خاص| غزة تحترق ليلًا ونهارًا.. و97 شهيدًا في يوم واحد بينهم أجنة انتُزعوا من الأرحام

2025-07-10 09:07:59

وسط تصعيد غير مسبوق في قطاع غزة، وبين القصف والنزوح وانهيار البنية الصحية، يواصل الغزيون صمودهم في وجه الموت اليومي. الزميلة الصحفية "أمل الحبيبة" من غزة ترسم في حديث خاص لـ"رايــة" مشهدًا مؤلمًا ومركبًا لمأساة لا تزال فصولها تتراكم يومًا بعد آخر.

قالت الزميلة أمل: "أحاول أن أُجمِل الصورة بشكل عام، ودائمًا ما أتساءل: من أين أبدأ؟ قبل أن تتوجه غزة لليلة أمس نحو النوم ـــ ذلك النوم الذي لا تعرفه منذ عامين ـــ وردت إحصائية تشير إلى أن القطاع ودّع يوم الأربعاء 97 شهيدًا في مناطق متفرقة".

وأضافت: "هؤلاء من وصلت جثامينهم وتم التعرف عليهم في المستشفيات والنقاط الطبية، عدا العشرات ممن لا يزالون تحت الأنقاض أو مفقودين أو تبخّروا حرفيًا ولم يُعرف عنهم شيء حتى اليوم".

وأوضحت: "لكن الفارق الصادم هذا اليوم كان في مشهد الأجنّة الذين أُخرجوا من بطون أمهاتهم. هنا، نُسأل: كيف قتلونا قبل أن نُمنَح الحياة؟ جنينٌ مقطوع الرأس حُمل في كفّ أحد الجيران! لا مكان آمن حتى في رحم أمه".

وتابعت: "هذا هو المشهد الأول: دماء 97 شهيدًا، 97 روحًا، حلمًا، وحكاية. لكن مع تكرار الموت في غزة، لم نعد نسمع عن تفاصيل هذه الحكايات، فقط نتأكد في كل مرة أن الاحتلال لا يفرّق بين حلم وضحية".

وقالت في وصفها للواقع: "المدينة فعليًا تحترق طيلة الليل. أصوات الانفجارات لم تتوقف، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى قلب المدينة".

وأضافت: "وفي خيمة صغيرة، وقف أحد المصابين حاملًا في يده اليمنى كيس دم يرفعه بكل طاقته ليصل إلى أمّه المصابة الممددة على الأرض. هذه الأم لم تجد سريرًا ولا رعاية، ولا حتى أملًا في النجاة".

وتابعت: "هذا هو الخبر الآخر: طفل يحمل الحياة لوالدته...".

وفي وصفها ليوميات القطاع قالت: "في النهار، نحن مشغولون بملاحقة الضروريات. لا نسأل عن الهدنة، بل عن سعر كيلو الطحين. المواطن يرى أحدهم يحمل كيس طحين فيسأله: بكم الكيلو؟ لم نعد نسأل عن الكيس، بل الكيلو!"

وأضافت: "وفي خضم هذا التيه، يخرج علينا ترامب مجددًا قائلاً إن هناك فرصة للوصول إلى تسوية بشأن غزة، ثم يكرر جملته الشهيرة: الأسبوع المقبل".

وتساءلت: "أي أسبوع مقصود؟ أهل غزة سئموا هذا التصريح الذي تردد علينا منذ شهرين".

وقالت: "في ظل انعدام الماء والكهرباء، نبحث عن جالون ماء، عن حطب لم يعد موجودًا، إذ جُرفت الأشجار من الاحتلال، وما تبقى منها أحرقه المواطن ليعد وجبة للنهار".

وأضافت: "نعيش معارك يومية: فقدان السيولة، ارتفاع العمولة، وتجّار الحروب الذين يشاركون الاحتلال في قتلنا".

وحول المشهد السياسي، تابعت: "ثم نعود للسؤال: ماذا عن الهدنة؟ العواجل والتصريحات تنهال، لكن الناس لم تعد تصدق شيئًا. رئيس أركان الاحتلال يقول إن شروط وقف إطلاق النار متوافرة، ولكن الواقع لا يدل على شيء سوى تصعيد المجازر واستمرار الإبادة".

وقالت: "نسمع أصواتًا غريبة في سماء غزة، ونرى روبوتات متفجّرة. حتى الأجواء أصبحت غامضة، والقلق مستمر".

وأضافت: "ثم يظهر خبر عاجل: إصابة طفل بالتهاب السحايا. منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود يحذرون من انتشار الأمراض نتيجة الحرب، المعيشة بالخيام، والاكتظاظ".

وختمت حديثها بالقول: "رغم السواد، نحاول دائمًا أن نتمسك ببصيص أمل. اليوم الخميس، أطلقت العشائر بالتعاون مع وزارة الصحة في غزة حملة تبرع بالدم استجابة لنداء عاجل لإنقاذ الجرحى، في ظل منع الاحتلال لدخول المستلزمات الطبية".

وأضافت: "هذا هو الخبر الأخير. بصيص أمل يظهر من داخل الجحيم: ما زال في غزة خير كثير، من أهلها هنا، أو في الخارج، أو في الضفة، أو الداخل المحتل".