"أمان" لراية: قانون المنافسة الجديد خطوة مهمة طال انتظارها
بعد سنوات من المطالبات الشعبية والمؤسساتية، صدر قرار بقانون رقم (11) لسنة 2025 بشأن تنظيم المنافسة في السوق الفلسطينية، في خطوة وُصفت بأنها الأهم على صعيد السياسات الاقتصادية منذ سنوات، خاصة في ظل تفشي الغلاء والاحتكار وغياب الرقابة الفعالة.
ائتلاف "أمان" رحّب بإقرار القانون، لكنه حذّر في ذات الوقت من عدد من الثغرات الجوهرية التي قد تُفقد القانون فاعليته في حماية المستهلك وضبط السوق.
واعتبر المستشار القانوني لائتلاف أمان، بلال البرغوثي، القانون "الأهم منذ سنوات" من حيث أثره المباشر على حياة المواطنين، موضحًا: "المستهلك الفلسطيني يدفع أثمانًا باهظة في مجالات حيوية كالوقود، الاتصالات، واللحوم… والسبب الرئيسي هو غياب قوانين فاعلة ضد الاحتكار."
وأوضح البرغوثي في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية أن القانون يهدف إلى حماية السوق من الاحتكار، وضمان المنافسة العادلة، ورفع جودة السلع وخفض أسعارها، وتشجيع الاستثمار وتعزيز قدرة المنتج الفلسطيني على التصدير.
أوجه القصور: غياب الشفافية وضعف الردع
ورغم أهميته، يسجّل ائتلاف أمان عدة ملاحظات أساسية تهدد فاعلية القانون:
1. غياب التشاور المجتمعي
القرار بقانون صدر دون إشراك حقيقي من النقابات، القطاع الخاص، أو مؤسسات المجتمع المدني.
"نهج تغييب الشفافية بات سياسة دائمة منذ حل المجلس التشريعي عام 2007"، يقول البرغوثي.
2. ضعف استقلالية لجنة المنافسة
اللجنة تخضع لوزارة الاقتصاد، مما يُفقدها الحيادية المطلوبة.
في معظم الدول، توجد هيئة مستقلة لمراقبة المنافسة، كما هو الحال في مصر والإمارات وسوريا.
"تبعية اللجنة للسلطة التنفيذية تجعلها عرضة للتأثيرات السياسية وتزاوج المال بالسلطة"، بحسب أمان.
3. عقوبات لا ترتقي إلى مستوى الردع
الحد الأقصى للعقوبة: 70 ألف دولار فقط.
"في حال احتكار شركة اتصالات أو مستورد للسلع، يمكن أن تجني ملايين الدولارات، فهل تردعه غرامة بسيطة؟" يتساءل البرغوثي.
بعض العقوبات لا تتجاوز 5000 دولار.
4. صلاحيات استثنائية غير منضبطة
يُمنح للجنة حق استثناء بعض الحالات من القانون دون معايير واضحة.
ما يفتح الباب أمام شبهات فساد، ومحسوبية، وتجاوز القانون.
"هذه الصلاحيات يجب أن تُقيد بتشريعات ثانوية واضحة، تُنشر للعموم، وتُفتح للطعن قبل تنفيذها."
التوصيات: من أجل قانون فاعل وعادل
وقدّم ائتلاف "أمان" يحزمة من التوصيات لضمان فاعلية القانون:
- تسريع إصدار الأنظمة التنفيذية من قبل مجلس الوزراء.
- مراجعة العقوبات ورفع سقفها لتكون رادعة فعليًا.
- ضمان استقلالية لجنة المنافسة وتحصينها من تدخلات السلطة التنفيذية.
- ضبط الصلاحيات الاستثنائية بضوابط معلنة ومفتوحة للنقاش والرقابة.
- العودة إلى التشاور المجتمعي في كل ما يتعلق بتعديل أو تطبيق القانون.
انطلاقًا مما سبق، جدد ائتلاف أمان تأكيده على أهمية هذا التشريع وضرورة التعجيل في تطبيق أحكامه، مع التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة إخضاعه لمراجعة لاحقة، تُمكِّن من معالجة الثغرات المذكورة.
كما دعا الائتلاف إلى إصدار التشريعات الثانوية المكمّلة له، بما يتضمن وضع معايير وضوابط واضحة لاستخدام الصلاحيات الاستثنائية، وذلك لضمان الشفافية، وتعزيز الثقة في منظومة المنافسة، وضمان حماية حقيقية للمستهلك والسوق الفلسطينية.