي فترت الرغبة الإسرائيلية في التطبيع معها بفعل فداحة الثمن الذي يتعين على الدولة العبرية دفعه جرّاء رؤية العلمين في الرياض وتل أبيب، فهل بوسع ترمب ونتنياهو تذليل العقبة السعودية التي هي في الأساس ليست مجرد سعودية؟

وهل لدى نتنياهو الجاهزية للدخول في مسار تطبيعٍ مع المملكة دون تقديم الاستحقاق المطلوب؟

لقاء واشنطن بين ترمب ونتنياهو ربما يُنتج انضاجاً للصفقة الجزئية التي يجري الحديث عنها الآن، أمّا فيما تبقى من ملفات فقد يجري بحثها دون الاقتراب من حسمها، والعلة الأساسية هي في إسرائيل المصابة حكومتها بجنون العظمة بحيث تريد كل شيء دون أن تقدم أي شيء، وكذلك في أمريكا التي في شأن التسوية الفلسطينية ما تزال تمنح إسرائيل حق الفيتو على أي أمرٍ يتعلق بحلها... وسنرى